تشبّثت سمر بوالدها وهي غير متأكدة من أنها ستكون في مأمن عندما تنضم الى صديقاتها في أول يوم مدرسي في بغداد بعد الحرب التي ملأت نفسها خوفاً من المسلحين والقتلة. قالت سمر 8 سنوات بصوت مضطرب وهي تستعيد ذكريات ما حدث خلال الاسابيع الماضية عندما فتح مسلّح النار على السيارة التي كانت تستقلها مع والدها "أنا خائفة جداً، ربما يحاولون اطلاق النار عليّ مرة ثانية". وسمر واحدة من تلاميذ عراقيين كثيرين عادوا الى مدارس بغداد امس في تحرك وصفه بعضهم بأنه خطوة جديدة لإعادة الحياة الى سيرتها الاولى في العراق. وحرص الآباء على مرافقة اطفالهم الى المدارس خوفاً على سلامتهم. وهناك استقبل المدرسون التلاميذ في فصول لا تزال تحمل آثار الحرب حيث تناثر في بعضها بقايا زجاج النوافذ المحطمة. وقال غزوان المختار وهو والد تلميذ في احدى مدارس اليسوعيين وسط بغداد: "الرسالة التي نريد نقلها هي اننا هنا لإعادة بناء بلادنا بعد الدمار وهذا أهم شيء". وأضاف: "اعادة تشغيل النظام التعليمي سواء تشكلت الحكومة الجديدة أم لا عمل مهم جداً". وكانت المدارس العراقية أُغلقت في 20 آذار مارس عندما بدأت الولاياتالمتحدة حربها على العراق. وسقطت بغداد في 9 من نيسان ابريل وتحاول القوات الاميركية ومسؤولون محليون حالياً اعادة النظام الى مدينة يشيع فيها انعدام القانون. ويقول المدرسون ان استئناف العملية التعليمية ليس إلا خطوة صغيرة لتسوية مشاكل كبيرة في النظام التعليمي للعراق. وطلبوا إعادة تقويم جذرية لمناهج الدراسة التي تهيمن عليها منذ عقود مواد في الوطنية والاشادة بصدام وانجازاته وايديولوجية حزب البعث. ومُزّقت معظم الكتب الدراسية التي تحمل في طياتها صور صدام الذي حكم العراق بقبضة من حديد طوال عقود. وأزيلت صور الرئيس المخلوع من على جدران الفصول في كثير من المدارس. ويخشى المدرسون ايضاً من انهم قد لا يحصلون على رواتب في ظل غياب الحكومة المركزية، ما قد يجبر كثيرين منهم على البحث عن عمل آخر. وحصلت مجموعة "كرييتف اسوشييتس انترناشونال" ومقرها الولاياتالمتحدة في 11 نيسان ابريل على عقد مبدئي لمدة عام بقيمة مليون دولار لتطوير النظام التعليمي في العراق. وقالت انها تخطط لإعادة كل تلميذ عراقي الى المدرسة بحلول الاول من تشرين الاول اكتوبر المقبل. وأعلنت المجموعة الخميس ان عقدها يتضمن توفير مواد دراسية مثل الاقلام والأوراق والكتب والأثاث ودورات تدريب للمدرسين والدورات التعليمية لمساعدة التلاميذ الذين اضطرب تعليمهم. كما ستحاول المجموعة تعزيز نظام تعليمي اكثر ديموقراطية. غير انها لن تعيد كتابة مناهج المقررات العراقية حيث ستؤول هذه المهمة الى وزارة التعليم العراقية الجديدة بعد تشكيلها. وستتولى الحكومة العراقية الجديدة ايضاً دفع رواتب المدرسين الذين يخشون من ان كثيراً من التلاميذ سيواجهون كوابيس ومخاوف من الصعب تهدئتها. وقالت المدرسة مها محمد: "انها بداية محاولة لإعادة الحياة الى طبيعتها مرة ثانية… لكن الأمر قد يستغرق وقتاً طويلاً". وفي البصرة، أعلن مسؤولون في ادارة التربية امس ان المدارس في جنوبالعراق فتحت أبوابها بعد إقفال استمر نحو شهر ونصف الشهر بسبب الحرب. وقال محسن الشاوي في تصريح: "حتى ولو لم تتشكل حكومة عراقية بعد فإن جميع المؤسسات التربوية أعادت فتح ابوابها في البصرة وأنحاء المحافظة لأن الأمر يعتبر من الاولويات بالنسبة إلينا". ولم يحدد اي موعد بعد لإعادة فتح الجامعات. واضاف المسؤول التربوي العراقي ان "95 في المئة من المدارس تعرضت للنهب" بعد سقوط نظام صدام حسين إلا أنه أعلن ان النقص في الأثاث لن يحول دون اعادة العمل في المدارس. واضاف ان الكتب التي كانت معتمدة في عهد صدام حسين ستبقى معتمدة اليوم مع حذف الصفحات التي تتكلم عن النظام السابق. وعلى هذا الاساس اجتمع المسؤولون في دائرة التربية وأبعدوا الفريق السابق الذي كان يضم اعضاء في حزب البعث وشكلوا ادارة جديدة. وشوهد الكثير من الطلاب في شوارع البصرة امس وهم يتوجهون الى مدارسهم.