سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مع استمرارها في مصادرة آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين لإقامة "جدار الفصل". سلطات الاحتلال تشرع في هدم عشرات المؤسسات الفلسطينية وشارون يكرر أمام زعماء "ايباك" انتقاده "خريطة الطريق"
تتخذ سياسة الحكومة الاسرائيلية بمحاربة الفلسطينيين في مصادر عيشهم مناحي خطيرة في الآونة الاخيرة وصفها فلسطينيون بانها "تفقد الانسان عقله وتقذفه في احضان الاحباط" الذي يزداد عمقاً يوماً بعد يوم. وبلغت عمليات هدم منازل الفلسطينيين وتشريدهم وقتلهم واعتقالهم ذروتها في الايام الاخيرة السابقة لموعد الانتخابات التشريعية في اسرائيل. ووسعت سلطات الاحتلال الاسرائيلي نطاق اهدافها ضد مصادر عيش المواطنين الفلسطينيين بإخطارها عشرات الفلسطينيين انها تعتزم هدم محالهم التجارية في شمال الضفة الغربية فيما صعّدت الشرطة الاسرائيلية اجراءاتها العقابية ضد المقدسيين الفلسطينيين من سائقي سيارات التاكسي الذين ينقلون عمالاً فلسطينيين الى اماكن عملهم داخل القدس ووراء الخط الاخضر. وبالتوازي مع التصعيد الميداني ضد الفلسطينيين، شدد رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لهجته ضد الفلسطينيين والاوروبيين على حد سواء معلناً انه لن يسمح بدور اوروبي في حل النزاع بين الفلسطينيين والاسرائيليين ما لم يتبع رؤساء الدول الاوروبية موقفاً "اكثر توازناً" حيال اسرائيل، مجدداً عرض املاءاته المتعلقة بكيفية تطبيق "خريطة الطريق" الاميركية. شددت قوات الاحتلال الاسرائيلي قبضتها على مدينة طولكرم والقرى المحيطة بها الخاضعة لحظر التجول، لا سيما قرية نزلة عيسى، تمهيداً لتنفيذ قرار عسكري بهدم 21 محلاً تجارياً في القرية في اجراء وصفه اصحاب هذه المتاجر بأنه "مجزرة" ترتكب بحق عائلاتهم التي تعتاش منها منذ اكثر من خمسة عشر عاماً. ووسط مشاعر الصدمة والسخط، لم يملك اصحاب المتاجر سوى محاولة انقاذ ما يمكن انقاذه من داخل محالهم قبل دقائق معدودة من انتهاء "المهلة" التي ابلغتهم سلطات الاحتلال بها لاخلاء متاجرهم. وتأتي عملية هدم المتاجر هذه في اطار قرار أشمل يتضمن تدمير نحو 171 متجراً وورشة تقع بين نزلة عيسى وقرية باقة الشرقية وتقف عائقا في ما يبدو امام مسار جدار الفصل الذي تنوي سلطات الاحتلال تشييده على امتداد الخط الاخضر الوهمي الذي يفصل حدود الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 على حساب عشرات آلاف الدونمات المملوكة للفلسطينيين في هذه المناطق. وينتظر اصحاب 60 متجراً آخر في بلدة برطعة الحدودية شمال مدينة جنين ايضا المصير ذاته لنفس الاسباب اذ أوشكت السلطات الاسرائيلية على الانتهاء من شق طريق استيطاني جديد يصل بين سبع مستوطنات مقامة شمال جنين بثلاث مستوطنات اخرى جنوبها. وتتزامن عمليات الهدم الجماعية للمباني والمنشآت التجارية الفلسطينية مع استمرار عمليات تجريف الاراضي وقلع الاشجار شمال الضفة الغربية استعدادا للبدء في المرحلة التالية من بناء "جدار الفصل" الاحد المقبل وفقا لما صرح به نائب رئيس الوزراء وزير المالية الاسرائيلي سلفان شالوم امس خلال جولة قام بها في منطقة "الجلبون" المستهدفة شمال جنين ورافقه خلالها عدد من كبار الضباط والمسؤوليين في المؤسسة العسكرية الاسرائيلية. ومن شأن تطبيق مخطط بناء هذا الجدار اقتطاع آلاف الدونمات من الاراضي الفلسطينية الاكثر خصوبة على الاطلاق في الضفة الغربية اضافة الى تشريد 45 الف مواطن وضم نحو 15 قرية فلسطينية الى الدولة العبرية. وفي اجراءات غير مسبوقة بدأت فردية في الشهور الماضية، أخذت تتكشف معالم سياسة رسمية اسرائيلية عقابية تجاه المواطنين الفلسطينيين من حملة الهوية المقدسية الذين يقلون بسياراتهم التي تحمل لوحات اسرائيلية صفراء اللون. واكد عدد من سائقي سيارات التاكسي المقدسيين ل"الحياة" ان قوات الشرطة و"حرس الحدود" الاسرائيلية صادرت رخص سياقتهم وسياراتهم بعدما أوقفتهم في الشوارع الرئيسة في مدينة القدس ووجدت ركابا فلسطينيين داخلها. وعلمت "الحياة" ان بعض هؤلاء السائقين يُحتجزون في مراكز الاعتقال فترات زمنية متفاوتة. ويطالب افراد الشرطة الاسرائيليون سائقي التاكسيات بالقيام بدور قوة الاحتلال من خلال فحص ما اذا كان بحوزة الركاب "تصاريح عمل او تصاريح دخول الى اسرائيل" قبل السماح لهم بالصعود الى السيارة. وتكشف هذه الاجراءات فشل كافة التدابير والاجراءات الاسرائيلية، من نصب حواجز عسكرية ومحاصرة المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، في شل حركة الفلسطينيين خصوصاً العمال منهم الذين يتكبدون المشاق والاهانات والاعتقالات المتكررة في سبيل توفير قوت اطفالهم واسرهم في ظل سياسة الخنق الاقتصادي التي تمارسها السلطات المحتلة ضدهم. وبدا ان شارون يسابق الزمن في فرض مزيد من الوقائع على الارض قبيل الانتخابات الاسرائيلية المقرر اجراؤها في الثامن والعشرين من الشهر الجاري في ضوء تزايد قوة حزبه اليميني "ليكود" في الشارع الاسرائيلي. وعلى رغم استدراك مكتب شارون للتصريحات التي ادلى بها الاخير لمجلة "نيوزويك" الاميركية أول من امس، عاد شارون وهاجم رؤساء الدول الاوروبية خلال مؤتمر صحفي لممثلي وسائل الاعلام الاجنبية في القدس. وقال شارون ان هؤلاء لا ينتهجون سياسة "متوازنة" بين اسرائيل والفلسطينيين، مضيفا انه "اذا كان هناك توجه نحو سياسة اكثر توازناً، فستكون اوروبا مدعوة الى المشاركة بما يجري هنا". وقال شارون ان نظرة اسرائيل والولاياتالمتحدة الى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات متطابقة "ولكن الاتحاد الاوروبي لا زال يرى في عرفات العنوان" وذلك في تلميح الى مزيد من الاملاءات التي تحاول اسرائيل فرضها على السياسة الاوروبية تجاه الفلسطينيين. وألمح شارون الى رغبته بتنفيذ ضربة عسكرية اميركية على العراق وقال للصحافيين: "الا تعتقدون ان ثمة حاجة للتخلص من زعيم قتل عشرات الآلاف من مواطنيه ومن الممكن ان يمارس ارهاباً بيولوجياً او كيماوياً. لا ندري ماذا كان سيحدث لو ان رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق مناحيم بيغن لم يفجر المفاعل النووي العراقي" في العام 1980. وفي رده على سؤال عن ما ينتظر الفلسطينيين خلال الحرب المحتملة قال: "آمل ان لا يقوموا الفلسطينيون بأي نشاط معاد. في حرب الخليج الثانية رقص الفلسطينيون على اسطح المنازل عندما سقطت الصواريخ على تل ابيب ورمات غان. أمل انهم يفهمون ان شيئاً لن يحدث اذا لم يفعلوا شيئاً، كذلك الامر بالنسبة الى حزب الله اللبناني في الشمال". وفي السياق ذاته، عاد شارون وعرض ما اسماه "الخطة الاخرى" البديلة ل"خريطة الطريق" وقال ان خطته ستطبق على مراحل اولها التخلص من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ومن ثم استحداث منصب رئيس وزراء فلسطيني واجراء اصلاحات في اجهزة السلطة الفلسطينية، خصوصاً الامنية منها. وقال: "اذا توقف الارهاب نهائيا سنقبل باقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح بالكامل ومن دون حدود نهائية تعطي لاسرائيل الحق في الطيران في سمائها والسيطرة على حدودها ومعابرها". واعترف شارون بأنه اصدر اوامر بوقف التعاطي مع طلبات جمع شمل العائلات الفلسطينية منذ العام الماضي وقال: "مارس 100 الف فلسطيني حقهم في العودة منذ العام 1994 باساليب التحايل والغش وعن طريق جمع الشمل، ولهذا امرت بوقف هذه المعاملات لأنها تعرض اسرائيل للخطر". ونسب الى شارون قوله خلال اجتماع مع رؤساء لجنة الشؤون العامة الأميركية - الاسرائيلية "ايباك" اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة مساء الاحد ان "التقدم في خريطة الطريق منوط بتنفيذ بنود هذه الخريطة وليس بجدول زمني وان الانتقال من مرحلة الى اخرى لن يتم الا بعد الانتهاء من تنفيذ المرحلة التي تسبقها". وكان رعنان غيسن مستشار شارون وصف "خريطة الطريق" بأنها "غير واقعية ولا يوجد فيها ما يمكن تطبيقه".