من سرق من عيني علي البراءة؟ من انتزع من طفولته وأشواقه؟ من بعثر جسد علي؟ وصوله جسداً بلا اطراف؟ الجسد الصغير ممدد على سرير، يفتح عينيه، رموشه، فمه، يرفع حاجبيه. ملامح وجه طفولي بريء وجميل. الغابة لها شريعتها. المجتمع البشري غابة لها شريعتها. في الغابة البشرية وحوش كاسرة. وحوش البرية لا تحاكيها في عنفها ووحشيتها. وحش الغابة يصطاد الفريسة، يأكل، يشبع، ينام، الوحش البشري يأكل ولا يشبع. ويشعل نيران الحروب من اجل حقل نفط او منجم ذهب. هكذا تأمل الشاعر الأميركي والت واتمن المجتمع البشري. كما تراودني نفسي ان اعيش مع الحيوانات/ فهي رابطة الجأش مطمئنة البال/ وإني لأقف وأطيل النظر إليها/ فلا أراها حزينة على حالها/ ولا تستيقظ في الظلام لتنوح على خطاياها/ ولا تثير غضبي بمناقشة واجبها نحو الرب/ وليس بينها ساخط/ ولا من ابتلي بجنون اقتناء الأشياء؟/ ولا من بينها احد يركع لأحد/ ولا لجنسه الذي عاش منذ ألوف السنين. ألم يحول صدام حسين العراق الى مبعد اوثان؟ أنصابه تملأ الساحات والأمكنة. من بعثر من علي اجزاءه غير السياسة الخرقاء لحاكم مستبد أدخل العراق في حروب لا تنتهي؟ الخراب والدمار اللذان اصابا بلد الخضرة والماء، بلد النهرين، هما ابنا الطيش والصلب والغرور. والحرب ويلات. وحين كان ميخائيل نعيمة، جندياً في الحرب العالمية الأولى، وقف حارساً على باب مستشفى ميدان بين جرحاه جندي في السادسة عشرة مصاب بجروح بالغة. كان طوال الليل يئن ويردد: ماما! ماما! ألم يسمع تجار الحروب من اجل آبار نفط ومناجم الذهب ضراعة الفتى؟ طرابلس - محمد زهري حجازي عضو اتحاد الكتّاب اللبنانيين