يلتقي وزير الخارجية الاميركي كولن باول رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ابو مازن في مدينة أريحا اليوم بدلا من رام الله، في الوقت الذي حذر فيه الفلسطينيون من مساعي الحكومة الاسرائيلية لافشال زيارة الوزير الاميركي الذي من المقرر ان يلتقي فور وصوله الى تل ابيب مساء السبت نظيره الاسرائيلي سلفان شالوم، فيما يجتمع في اليوم التالي مع رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون ووزير دفاعه شاؤول موفاز والرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف. وفي خطوة وصفت بأنها "تراجع" عن مواقف شارون السابقة بمقاطعة الديبلوماسيين الغربيين الذين يلتقون عرفات، قرر رئيس الوزراء لقاء نظيره اليوناني جورج باباندريو الذي يتولى حالياً رئاسة الاتحاد الاوروبي الاثنين المقبل على رغم نية الاخير لقاء الرئيس ياسر عرفات في رام الله. رحبت الحكومة الفلسطينية بخطاب الرئيس جورج بوش في الشأن الشرق الاوسطي، داعية الادارة الاميركية الى استخدام نفوذها لاجبار الحكومة الاسرائيلية على الشروع في تنفيذ خطة "خريطة الطريق". وقال وزير الاعلام الفلسطيني نبيل عمرو الذي تلا بيان الحكومة الفلسطينية في ختام اجتماع لها عقد في مكتب رئيس الوزراء محمود عباس ابو مازن في رام الله: "نرحب باستعداد الادارة الاميركية للعمل ونتطلع الى دور اميركي فاعل من دون اشتراطات او مماطلة، ولدى الادارة الاميركية الامكانية لاجبار الحكومة الاسرائيلية على الشروع في تنفيذ خطة الطريق فوراً ومن دون اي تأجيل". ونشطت رئاسة الوزراء الفلسطينية في الايام الاخيرة في الاعداد للقاء باول - ابو مازن، وهو الاول بين مسؤول اميركي رفيع المستوى ورئيس الوزراء الفلسطيني الجديد منذ توليه مهام منصبه الشهر الماضي. وشملت التحضيرات اعداد اوراق موثقة وخطط عمل الحكومة في ما يتعلق بتطبيق خطة "خريطة الطريق" من جهة واستحقاقات الجانب الفلسطيني فيها من جهة اخرى. ويتوقع ان يطالب ابو مازن ضيفه الاميركي بالضغط على شارون للبدء فورا بتنفيذ خطة "خريطة الطريق" من خلال ازالة الحواجز ورفع الحصار والاغلاق المفروض على الاراضي الفلسطينية واطلاق الاسرى والمعتقلين، بالاضافة الى وقف التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية واقامة جدار الفصل الذي شرعت اسرائيل بإنشائه والذي يقضم مئات آلاف الدونمات من الاراضي الفلسطينية. وقالت مصادر اسرائيلية ان باول سيطالب شارون بتقديم "تسهيلات" للفلسطينيين تتعلق بتخفيف الحصار والسماح للعمال الفلسطينيين بالعمل داخل اسرائيل، وتحويل مزيد من الاموال التي تجبيها اسرائيل على شكل ضرائب ومكوس عن السلطة الفلسطينية، وازالة البؤر الاستيطانية الصغيرة التي اقيمت خلال الاشهر ال 31 الماضية، وانسحابات "رمزية" من بعض المناطق التي احتلها الجيش الاسرائيلي خلال الفترة ذاتها. ويخشى الفلسطينيون ان يعرقل رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون مهمة باول الذي ينتظر ان يدعو اسرائيل الى اعلان تأييدها للخطة على ان لا يرقى ذلك الى الموافقة الرسمية. وقال وزير شؤون مجلس الوزراء الفلسطيني ياسر عبد ربه ان جولة باول "مهددة بخطر الفشل جراء الموقف الاسرائيلي"، مضيفاً في تصريحات ان "شارون لا يريد انجاح هذه الزيارة ويريد تقويضها مسبقاً من خلال تأجيل البحث في الخطة الى حين زيارته اي شارون الى واشنطن". ودعا عبد ربه الى عدم الاكتفاء باعلان "خريطة الطريق وكأنها اعلان تجاري"، متسائلا عن فائدة اجراء مشاورات ومحادثات وعقد لقاءات مع باول وغيره طالما ان شارون يريد ان يعيد فتح "خريطة الطريق" للتفاوض خلال زيارته المرتقبة لواشنطن في العشرين من الشهر الجاري. وفي ما يتعلق بمطالبة الجانب الفلسطيني لاسرائيل باعلان موافقتها على الخطة، قال عبد ربه: "نحن لا نستجدي احداً للموافقة على شيء، لكن على الادارة الاميركية ان كانت تريد ان تعطي صدقية لتحركها ان تجبر الجانب الآخر على تنفيذ الخطة وليس فقط الموافقة عليها". وفي محاولة لتخفيف الضغط المتوقع عليها من باول، حملت اسرائيل الجانب الفلسطيني عدم تنفيذها "جملة من التسهيلات" قالت انها اعدتها للفلسطينيين. وذكرت الاذاعة الاسرائيلية نقلا عن مسؤولين اسرائيليين قولهم ان الحكومة الاسرائيلية كانت تنوي "البحث" في هذه التسهيلات خلال اللقاءات الامنية مع الفلسطينيين، غير ان هؤلاء يرفضون حتى الآن عقد مثل هذه اللقاءات. وكان نبيل عمرو نفى وجود اي ترتيبات لعقد اجتماعات امنية بين الفلسطينيين والاسرائيليين، مشيراً الى ان الجانب الفلسطيني سيؤكد لباول التزامه تنفيذ الاستحقاقات المترتبة عليه في الخطة ويطلب من اسرائيل القيام بالعمل ذاته. وذكرت مصادر صحافية اسرائيلية ان باول سيجدد المطلب الاميركي الذي كان عرضه مساعده وليام بيرنز على الفلسطينيين الاسبوع الماضي في شأن استئناف اللقاءات الامنية بين الفلسطينيين والاسرائيليين. واشارت صحيفة "هآرتس" العبرية ان باول سيقبل "وقف اطلاق" للنار تتوصل اليه حكومة ابو مازن مع الفصائل الفلسطينية المعارضة ولن يطالب، كما تطالب اسرائيل، في هذه المرحلة باجراء اعتقالات وملاحقة الناشطين الفلسطينيين. وفي خضم التحضيرات لزيارة باول، لمحت الحكومة الاسرائيلية الى انها تتطلع الى لقاء شارون - بوش في البيت الابيض حيث سيركز شارون على تحفظات حكومته من خطة "خريطة الطريق" ويدعو في المقابل الى اطالة فترة "البحث" في الخطة حتى اجراء الانتخابات الاميركية الخريف المقبل. ويرى الاسرائيليون ان ادارة بوش ستجد حرجا من الضغط على شارون في الوقت الذي سيسعى فيه للحصول على تأييد اللوبي الاسرائيلي النافذ في الكونغرس. على صعيد آخر، وفي الوقت الذي نقلت فيه الاجتماعات بين باول وكل من ابو مازن ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني احمد قريع ابو العلاء الى اريحا بدلا من رام الله حيث يحاصر الرئيس الفلسطيني، وذلك على ما يبدو في ايماءة ايجابية من قبل ابو مازن لتفادي احراج عرفات الذي يقاطعه المسؤولون الاميركيون منذ اكثر من عام ونصف العام، تراجع رئيس الوزراء الاسرائيلي عن قراره مقاطعة الوزراء والديبلوماسيين الغربيين الذين يصرون على لقاء عرفات. وقالت مصادر في مكتب شارون ان الاخير سيلتقي جورج باباندريو رئيس الوزراء اليوناني الذي يتولي رئاسة الاتحاد الاوروبي حاليا الاثنين المقبل، على رغم نية الاخير الاجتماع مع عرفات. ونقل عن مصادر قريبة من شارون قولها ان الاخير ووزير خارجيته سلفان شالوم قررا في اجتماع مشترك لهما امس ان "لا فائدة من السماح لعرفات بتحدي جدول مواعيد شارون".