حذر محللون من ان تطوير صناعة النفط العراقية ما بعد الحرب يمكن ان يقضي على منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك، خصوصاً اذا قرر العراق الانسحاب من المنظمة، في محاولة منه لانتاج اكثر ما يمكنه من النفط خارج نظام الحصص المعمول به في "اوبك" بعد تطوير قدراته الانتاجية، وقرر اعطاء شركات النفط العالمية دوراً رئيسياً في انعاش صناعة النفط وبالتالي تخصيص القطاع. قال ليو درولاس من مركز دراسات الطاقة الشاملة في لندن: "اذا تم تخصيص قطاع النفط في العراق، انسوا امر أوبك، ستموت". وأضاف انه من المرجح ان يطلب العراق، في فترة ما بعد الحرب، السماح له بتصدير الكمية نفسها التي تصدرها ايران المجاورة، مثل ما فعل قبل طرده من "أوبك" عام 1990 عقب اجتياحه الكويت. وتنتج ايران حالياً 59،3 مليون برميل من النفط يومياً. وأشار درولاس الى ان "العراق سيعمل على انتاج اكثر ما يمكنه وبأسرع وقت ممكن لدفع تكاليف اعادة اعماره. سيقول العراق: نريد على الاقل المساواة مع ايران". وزاد ان "أوبك" ستقاوم هذا الطلب لأنه سيتطلب خفض حصص الاعضاء العشرة الاخرين، وفي هذه المرحلة سيكون "على العراق ان يتخذ قراراً في شأن البقاء في المنظمة او مغادرتها". واتفق مسؤولون أميركيون كبار مع مجموعة العمل للمعارضة العراقية في اجتماع عقد يومي الجمعة والسبت الماضيين على أن تلعب شركات النفط العالمية دوراً رئيسياً في انعاش صناعة النفط العراقية بعد الحرب، كما اتفقوا على تقديم توصية ببقاء العراق داخل "أوبك" لكن من دون قيود على الانتاج. وقال دارا العطار، وهو كردي وعضو في هذه المجموعة التي تضم نحو 15 خبيراً، لوكالة "فرانس برس": "سننهي احتكار النفط العراقي"، ما يعني تخصيص قطاع النفط في العراق. وقال نيل باتريك، الباحث في مجلة "ايكونوميست" الاسبوعية ان "من المرجح بشكل كبير على المدى القصير" أن ينسحب العراق، وهو احد الاعضاء المؤسسين ل"أوبك"، من هذه المنظمة. وأضاف ان "انتاج العراق لن يتعدى ثلاثة ملايين برميل يومياً لنحو سنتين" نظراً الى الحالة المتداعية لبنيته التحتية. وزاد: "ولكن على المدى الاطول هناك احتمال بروز خلافات مع اوبك حول الانتاج... بعد ان يقوم العراق بتطوير قدراته الانتاجية"، لافتاً الى ان "السؤال سيكون ما هي الحصة التي ستفرضها أوبك على العراق وربما يختار العراق عندئذ الانسحاب". وتابع: "قد يصبح العراق حصان طروادة بالنسبة للولايات المتحدة"، ملمحاً الى ان واشنطن ربما تشجع على اغراق سوق النفط حتى يساعدها هذا في تحقيق اهدافها السياسية الخارجية. واذا ما قام العراق بزيادة انتاجه النفطي بسرعة فان ذلك يمكن ان يتسبب في اغراق السوق العالمية وتراجع السعر الى ما دون 18 دولاراً للبرميل بعد ان وصل خام القياس البريطاني "برنت" الى 35 دولاراً للبرميل قبل اندلاع الحرب. ويعول الصقور في الادارة الاميركية على مثل هذا الانخفاض في سعر النفط لتحفيز النمو في الولاياتالمتحدة وباقي دول العالم. لكن مهدي فارزي من الفرع البريطاني لبنك "دريسدنر كلاينفورت فاسترشتاين" قال انه من غير المرجح ان يغادر العراق "أوبك". وأضاف انه يتعين على "أوبك" مراجعة حصصها، اذ ان "بعض الدول تريد حصة اكبر في السوق، كالجزائر التي تتخطى حصتها بكثير ونيجيريا. سيتعين على السعودية ان تتراجع". وقال مصدر في "أوبك"، طلب عدم الكشف عن اسمه، ان المنظمة التي تتخذ من فيينا مقراً لها تتجه الى اعادة التفكير في نظام الحصص. سواضاف المصدر ان "الوزراء يدركون أن اوبك بحاجة لنظام حصص جديد. خبراؤنا سيجتمعون في حزيران يونيو في فيينا وسيقدمون توصيات للاجتماع الوزاري المقبل في ايلول سبتمبر. يجب ان يعكس النظام الجديد حقيقة السوق". وتنتج دول "أوبك" نحو 35 في المئة من طلب السوق من النفط وتواجه خسارة بعض حصص السوق لصالح دول من خارج "أوبك" مثل روسيا. وقال المصدر ان "أوبك" ربما تفكر في تخفيض سقف السعر الذي يراوح حالياً بين 22 و28 دولارا للبرميل، الى ما يراوح بين 18 و20 دولاراً للبرميل. وقال المصدر انه بينما تقوم "أوبك" بتلك الاصلاحات فانها "ستحاول اقناع العراق بالاستمرار معنا. لا تساورنا اي اوهام في شأن المشاكل التي ستواجهها اوبك اذا ما ترك العراق المنظمة". يشار الى ان العراق عضو في المنظمة لكنه لا يخضع حالياً لنظام الحصص وكان ينتج قبل اندلاع الحرب بموجب برنامج النفط مقابل الغذاء. عمال البصرة قال بعض العاملين في قطاع النفط في جنوبالعراق، الذين ما زالوا يتلقون أجورهم من بغداد، أمس انهم سيرفضون العودة الى حقول النفط الهائلة اذا ما تولت حكومة تقودها الولاياتالمتحدة ادارتها. واستولت القوات البريطانية في اولى ايام الحرب على المنشآت وحقول النفط الرئيسية في الجنوب ولكن الحكومة العراقية ظلت تسيطر نوعاً ما على العاملين في "شركة نفط الجنوب" في البصرة وغيرها من الوحدات المنتمية لها من خلال الاستمرار في دفع اجورهم. وقال عماد كريون من "شركة نفط الجنوب" ل"رويترز" اثناء انتظاره عند نقطة تفتيش يحرسها جنود بريطانيون: "نريد ان يدير العراقيون النفط في هذه البلاد. هل تعتقدون حقاً ان الاميركيين والبريطانيين هنا لتحريرنا ... هذا احتلال". وأضاف مشيراً الى الدبابات البريطانية: "انظروا كيف يعاملوننا". وقال عدد من العاملين في قطاع النفط عند نقطة تفتيش بريطانية انهم ما زالوا يتلقون اجورهم بشكل منتظم من "شركة نفط الجنوب". وستكون خبرة العاملين المحليين لها قيمة كبيرة عندما تبدأ جهود اصلاح قطاع النفط العراقي حيث ان العاملين من أمثال كريون هم الذين اعادوا بناء هذه الصناعة بعد قصف قوات التحالف في حرب الخليج عام 1991 والذي ادى الى اتلاف آبار النفط وخطوط الانابيب.