عدت الى لندن قبل يومين بعد رحلة صيف طالت ثلاثة اسابيع وكانت عملاً كلها باستثناء آخر يومين في عمان حيث حضرت مناسبة اجتماعية وفّرت لي فرصة لقاء ألف صديق. الرحلة بدأت في الرياض باجتماع مع الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، كان فاتحة خير، وقد سجلت ما فعلت بعد ذلك قبل وصولي الى عمان التي كانت محطتي الأخيرة، فلا أعود الى شيء سجلته، وإنما ازيد اليوم مشاهدات على الطريق الى العاصمة الأردنية وفيها: - كنت اخترت للقراءة في الطائرات خلال الرحلة كتاب "الصخرة" للعراقي الأميركي كنعان مكية، ووجدت معي رواية تاريخية عن فتح القدس لا تخلو من جمال وبحث دقيق، إلا انها اثارت غيظي والكاتب يقول ان معبد سيدنا سليمان قام على الصخرة المقدسة يوماً، ويبني روايته على ذلك. اين هو هذا المعبد؟ علماء الآثار الإسرائيليون في مؤسسات الحكومة والجامعات يقولون ان هذه القدس ليست تلك المدينة المقدسة، والمتدينون من الإسرائيليين لم يعثروا على اثر يهودي واحد مهم منذ قيام اسرائيل، مع ذلك كان يجب ان أقدر ان مكية، وهو صديق المحافظين الجدد والأستاذ في جامعة برانديز، سيحاول ان يطلع بشيء يهودي يرضي اصدقاءه، وروايته على لسان اسحق، ابن كعب الأحبار، الذي رافق الفاروق عمر الى القدس. - طلب مني في دبي ان اشارك في برنامج "السلطة الرابعة" في تلفزيون "العربية"، وفوجئت بمقدمة البرنامج تحتضنني وتقول "عمّو، عمّو"، واكتشفت انها راوية العلمي، وهي ابنة اصدقاء وأهل من ايام الدراسة. وفي حين سرّني ان ارى راوية تعمل وتنجح، فإن "عمّو" حزت في نفسي، وفكرت ان اخاطبها خلال البرنامج الحي بكلمة "عمّو"، غير انني عدلت خوفاً من عمّتها. - قضيت يوماً واحداً في دمشق، ورأيت في بهو الفندق الصديقين الدكتور فواز الأخرس وفؤاد تقلا ومعهما وفد من النواب البريطانيين قابل الرئيس بشار الأسد وطاف بالبلاد، وزار تدمر، ضمن برنامج نظمته جمعية الصداقة البريطانية - السورية. ورأيت ضمن الوفد مايكل بورتيلو، النائب المحافظ عن تشلسي وكنزنغتون في لندن حيث اقيم. وأفهمته انني انتخبته، وأن عندي اسرة من خمسة اشخاص إذا اراد اصواتنا فعليه ان يراعي الأخوان السوريين. وفجعت بعد يومين بخبر وفاة الصديق فؤاد تقلا بعد عودته والوفد الى لندن. وهو ترك فراغاً كبيراً وسط حلقة اصدقائه وحزناً اكبر. رحمه الله. - منذ قيام الشراكة بين جريدتنا "الحياة" والفضائية اللبنانية LBC وأن أسمع ثناء على مستوى التغطية الخبرية، خصوصاً خلال الحرب على العراق. وكنت في حفلة زفاف محمود ملحس وسلافة حنون في عمان، وهناك حوالى 800 مدعو عندما تبادلت حديثاً مع السيدة منى الهراوي، وهي امتدحت بحماسة عمل الشراكة في نقل الأخبار بموضوعية ومهنية وأمانة. وانتقلت للجلوس مع السيدة إلهام الياسين، والدة الملكة رانيا، وهي صديقة عزيزة، وفوجئت بأنها تكرر، من دون طلب، رأي السيدة اللبنانية الأولى السابقة في شراكة "الحياة" وLBC. وأعرف ان "واشنطن بوست" لا تنشر خبراً إلا اذا تحققت منه عبر مصدرين، احدهما منفصل، او مستقل، عن الآخر. وكما يرى القارئ فقد اثبت نجاح الشراكة عبر هذين المصدرين. - وجدت مصدرين يتفقان في موضوع آخر، فرجلا اعمال اردنيان، اعتبرهما بين انجح عشرة رجال اعمال في الأردن والمنطقة العربية قالا لي ان حكومة المهندس علي ابو الراغب ربما كانت الأفضل على مدى ثلاثين سنة من الحكومات الأردنية. وأبدى احدهما رأيه في عشاء والآخر على فنجان قهوة في الصباح التالي. وبما انني اعرف ان رجلي الأعمال الصديقين لا يمتان بأي قرابة لرئيس الوزراء، فإنني اقبل حكمهما. وكان السيد ابو الراغب في حفلة الزفاف وتبادلنا حديثاً سريعاً عن قمتي شرم الشيخ والعقبة، وما يتوقع منهما، إلا انني لم أنقل إليه ما سمعت عن حكومته. - لن أثقل على القارئ بقائمة اسماء، فهذه العجالة ستضيق عنها، ولكن أسجل سعادتي برؤية الصديق عقل البلتاجي، فقد وجدته في احسن حالاته بعد ان اعطت قمة العقبة المدينة التي يترأس سلطتها الاقتصادية وهجاً إعلامياً نادراً. وكنت قبل ذلك ضيف الغداء إلى مائدة الدكتورة رويدا المعايطة، وزيرة التنمية الاجتماعية، التي اجتمعت بها قبل ذلك في بيروت ضمن نشاط مؤسسة الفكر العربي مع السيدة بهية الحريري النائبة عن صيدا. وضم غداء عمان عدداً متساوياً من السيدات والرجال، بينهم الصديق محمد العدوان، وزير الإعلام الذي لا يحول عمله او عملي دون قيام الصداقة، وإنما يعززها. وأخيراً، فقد جلست مع الدكتور مروان المعشر، وزير الخارجية، في بهو الفندق وسألته عن قمة العقبة وغير ذلك من أخبار. وتجمع الأصدقاء حولنا، وكل واحد يسأل والوزير يجيب بصبر، وأنا أسجل ما أسمع. وقد نشرت قليلاً من حديثه امس. وتركت عمان السبت، فوجدت في الطائرة امامي العروسين باسم وسلافة، في طريقهما لقضاء شهر العسل. ونفدت اعداد "الحياة" التي قدمتها المضيفة في الجزء الأمامي من الطائرة. ورأيت باسماً يقرأ لعروسه زاويتي ذلك اليوم، وآخر سطرين فيها يقولان ان الزوجة هي سلاح الدمار الشامل الوحيد في العالم. وسأسحب كلامي هذا عندما تعترف الولاياتالمتحدة وبريطانيا بالكذب في موضوع وجود هذه الأسلحة في العراق.