مدينة سامراء التي تبعد 120 كيلومتراً الى الشمال من بغداد، وتتبع الآن محافظة صلاح الدين التي استحدثها صدام حسين وجعل "تكريت" مركزاً لها، تطمح الى أن تستعيد دورها الذي يقول أحد أبنائها، المحامي هدام السامرائي ان "تكريت اغتصبته، اذ كان يفترض جعل سامراء مركزاً للمحافظة باعتبارها الأكثر سكاناً والأكبر مساحة، ولها مقومات مدينة حضارية، وفيها زراعة وصناعة وتجارة، فيما لم تكن تكريت كذلك". ويلتقي وجهاء سامراء ورؤساء عشائرها في مبنى "مجلس الشعب" السابق، ليتداولوا في اجراءات انتخاب عمدة للمدينة ومجلس بلدي، بعدما قرروا اعتبار مدينتهم مركزاً لمحافظة جديدة سموها "محافظة سر من رأى"، وهو الاسم الذي اقترن بعصر الخليفة العباسي المعتصم. يقول نصير، وهو مدرس من سامراء: "ليس انحيازاً اليها، هي وحدها تصلح أن تكون مركزاً للمحافظة، لا تكريت التي لم تكن شيئاً يذكر"! ويعلق مجيد التكريتي الذي تجاوز الثمانين سنة: "صحيح كانت سامراء معروفة، فيما لم تكن تكريت سوى ناحية صغيرة تعتمد في زراعتها على الديم، حيث تغمر مياه النهر منطقة الشطاطي ثم تنحسر عنها لنزرعها، ولم يكن لدينا نحن التكارتة سوى الدجاج الذي نربيه في البيوت، ونجمع منه البيض. ونعبر دجلة على اكلاك صغيرة لننقل بضاعتنا من الدجاج والبيض لبيعها الى أهالي بغداد. لكن صدام هو الذي أعطى مدينتنا مكانتها، وجعلها العاصمة الثانية، وبنى فيها قصره الضخم، اضافة الى القصور التي بناها ابناؤه واخوانه وأولاد عمه". واستطرد ضاحكاً: "عندما أصبحت تكريت مركزاً للمحافظة كنا نهتف: تكريت صارت عاصمة... على عناد سامراء. وصدام كان يقضي أوقات راحته فيها، وانفق على اعمارها الكثير، وتوزعت المرافق والأسواق ودوائر الخدمات على أنحائها، كما حصلنا من الدولة على مساعدات ضخمة لبناء بيوت لنا، وأصبحنا نعيش في مدينة حديثة في زمن قصير بفضل صدام". أهل "سامراء" يتذكرون كيف زار صدام مدينتهم منتصف التسعينات، ولم يستقبله سوى نفر قليل فزاد ذلك حنقه على المدينة، وأمر بمعاقبة أهلها بوقف تنفيذ العديد من مشاريع الخدمات التي كانت تنفذ فبها، وارسل في اليوم التالي نائب رئيس مجلس قيادة الثورة عزة ابراهيم، ليبلغ وجهاء المدينة ان الرئيس غاضب، وانه يستطيع ان يمحو سامراء من الخريطة اذا أراد! والآن يبدو أن أهل سامراء مصرون على عودة الدور اليهم، لكنهم كما يقول هدام السامرائي "ينتظرون عودة شيخهم اللواء حسن النقيب الذي انشق عن نظام الحكم السابق واستقر خارج العراق، وهو في طريق العودة. وعلى رغم انه تجاوز العقد السابع من عمره يريد "السوامرة" انتخابه عمدة لهم... ليحقق لهم ما يريدون لمدينتهم".