مد الرئيس الاميركي يده الى حلفائه الاوروبيين الراغبين في التصالح معه بعد خلافات الحرب على العراق، ومع انه قال ان الولاياتالمتحدة تريد "تحالفاً قوياً مع اوروبا" و"نحتاج الى مساعدة اصدقائنا وحلفائنا ونصحهم وحكمتهم للتوصل الى اهداف الامن والسلام والامل بالنسبة الى الدول النامية"، إلا أنه كان واضحاً في تمسكه بالمعايير الاميركية ل "التحالف". لكنه اعتبر ان "ظهور خلافات جديدة ينبغي ان لا يقضي على المبادىء والواجبات التي نتقاسمها". اختار بوش ا ف ب ان يدلي ب "خطاب المصالحة" من بولندا التي وقفت الى جانب اميركا في حربها على العراق، وشكر الرئيس البولندي الكسندر كواشنيفسكي على مواقف بلاده، كأنه يدل الآخرين الى النموذج الاوروبي الذي تفضله واشنطن، خصوصاً ان الرئيس البولندي ردّ بالقول ان "الولاياتالمتحدة تحتاج الى اوروبا موحدة واوروبا تحتاج الى الولاياتالمتحدة". وركز بوش خطابه في ساحة قصر فافيل الاثري في وسط مدينة كراكوفا على مسألة الارهاب، فقال ان "على اميركا والدول الاوروبية ان تواجه تهديد الارهاب الدولي"، مشيراً الى ان كل دولة "واجهت خيارات صعبة بشأن استخدام القوة للحفاظ على السلام، وقد عشنا الوحدة والبحث عن اهداف مشتركة، كما شهدنا نقاشات كان بعضها صحياً والاخر مثيراً للخلاف والانشقاق". وتطرق الى الاطلسي قائلاً انه تم تحقيق الهدف الاميركي المتمثل في جعل الدول التي كانت تدور في الفلك السوفياتي سابقاً جزءاً من حلف الاطلسي، واشار الى ان بلاده ترغب اليوم في "تحالف قوي بين جانبي الاطلسي"، وفي حلف قادر على التحرك "ابعد من حدود اوروبا". واضاف: "هذا هو الوقت المناسب لكي نتحد جميعاً في الدفاع عن الحرية ... وليس وقت تشجيع الانقسامات داخل تحالف عظيم"، معتبراً ان الوحدة "ضرورية لمواجهة الارهاب ولتحقيق تقدم في قضايا السلام". إلا ان خطابه لم يخل من انتقادات ضمنية للحلفاء الاوروبيين، خصوصاً بشأن المساعدة في عملية التنمية ومكافحة الايدز والمجاعة. وتحولت احتفالات سان بطرسبورغ في الذكرى المئوية الثالثة لتأسيسها الى تظاهرة كبرى لتقريب وجهات النظر، وانعقدت أمس أول قمة صينية يابانية كرست لكسر الجمود في علاقات البلدين، فيما يترقب الجميع لقاءات الرئيس جورج بوش اليوم ليتعرفوا الى مدى صدقية التغيير في اللهجة الاميركية خصوصاً حيال قادة روسيا والمانيا وفرنسا الذين سيلتقيهم للمرة الأولى منذ الحرب على العراق. ووصل بوش الى سان بطرسبورغ آتياً من بولندا حيث زار معتقل اوشفيتز - بيركيناو النازي. وقال ان "هذا المكان يذكرني بقوة الشر وبضرورة ان يقوم الناس بالتصدي له". ووجه بوش من بولندا، العضو في حلف شمال الاطلسي التي ارسلت جنوداً للقتال الى جانب الاميركيين في العراق، دعوة الى تعزيز الحلف. ورأى انه على الحلف ان "يبدأ بالتحرك ابعد من حدود اوروبا"، كما فعل في افغانستان. وكان مسؤولون اميركيون اعربوا في الاسابيع الاخيرة عن رغبتهم في أن يكون للحلف الاطلسي دور في العراق. وادلى بوش بتصريحات في الاتجاه نفسه، إلا أنه لا يحظى بموافقة كل اعضاء الحلف كما لم يلق صدى جيداً في موسكو. وفي ثاني أيام الاحتفالات الرسمية بذكرى تأسيس بطرسبورغ شهدت أماكن اقامة رؤساء أكثر من أربعين دولة حركة نشطة وجرت العديد من اللقاءات الثنائية والمتعددة الأطراف بعيداً عن أعين الصحافة، وشكلت القمة التي جمعت الرئيس الصيني هو جينتاو مع رئيس الوزراء الياباني كويزومي أول اختراق تشهده المناسبة. وأبدت مصادر الوفد الياباني ارتياحاً الى "أجواء ودية للغاية" سادت اللقاء الذي ناقش الطرفان خلاله العلاقات الثنائية والملف الكوري اضافة الى خطط إنشاء خط سكة حديد يربط بين بكين وشنغهاي. وعرضت اليابان مساعدات على الجانب الصيني لمواجهة انتشار وباء "السارز". كما انعقد أمس للمرة الأولى اجتماع مجلس روسيا الاتحاد الأوروبي بحضور كل الدول الأعضاء بما في ذلك الدول المرشحة للانضمام الى عضويته. وتخلل القمة بعض التوتر عند التطرق الى مسألة التأشيرات بين الدول. وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من إعادة تقسيم أوروبا، وشجب "جدار شينغن الجديد" الذي يفصل بين اوروبا وروسيا، معرباً عن اسفه للتقدم الضئيل في المفاوضات حول الغاء التأشيرات بين الطرفين. وكان بوتين افتتح أمس على ضفة نهر النيفا الاحتفال الرسمي بحضور جميع ضيوفه بمن فيهم الرئيس بوش الذي كان آخر القادمين الى بطرسبورغ. وينتظر أن يتحول بوش الى "نجم اللقاءات الثنائية" اليوم الأحد، اذ يلتقي بوتين والمستشار الألماني غيرهارد شرويدر والرئيس الفرنسي جاك شيراك، وسيكون الملف العراقي أبرز محاور البحث اضافة الى الوضع في الشرق الأوسط. وكان بوتين أكد انه "ينتظر بفارغ الصبر" لقائه مع الرئيس الأميركي، فيما وصف بوش خلال حديثه أمس الى قناة "روسيا" التلفزيونية محادثاته مع قادة المعسكر الذي عارض الحرب على العراق بأنها ستكون بناءة. وأشار الى وجود "رغبة حقيقية في التعاون لدى جميع الأطراف"، على رغم الخلاف الذي كان قائماً في وجهات النظر حول العراق.