أقدر كثيراً من كان له ملاحظات على ما نشرته في "الحياة" و"القبس"، يوم السبت 3 أيار مايو الجاري في عنوان "الزبير: بداية تجمع حضري نجدي في العراق ونهايته". وأود أن أوضح ان ما نشر لا يعتبر دراسة تاريخية كاملة وانما كان الى حد كبير ناتجاً من معرفة مباشرة بتجاوب كثير من العائلات التي هاجرت من نجد الى العراق واتخذت من الزبير إما مكان اقامة دائماً أو محطة انتقلت منها الى مدن البصرة والعمارة والخميسية وسوق الشيوخ والناصرية وبغداد. وحول تاريخ التعليم في الزبير أود التنويه هنا أنه قد ورد خطأ في ما نشر ان مدرسة النجاة أسست عام 1921 والصحيح انها تأسست عام 1908 وأسسها المرحوم الشيخ محمد الشنقيطي الذي هاجر اليها من شنقيط في موريتانيا وساهم كذلك في تأسيس المدرسة المباركية في الكويت. كما رأينا أن يكون ما تم نشره فرصة لتوضيح ان الهجرات النجدية لم تكن أبداً مقصورة على الزبير أو المدن التي ذكرناها بل كانت عملية مستمرة غطت الكويتوالعراق والشام وفلسطين ومصر، وان هذه الهجرات بدأت تتراجع بعد نشوء الدول الحديثة وتخطيط الحدود، وأن بُعد المسافات وصعوبة السفر آنذاك أديا الى اندماج كثير من هذه الهجرات في مجتمعاتهم الجديدة التي يمكن تتبع أثرها بملاحظة تطابق أسماء العائلات، ليس بين الزبير وسوق الشيوخ من جهة ونجد من جهة أخرى، وانما أحياناً بين عائلات نجدية وأخرى في بلاد الشام ومصر. وأن أسماء عائلات مثل "العقيلي" نسبة الى عمل أجدادهم النجديين تتكرر في مدن عراقية وسورية وفلسطينية، إلا أن ما ميز حال الهجرات النجدية الى الكويت والزبير وسوق الشيوخ مثلاً حداثتها النسبية، حيث أن معظمها تم خلال القرنين الأخيرين وأن كثيراً منها احتفظ بنوع من التواصل مع المدن والقرى النجدية التي هجرها الأجداد. وما كان لهذه الهجرات أن تتوقف لولا اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية والازدهار والاستقرار السياسي الذي عم هذه البلاد فحولها الى دولة جاذبة للهجرات من أجل العمل والاستقرار الدائم. هذا ما دفع النجديين في الزبير ومدن عراقية أخرى الى قيامهم بهجرة عكسية بدأت في الأربعينات من القرن الماضي ووصلت أوجها بعد صدور قرار من وزارة الداخلية في السعودية في مطلع السبعينات منح النجديين المقيمين في العراق فرصة استعادة جنسية بلادهم الأصلية. ودفعني للكتابة في هذا الموضوع ان المآسي والعذابات التي مر بها العراق خلال الأيام الأخيرة والتي أدت الى تحريره من نظام متسلط، شهدت كذلك نهاية لآخر تجمع نجدي في الزبير كان مكوناً من عائلات ظلت هناك على رغم أن معظم أفرادها يعيش في السعودية. وقد تم نقل هؤلاء في ظروف صعبة عبر الكويت الى السعودية. وصعوبة العملية هذه، ترجع الى انها تمت قبل سقوط بغداد وفي وقت كانت الحال الأمنية في جنوبالعراق محفوفة بمخاطر كثيرة. ان هؤلاء الزبيريين الذين شملتهم عملية النقل، أهلهم يودون نقل شكرهم وتقديرهم لكل من ساهم في هذه العملية. ويخصون بالشكر في الكويت الشيخ صباح الأحمد والشيخ محمد الخالد والشيخ أحمد الفهد وأخاه الشيخ عذبي السيد عبدالعزيز البابطين. ويقدرون بالشكر كذلك كل من احتضنهم في السعودية ويخصون بالشكر الأمير نايف بن عبدالعزيز والأمير أحمد بن عبدالعزيز اللذين كان للتسهيلات التي منحاها الأثر الكبير في نجاح عملية التحاقهم بأهلهم وذويهم. الكويت - حامد الحمود العجلان