عبر سكان البصرة امس عن غضبهم للنقص الحاد في المياه وتعطل القانون والنظام. وتمركزت عشرات الدبابات البريطانية في مواقع عند المفترقات الرئيسية وبدأ الجنود توزيع الماء في اربع نقاط. وقال الكابتن جيليس ماليك: "كل ما نفعله اليوم هو اظهار وجود قواتنا ليشعر الناس بالثقة فيخرجوا إلى الشوارع". وقال صلاح عبدالصبور 64 عاماً: "كي يخرجوا صدام جعلوا الشعب العراقي جائعاً وعطشاناً. ما الذي يفعله هؤلاء الجنود. لم نحصل منهم على أي شيء". وخارج مستشفى البصرة العام صرخت امرأة: "أين معوناتهم… أين نقودهم… كل ما حصلنا عليه هو ماء قذر". وغضب الناس أيضاً من أعمال السلب والنهب التي بدأت عندما كانت القوات البريطانية تسعى للسيطرة على المدينة. وقال الكابتن نايل برينان إن الكهرباء اعيدت إلى معظم المدينة وان معامل معالجة المياه أصلحت ايضاً. ولكنه قال إن شبكة المياه التالفة والملوثة في حاجة الى اصلاح وانه لا يعرف كم سيستغرق ذلك. وحذرت منظمات الاغاثة الدولية من أن الامدادات الطبية في العاصمة العراقية انخفضت بشكل كبير، وان المستشفيات تعمل بأقصى طاقتها لاستيعاب جرحى القصف الشديد على العاصمة العراقية. ويعمل الجراحون العراقيون والمساعدون الطبيون على مدار الساعة، اضافة الى معاناتهم من نقص حاد في الأدوية والمعدات الجراحية بما فيها مواد التخدير. وقال رونالد بنجامين الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر: "يعمل الجراحون على مدار الساعة خلال اليومين الماضيين وغالبيتهم منهكة. الوضع مروع". وأضاف: "يمكن سماع انفجارات على مسافة قريبة جداً. النوافذ ترتج من قوة الانفجارات". وأشار الى ان المستشفيات تعتمد الآن على مولدات الكهرباء، وان الحصول على مياه نقية للمرضى يحظى بالأولوية. وتابع: "احضرنا كذلك عبوات من المياه النقية. عشرات الألوف من الليترات لضمان ألا يشرب المرضى ماء غير نقي". وقالت الناطقة ندى دوماني: "بعض المستشفيات لم يعد قادراً على استقبال المزيد من الجرحى. لقد استنفدت الطاقات الى أقصى حد". وتابعت ان العديد من المستشفيات لم يعد به أسرّة تكفي والمرضى يعالجون في أي مكان يجده الطبيب لهم. وقالت دوماني: "المياه أصبحت مصدر قلق. هناك اماكن معينة في بغداد لا تحصل على أي مياه على الاطلاق". ونقص المياه النقية سبب مباشر للاسهال وأمراض الجهاز التنفسي التي تقضي على أعداد كبيرة من الاطفال العراقيين. وتقوم اللجنة الدولية للصليب الاحمر بتزويد العاصمة العراقية بكميات محدودة من مواد الطوارئ بينما قالت منظمة الصحة العالمية إنها تحاول ادخال قافلة من الشاحنات القادمة من الاردن وتحمل امدادات طبية للمستشفيات في بغداد. وأعلنت جمعية "شبكة الامل" الفرنسية أن مجموعة من 39 طبيباً جراحاً من "ذوي الشهرة العالمية" على استعداد لتقديم المساعدة لأطفال العراق والقيام باجلاء الجرحى. وأوضحت الجمعية في بيان ان هؤلاء الجراحين هم من اوروبا باريس ولندن وميلانو ومدريد والولايات المتحدة نيوجيرسي ولبنان بيروت. وقد يشمل عمل الاطباء الجراحين "مساعدة زملائهم العراقيين وعند الضرورة نقل أطفال مرضى أو جرحى الى مستشفى اوتيل - ديو في بيروت ومستشفى جورج بومبيدو الاوروبي ومستشفى نيكر للأطفال المرضى في باريس". وأعلنت وزارة الخارجية التركية في انقرة ان اللجنة الدولية للصليب الاحمر ستفتح بعثة موقتة لها في العاصمة التركية للمساعدة على تنسيق المساعدات الانسانية الى العراق. وقررت الصين من جهتها زيادة مساعدات للعراق، وهو ما أعلنه وزير الخارجية الصيني لي تشاو شينغ لنظيره الروسي في مكالمة هاتفية امس. ونقل عن لي قوله: "يجب ان تحسن كل الاطراف المعنية استغلال وقتها لاتخاذ خطوات تخفف الوضع الانساني في العراق". ولم تكشف الصين عن حجم المساعدات التي ستساهم بها. وأعلنت وزارة الخارجية الالمانية امس انها حولت مليون يورو الى لجنة الصليب الاحمر الدولي لتقديم مساعدات عاجلة الى العراق. واعلنت منظمات انسانية المانية انها بدأت ارسال المساعدات الغذائية والانسانية ومناشدة الرأي العام الالماني التبرع للعراقيين. في غضون ذلك، قال مسؤول في الاممالمتحدة امس ان الاردن استقبل أول لاجئين عراقيين بعد نحو ثلاثة اسابيع من الحرب، وهما أم وابنها. وخشي عاملو الاغاثة من تدفق الاف من اللاجئين العراقيين الى الأردن، فأقاموا مخيما في الصحراء الاردنية يمكن ان يستوعب حالياً نحو عشرة آلاف. ولكن حتى الآن لم يصل أي لاجئ عراقي، كما لا توجد أي علامة على تدفق كبير الى أي من الدول المجاورة للعراق. ووصل عدد قليل من النساء العراقيات المتزوجات من غير عراقيين الى الأردن منذ بدأت الحرب في العشرين من اذار مارس الماضي ولكنهن يعشن مع لاجئين آخرين فروا من الحرب في مخيم منفصل. وقالت كثير من النساء إن السلطات العراقية منعت عراقيات أخريات غير متزوجات من أجانب من مغادرة البلاد. وقال ضابط الامدادات في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة دوغلاس اوزموند ان العراقية وابنها امضيا نحو يومين على الحدود. واضاف ان زوجها يعمل في العاصمة الاردنيةعمان. وأعلن رئيس المفوضية العليا لشؤون اللاجئين انه من السابق لأوانه استبعاد وقوع أزمة انسانية مثل التي أسفرت عنها حرب الخليج عام 1991. وقال رود لوبيرس ان هناك لاجئين عراقيين في الدول الصناعية الكبرى اكثر من اللاجئين الى أي بلد اخر، وهم فروا من حكم صدام قبل بدء الحرب الحالية. وأضاف ان هناك نحو 400 ألف لاجئ عراقي في أكثر من 90 دولة. وقال في كلمة امام منظمة الامن والتعاون في أوروبا التي تضم 55 دولة: "بالاضافة الى ذلك وفي السنوات الثلاث الاخيرة فقط تقدم 150 الف عراقي بطلبات لجوء سياسي الى دول مختلفة". وأعرب لوبيرس عن أمله بألا يثير القتال في العراق الأزمة التي أثارتها حرب الخليج السابقة، عندما شرد مليونان من السكان خصوصاً عندما قمعت الحكومة المتمردين في الشمال والجنوب.