عُرفت اللغة الإنكليزية ببساطتها، فتميّزت عن بقية اللغات بسلاستها وببعدها عن التعقيدات لاسيّما الإملائية. غير أن لغة القرن الحادي والعشرين الإلكترونية أكثر سلاسة وبعيدة جداً من القواعد الكتابية أو حتى عن الصيغ الإملائية إلى درجة أنها قلبت كل المقاييس، حتى باتت اللغة تكرّس اللهجة وبمخارجها الأكثر استعصاء. تلك اللغة هي وليدة التكنولوجيا . وهي تتلخص بتطويع الأحرف بامتياز. وإذ تبقى وفية للعبارة والفكرة، فهي في المقابل تتعدّى على الهوية الأبجدية للغات كافة. وبما أن لغة msn الأساسية هي الإنكليزية، يُكرّس مستخدمو الإنترنت الأبجدية الإنكليزية لتركيب كلمات بالعربية. فعلى لوحةmsn يصعب للوهلة الأولى اكتشاف اللغة المحكية بين شخصين. حتى أنه يُخيّل للحظة أنها "لغة رقمية" - شيفرة معيّنة، مزيج من حروف وأرقام وأشكال وألوان. طبيعي، بل مؤكد أن هذا الوصف ليس غريباً متابع قضايا التكنولوجيا. فالجميع بات يستعمل هذه اللغة يومياً، أقله لدقائق، أكان ذلك عند محادثة رفاقه أو عند إرسال بريد إلكتروني... وما يميز هذه اللغة أيضاً جملها المختصرة جداً، أسئلتها المباشرة وتجسيدها للمشاعر والحالات النفسية بواسطة الصور المعبّرة أكثر من أي كلمة كالوجه الضاحك أو الوجه الباكي... وإذا كانت الميزة الأساسية لهذه اللغة هي سهولة تعلمها، فلا يخفى على أحد أن لها أربابها ومتقنيها. أما كيفية تمييز هؤلاء المتمرسين، فسهلة جداً. كل ما عليك عمله هو النظر الى المربع في آخر المقال: كم تستغرق من الوقت لقراءة هذا النص البسيط، وبأي درجة من السهولة؟ من المؤكد أن هذه اللغة تجسّد احد أهم مظاهر العولمة. وهي إذ تحافظ على كل الخصوصية التعبيرية لكل اللغات، تنسف في المقابل القواعد الإنشائية! والأطرف أنها لم تعد تُستخدم حصراً على الإنترنت، بل أصبحت متداولة أكثر فأكثر في معظم الرسائل أو الكتابات غير الرسمية... ومن يدري؟ قد تطاول البيانات الرسمية قريباً! لا بدّ أخيراً من الإشارة إلى تطورات طرأت على هذه اللغة. تطورات مضحكة ومبكية في آن واحد، إذ حوّل البعض وجوه لوحة الصور الخاصة بها إلى وجوه تضع الكمامات، تحت شعار: "msn في الصين"!