أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن الجهات الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية كانت واسطة التعارف بين الولاياتالمتحدة وزعيم "المؤتمر الوطني العراقي" أحمد الجلبي. وكتبت ان "العلاقات الحميمة" بين الجلبي وأقطاب الدولة العبرية، سياسيين وعسكريين، تعود إلى 13 سنة، وأنه زار تل أبيب أكثر من مرة وأقام فيها تحت اسم مستعار. وأشارت إلى أن "بداية العلاقات كانت عام 1990 بلقاء بين موظف في وزارة الدفاع الإسرائيلية والجلبي عقد في لندن، تناولا فيه الخريطة السياسية الجديدة التي يمكن رسمها في حال إطاحة نظام صدام حسين"، وأن "الجلبي أكد أن النظام الجديد الذي يحلم بإقامته في بغداد سيحمل لواء الديموقراطية في المنطقة". وتابعت الصحيفة أن لقاء آخر عقد في العام ذاته بين الجلبي ورئيس قسم البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية الميجر جنرال داني روتشيلد، ركز أساساً على حاجة إسرائيل لمعلومات استخباراتية عن أسرى وجنود مفقودين، و"التزم الجلبي توفير مثل هذه المعلومات بفضل علاقاته مع إيران، لكنه لم يف" وعده. وعلى رغم خيبة الأمل الإسرائيلية من الجلبي "العبقري" و"الفذ"، كما وصفه كل من التقاه من الإسرائيليين، استمرت اللقاءات معه "وأوصت الجهات الأمنية الإسرائيلية، الإدارة الأميركية وكبار مسؤولي وكالة الاستخبارات الأميركية احتضان الجلبي ورعايته، وهذا ما حصل تحت كنف مدير الوكالة آنذاك جيمس ولسي". وأشارت الصحيفة إلى "زيارات سرية كثيرة قام بها الجلبي لإسرائيل"، شملت ضمن أمور كثيرة، "لقاءات مع يهود عراقيي المولد، لكنها ابتغت أساساً تجنيد مسؤولين إسرائيليين لحض الولاياتالمتحدة على تقديم الدعم المالي للمؤتمر الوطني". وأضافت "ان الجلبي التقى وزير الدفاع في حكومة بنيامين نتانياهو، اسحق موردخاي، الذي نجح واللوبي اليهودي في واشنطن في اقناع المسؤولين الأميركيين بتحويل أربعة ملايين دولار لتمويل نشاطات المؤتمر وتدريب مئات من عناصره العسكريين". وتابعت ان "الجلبي التقى في واشنطن نتانياهو والوزير ناتان شارانسكي ونجح في ترك انطباع مثير لديهما في شأن خطته لبلورة عراق ديموقراطي جديد". وامتنعت الصحيفة عن الخوض في أسباب فتور العلاقات بين الجلبي والإسرائيليين، ولماذا باتوا يعتبرونه عبئاً وشخصية غير مرغوب فيها لقيادة النظام العراقي الجديد. ونقلت عن مسؤول بارز في الجهاز الأمني أن ليس ممكناً "الاعتماد" على الجلبي، وأنه سبق أن رفض لقاءه على رغم الضغوط التي مورست عليه. وأضاف: "كنت مقتنعاً بأنه لا يمكن التعامل مع قطاع طرق وأفراد عصابات، وان ليس معقولاً أن يكون أمثاله من أصدقائنا". وتوقع المسؤول أن الجلبي "حتى في حال حقق حلمه وتزعم العراق، لن يصمد أكثر من شهر، وسيكون الاغتيال مصيره، لذلك لا يمكن الاعتماد عليه". وأشار مسؤول آخر إلى أن الجلبي ذكّره بتورط إسرائيل مع "الكتائب اللبنانية" التي "كلما قدمنا لها مساعدة كلما انفتحت شهيتها وزاد جشعها، وكانت النهاية أن رُفِسنا". لكن المستشرق ماكس زينغر الذي يعمل مستشاراً لدى البنتاغون ويرافق جاي غارنر في بغداد، ينفي الصفات التي يسبغها المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون على الجلبي، ويقول إن الموساد والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية حاولت "ابتزاز الجلبي وانتزاع تعهد منه بإقامة علاقات ديبلوماسية مع الدولة العبرية فور تسلمه السلطة، وأنه إذ أخفقت حين سمعته يقول إن هذه المسألة ليست في رأس سلم أولوياته، راحت تحرض وكالة الاستخبارات الأميركية ضده". ويضيف زينغر ان انطوني زيني تأثر ب"التقارير السلبية" عن الجلبي، وأبلغه في شكل لا يقبل التأويل أن الأخير "ليس حلمنا لعراق جديد".