ماذا سيحدث لو أن صدام حسين فاز بالحرب الدائرة؟ السؤال أكاديمي لأن صدام حسين لن يفوز، فأكثر ما يمكن ان يحقق هو ان تطول الحرب ليخسر جورج بوش معه. ومع ذلك فهناك سبب للسؤال، هو ان الرئىس الاميركي وأركان ادارته تحدثوا تكراراً في الاسابيع الماضية عن محاكمة صدام حسين وأركان نظامه كمجرمي حرب. بل ان الرئىس بوش قال ان الذين يستعملون دروعاً بشرية سيحاكمون كمجرمي حرب، وان ذلك سيطبق على الجميع من صدام حسين الى اي جندي عادي يختبئ وراء درع بشري. ومع تناقض بعض المعلومات، فإنها جميعها تقول ان الادارة الاميركية لا تعتزم تسليم العراقيين المتهمين الى محكمة جرائم حرب دولية الادارة ترفض الانضمام الى مثل هذه المحكمة وانما ستتولى القوات الاميركية محاكمتهم بنفسها، وغالباً في الميدان حيث لا يملك المتهم فرصاً كافية للدفاع عن نفسه. ولكن ماذا اذا انتصر صدام حسين؟ هو سيطلب "تغيير النظام" في واشنطن، واذا قرر محاكمة جورج بوش كمجرم حرب فإنه يستطيع ان يقدم قائمة اتهامات الى محكمة جرائم حرب ميدانية تزيد على ما قد يقدم جورج بوش ضده. اول تهمة ضد جورج بوش ستكون انه خاض حرباً عدوانية غير شرعية على العراق، خارج نطاق الشرعية الدولية. والثانية ان ادارته قدمت ادلة مزورة، او كاذبة، او مبالغاً فيها، عن امتلاك العراق اسلحة دمار شامل. وهو لو امتلكها فإن العراق يظل بعيداً جداً من ان يهدد الأمن الاميركي بأي شكل من الاشكال. والثالثة انه بحكم تدينه يخوض حرباً صليبية على العراق، غير ان كل الكنائس المسيحية في العالم، باستثناء حفنة من المتجددين في تكساس وحولها من أمثال بوش، يعارض بشدة الحرب على العراق ويدينها، ما يعني ان جورج بوش خارج على تعاليم الدين المسيحي ويجب ان يوقع عليه حرم كنسي ليذهب الى جهنم حطباً... بعد اعدامه بالتهمتين السابقتين. والرابعة انه في مجرمي الحرب لم يأخذ حيطة كافية لمنع وقوع ضحايا من المدنيين العراقيين، وهو بالتالي مسؤول عن قتل مئات المدنيين، وربما ألوف منهم، بمن في ذلك نساء وأطفال، الناطق الرئاسي آري فلايشر حمّل صدام حسين مسؤولية قتل هؤلاء... على طريقة حاكمك ظالمك. والخامسة ان ادارته والادارتين السابقتين تتحمل مسؤولية مباشرة عن موت حوالى نصف مليون طفل عراقي بسبب المرض وسوء التغذية والحصار الذي تقوده الولاياتالمتحدة حتى اليوم. وبما ان صدام حسين بعثي وحدوي فهو يستطيع ان يحاكم السجين جورج بوش لدوره في قتل الفلسطينيين، وتوفير المال والسلاح والفيتو لاسرائىل، ما يمكنها من الاستمرار في القتل. طبعاً هناك جرائم اخرى يمكن ان تضمها قائمة الاتهام ضد جورج بوش وأركان ادارته، مثل دور الرئىس ونائبه في فضائح انرون وهالبرتون، ورفض معاهدات لحماية البيئة والحد من انتشار الاسلحة النووية، والتشجيع على سباق تسلح جديد ببناء شبكة الصواريخ الدفاعية. لست محامياً، ولكن هل يمكن ان نزيد الى قائمة الاتهام الكذب. الكل يكذب، غير انني اتحدث هنا عن كذب يؤدي الى تدمير دول وموت ناس ابرياء، وجورج بوش كذب عندما قال مبرراً الحرب انها ستجعل العالم آمناً من الارهاب، وان نهاية صدام ستؤدي الى نشر الديموقراطية في الشرق الاوسط، وان تحالفاً عالمياً يؤيد الحرب، بل يخوضها، في حين انه يتكلم عن "ولاية" اسرائىل ومايكرونيزيا. مرة اخرى، اكتب كرياضة اكاديمية. فصدام حسين سيخسر الحرب، ونرجو ان يخسر جورج بوش معه. غير ان بوش سيربح المواجهة العسكرية، ويقدر بالتالي من المذنب ومن البريء، تماماً كما حدث بعد الحرب العالمية الثانية، فلو ان ادولف هتلر فاز بها لكان حاكم قادة الحلفاء، من سياسيين وعسكريين، في نورمبرغ بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وعلَّقهم على المشانق نفسها التي نصبت لأركان النازية. اكتب غيظاً، وأذكر ان جورج بوش تحدث في معهد اميركان انتربرايز في اواخر شباط فبراير وان وزير خارجيته كولن باول تحدث بعده بشهر في اللجنة الاميركية الاسرائيلية للشؤون العامة ايبال اي اللوبي اليهودي، ووعد الاول اركان العصابة الليكودية التي خططت للحرب بأن اطاحة صدام ستؤدي الى تفاهم الفلسطينيين واسرائىل كيف؟، وفاخر الثاني بخمسين سنة من التعاون الاميركي مع اللوبي، ووعد بتعاون مستمر. كيف يمكن ان نرجو الخير في مثل هذا الوضع والادارة الاميركية تخاطبنا عبر مراكز عدوة، ويسمعها اعداء لنا خططوا للعدوان؟ الاميركيون سيسلمون حكم العراق الى الجنرال المتقاعد جاي غارنر، القادم عبر المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي و"مواصفاته". انه ليكودي الهوى زار اسرائىل ضيفاً على هذا المعهد، ووقع رسالة تحمِّل الفلسطينيين مسؤولية العنف. والعراق، مجرد بداية، فالكل مستهدف سواء عارض الحرب او أيدها سراً.