وضعت الحكومة الاسرائيلية مزيدا من الاملاءات على الفلسطينيين لاستئناف المفاوضات السياسية معهم، بما في ذلك تحقيق ما فشلت أجهزتها العسكرية والامنية في تنفيذه بقوة السلاح على مدى سنتين ونصف السنة من المواجهات، وذلك في وقت يستحضر فيه الفلسطينيون ما حفرته الذاكرة من وحشية وقمع غير مسبوقين تميزت بهما حملة "السور الواقي" التي شنها الجيش الاسرائيلي ضد المدن الفلسطينية في هذه الايام من العام الماضي وأفضت الى اعادة احتلال مناطق السلطة الفلسطينية المعروفة بمناطق أ بحسب تقسيمات اتفاقات اوسلو المرحلية. وأبرزت تصريحات ادلى بها وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم للاذاعة الاسرائيلية امس بوضوح مسار خطة الحكومة الاسرائيلية تجاه "خريطة الطريق" التي وضعتها اللجنة الرباعية الدولية اواخر العام الماضي، اذ طالب رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف محمود عباس ابو مازن بتنفيذ مزيد من الاستحقاقات الفلسطينية الواردة في هذ الخطة، على رغم رفض اسرائيل الواضح لها في الشق المتعلق باستحقاقاتها على الدولة المحتلة. وفي محاولة اخرى للتسويف والمماطلة حتى في اعلان الرد الرسمي الاسرائيلي على هذه الخطة، قال شالوم الموجود حاليا في واشنطن ان حكومته على استعداد لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين "فور اثبات ابو مازن سيطرته على الارض ووقف النشاطات الارهابية". وكانت اسرائيل ومعها الولاياتالمتحدة اشترطتا في وقت سابق استحداث منصب رئيس وزراء قبل الشروع في تنفيذ "خريطة الطريق" التي تحوي ايضا هذا الشرط. وبدت المفارقة في نظر الفلسطينيين صارخة الى حد يحمل على "الجنون"، كما قال احد المسؤولين الفلسطينيين ل"الحياة"، موضحا ان حكومة آرييل شارون تريد من الفلسطينيين ان ينفذوا كل ما يخدم مصالحها ويتوافق مع سياستها في الخطة حتى قبل ان تطرح هذه الخطة رسميا للتنفيذ، فيما تسعى الى ادخال مزيد من التعديلات عليها لالغاء ما ورد فيها من استحقاقات على اسرائيل نفسها. وقال شالوم في المقابلة الصحافية ذاتها التي بثت امس في رده على سؤال عن اصرار الاميركيين على عدم ادخال التعديلات التي تريدها اسرائيل على الخطة، ان "الحكومة الاسرائيلية السابقة توصلت الى تفاهم مع الاميركيين في هذا الشأن"، وذلك في اشارة الى تأكيدات لشارون بتطابق الاراء بينه وبين الرئيس جورج بوش وتطميناته له بفسح المجال امام ادخال التعديلات والاعتراضات الاسرائيلية على الخطة، الامر الذي يفسر ارجاء اعلان واشنطن وعرقلتها لهذا الاعلان ست مرات حتى الان. واضاف شالوم انه "سيعالج" هذه المسألة خلال لقاءاته مع كل من وزير الخارجية الاميركي كولن باول ونائب الرئيس الاميركي ديك تشيني ومستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس خلال نهاية الاسبوع. ورفض "الربط" بين الحرب التي تشنها الولاياتالمتحدة وبريطانيا على العراق والصراع الفلسطيني-الاسرائيلي، في اشارة الى غضب اسرائيل على تصريحات مسؤولين في الحكومة البريطانية بهذا الشأن، بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ووزير خارجيته جاك سترو. وكان الاخير اعترف بأنه "مذنب" كما الغرب في انتهاج سياسة الكيل بمكيالين في ما يتعلق بإرغام اسرائيل على تطبيق قرارات الاممالمتحدة بالطريقة التي تمارس ضد العراق بهذا الشأن.