كشفت مصادر عبرية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اقترح على الرئيس باراك أوباما صفقة تقضي بإطلاق أميركا الجاسوس اليهودي الإسرائيلي جوناثان بولارد في مقابل تجميد جزئي للاستيطان في الضفة الغربية لأشهر فقط. في الوقت نفسه، تناولت وسائل الإعلام العبرية أمس باهتمام التوتر الحاصل في العلاقات بين إسرائيل وكل من تركيا وفرنسا على خلفية السياسة المتشددة للحكومة الإسرائيلية الحالية، كما أبرزت الافتتاحية التي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية والتي حمّلت نتانياهو المسؤولية عن تعثر العملية السياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ونقل موقع «قضايا مركزية» العبري عن مصادر في واشنطن أن نتانياهو اقترح على أوباما إطلاق بولارد في مقابل تجميد جزئي للاستيطان لأشهر فقط. وكانت محكمة أميركية أمرت بداية التسعينات (قبل نحو 20 عاماً) بحبس بولارد مدى الحياة لنقله معلومات خطيرة الى الاستخبارات الإسرائيلية والى دول أخرى، علما أن واشنطن تأكدت من أن المعلومات وصلت الى روسيا، وأن 9 من الجواسيس الأميركان أعدموا نتيجة لمعلومات سربها بولارد. ويحاول الإسرائيليون مطالبة كل رئيس أميركي منتخب بإطلاق بولارد من دون جدوى. وأعلن نتانياهو في مستهل جلسة الحكومة الاسبوعية، انه سيتوجه في السابع من الشهر الجاري الى الولاياتالمتحدة ليتحدث امام ممثلي اليهود الاميركيين، وليلتقي خصوصاً نائب الرئيس الاميركي جو بايدن، علماً أن أوباما سيقوم في الوقت نفسه بجولة في آسيا. وقال: «سأتوجه الاسبوع المقبل الى الولاياتالمتحدة للمشاركة في الجمعية السنوية للطائفة اليهودية الاميركية» التي تعقد في نيو اورلينز من الخامس الى التاسع من الشهر الجاري، مضيفاً: «سألتقي بايدن ومسؤولين آخرين في الادارة الاميركية لأناقش معهم سلسلة قضايا، خصوصاً طبعاً استئناف عملية السلام» مع الفلسطينيين. وأوضح ان استئناف المفاوضات يهدف الى التوصل الى «اتفاق سلام» وارساء «امن دولة اسرائيل». وتأتي زيارة نتانياهو للولايات المتحدة بعيد الانتخابات النصفية للكونغرس الاميركي التي ستجرى غداً، والتي يمكن ان تؤثر نتائجها في مدى التزام ادارة الرئيس باراك اوباما على صعيد عملية السلام في الشرق الاوسط. وأكد نتانياهو ان «جمعية (الطائفة اليهودية) تعقد هذا العام تزامناً مع معلومات عن احباط محاولة هجوم على الجالية اليهودية في شيكاغو». وأضاف: «لا يهم اذا استهدف الارهابيون كنيساً في شيكاغو او محطة للسكة الحديد في مدريد، وفي لندن، او اهدافاً في بومباي او بالي (...) اننا نواجه موجة متصاعدة من الارهاب الاسلامي المتطرف». وتابع: «خلال هذه الجمعية، سنتحدث عن التدابير التي على العالم المتحضر ان يتخذها، العالم الحر، لوقف هذه الموجة التي تهددنا جميعاً». أزمة مع تركيا في غضون ذلك، تصدر اعتبار «مجلس الأمن القومي» التركي إسرائيل «خطراً استراتيجياً مركزياً» على تركيا، اهتمامات الإعلام العبري، وأفادت صحيفة «معاريف» أن ديبلوماسيين غربيين نقلوا إلى إسرائيل رسائل تفيد بأنه عشية الانتخابات البرلمانية في تركيا في حزيران (يونيو) المقبل، يتوقع أن يتخذ رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان «خطوات متطرفة نحو إسرائيل» بهدف تعزيز شعبيته حتى إن قادت إلى تصعيد في الأزمة بين أنقرة وتل أبيب إلى درجة قطع العلاقات بينهما. وأشارت الرسائل إلى أن التصعيد لن يكون تجاه إسرائيل فحسب إنما أيضاً تجاه أوروبا والولاياتالمتحدة. وكان «مجلس الأمن القومي» التركي أقر الأسبوع الماضي «الوثيقة الجديدة» المتعلقة برسم الخطوط الاستراتيجية العامة للسياسة الخارجية والداخلية التركية في السنوات الخمس المقبلة، «وهي بمثابة الدستور السري لتركيا» بحسب الإعلام العبري، ووضع قائمة جديدة بأسماء الدول التي تشكل تهديداً على أمن تركيا. وأقر المجلس إدخال إسرائيل إلى «الكتاب الأحمر» وإخراج سورية وإيران وأرمينيا وجورجيا وبلغاريا منه. وأشارت وسائل الإعلام العبرية إلى أنها المرة الأولى منذ إقامة إسرائيل التي تعتبر فيها تركيا نشاطات إسرائيل في الشرق الأوسط تهديداً عليها. وجاء في الوثيقة الجديدة أن من شأن الممارسات الإسرائيلية أن تدفع دولاً أخرى في المنطقة نحو سباق تسلح يعرّض أمن الشرق الأوسط كله إلى الخطر. وأكدت أن الموقف التركي الجديد من إسرائيل ليس ناجماً عن الهجوم الدموي الذي نفذته البحرية الإسرائيلية على قافلة السفن التركية المتضامنة مع قطاع غزة قبل خمسة أشهر، «إنما بسبب ممارساتها وسياستها في الشرق الأوسط التي تشكل تهديداً على تركيا وتسهم في زعزعة الاستقرار في المنطقة». وأشارت الصحف الإسرائيلية إلى أن واضعي الوثيقة الجديدة استثنوا هذه المرة القيادة العسكرية التركية في بلورتها، مشيرين إلى العلاقات الحميمة التي ربطت هذه القيادة بنظيرتها الإسرائيلية. واعتبرت أوساط إسرائيلية الوثيقة الجديدة إجراء آخر من مجموعة إجراءات قالت إن الحكومة التركية اتخذتها أخيراً ضد إسرائيل، منها اشتراطها على الولاياتالمتحدة بأنه في مقابل موافقتها على نصب منظومات دفاعية أميركية ضد الصواريخ في الأراضي التركية، تلتزم الولاياتالمتحدة عدم نقل المعلومات الاستخباراتية التي تستقيها هذه المنظومات إلى إسرائيل. ويؤكد هذا الشرط أن العلاقات بين المؤسستين الأمنيتين الإسرائيلية والتركية التي كانت حتى الأمس القريب حميمة جداً، قطعت تماماً في الأشهر الأخيرة. وتتهم تركيا اللوبي اليهودي في واشنطن باستغلال نفوذه للتأثير على الإدارة الأميركية بالتشدد مع أنقرة بهدف المس بالمصالح التركية. ورد وزير السياحة الإسرائيلي ستاس مسيغنيكوف من حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف على قرار مجلس الأمن القومي التركي بالدعوة إلى «مقاطعة تركيا سياحياً في شكل تام من أجل الحفاظ على عزتنا القومية». وقال إن امتناع مئات آلاف السياح الإسرائيليين عن السفر إلى تركيا «هو مصدر احترام لشعب إسرائيل... وإذا ما امتنعنا عن السفر إلى تركيا، سيفهم الأتراك المغزى». وأضاف إن العلاقات مع تركيا استراتيجية ولا عداء وحرباً بين الشعبين «لكن طالما واصل رئيس الحكومة التركية تصريحاته هذه، فلا يوجد للإسرائيليين ما يفعلونه في تركيا، وكلي أمل في أن تعود العلاقات بيننا إلى ما كانت عليه قبل عهد أردوغان». من جهته، قال زعيم حركة «شاس» الدينية وزير الداخلية إيلي يشاي إن ما يحصل مع تركيا يؤكد أنه «يجب على إسرائيل ألا تعتمد على أحد من الناحية الأمنية». توتر بين نتانياهو وساركوزي على صعيد آخر، نقلت صحيفة «هآرتس»، عن ديبلوماسييْن أوروبييْن أن العلاقات بين الرئيس نيكولا ساركوزي ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو تشهد منذ أسبوعين توتراً شديداً بدأ في محادثة هاتفية بينهما حين طلب ساركوزي من نتانياهو تمديد تجميد البناء في مستوطنات الضفة الغربية للحؤول دون تقويض فرص استئناف العملية السياسية، لكن نتانياهو رفض الطلب. كما أبدى ساركوزي غضبه من عدول نتانياهو عن المشاركة في قمة كان مفترضاً عقدها قبل عشرة أيام في باريس تجمعه برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن)، بمشاركة الرئيس حسني مبارك ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لتحريك العملية السياسية. وبرأي الديبلوماسيين الأوروبيين، فإن نتانياهو عدل عن المشاركة بعد أن تبين له دعم واشنطن للقمة، ما فسره نتانياهو احتمالاً لضغط دولي على إسرائيل لتمديد تجميد البناء في المستوطنات. وأضاف أن ساركوزي رفض تبرير نتانياهو إرجاء زيارته ب «التوقيت غير المريح». وجاء في تعقيب مكتب نتانياهو إن الخبر غير صحيح وإن المحادثة مع الرئيس الفرنسي «كانت عادية بين صديقين». ... وانتقادات في «نيويورك تايمز» في غضون ذلك، تناولت وسائل الإعلام العبرية الانتقادات الشديدة اللهجة التي وجهتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية لرئيس الحكومة الإسرائيلية في افتتاحيتها قبل يومين، وبعد أيام من لقاء كبار محرريها بكل من نتانياهو وعباس. وتحت عنوان «نتانياهو – كفى ألاعيب»، كتبت الصحيفة أن الجزء الأكبر من المسؤولية عن تعثر المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين يقع على كاهل نتانياهو، بالإضافة إلى جزء آخر يتحمله عباس، «لكن نتانياهو هو الذي يملك مفتاح الخروج من الطريق المسدود، والعبء ملقى على كاهله لإعادة تحريك المياه الراكدة». وطالبت الصحيفة نتانياهو بقبول العرض الذي قدمه الرئيس باراك أوباما بمواصلة تجميد البناء في المستوطنات 60 يوماً آخر في مقابل رزمة امتيازات أميركية تحصل عليها الدولة العبرية، وكتبت: «أعطى أوباما لإسرائيل اقتراحاً سخياً، بل سخي أكثر من اللزوم بنظرنا: مواصلة التجميد ستين يوماً، وفي المقابل تحصل إسرائيل على مزيد من الطائرات الحربية وضمانات أمنية أخرى ومنظومات صواريخ دفاعية وأقمار اصطناعية... لكن نتانياهو يصر على رفض الاقتراح بداعي أن شركاءه في الائتلاف الحكومي لن يقبلوا به... كذلك أضاف نتانياهو شرط اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية». وتابعت الصحيفة أنه ينبغي على نتانياهو قبول اقتراح أوباما وأن يكون مستعداً لتشكيل ائتلاف حكومي جديد في حال رفض الائتلاف الحالي الاقتراح. وحذرت حكومة نتانياهو من مغبة الاستهتار بتهديد الفلسطينيين بالتوجه الى مجلس الأمن بطلب اعترافه بالدولة الفلسطينية، وكتبت: «لا تراهنوا على صبر الجانب الفلسطيني والمجتمع الدولي». وختمت بأنه يتحتم على الطرفين استئناف المحادثات المباشرة وترسيم الحدود، «وفي كل اتفاق سلام سيكون تبادل أراض، وواضح جداً كيف ستكون الخريطة النهائية، ولا شيء خفياً في هذه المسألة».