تواصل الجدل أمس في شأن محاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين ومكان المحاكمة وطبيعة العقوبات. واعتبر الرئيس جورج بوش انه يستحق "العقوبة القصوى"، فيما اعلن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير انه يؤيد محاكمة صدام في العراق وفي محكمة عراقية، كما جدد وزير الخارجية البريطاني جاك سترو معارضة لندن عقوبة الاعدام. وفي بغداد، أعلن مجلس الحكم الانتقالي ان صدام حسين موجود في منطقة بغداد الكبرى وسيحاكم محاكمة علنية في العراق. وقال عضو المجلس احمد الجلبي ان القضاء العراقي "ينص على حكم الاعدام". واعلن رفضه الدعوات لمحاكمته امام محكمة دولية. دافع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير مساء الثلثاء عن فكرة محاكمة صدام حسين امام محكمة عراقية بدلا من محكمة دولية. واعتبر في مقابلات مع القسم العربي ل"هيئة الاذاعة البريطانية" بي بي سي ولاذاعة وتلفزيون القوات المسلحة البريطانية، ان بث صور الرئيس العراقي السابق الذي اعتقل السبت في العراق، امر مبرر لانها "تظهر للناس ان صدام حسين هو فعلا في الاسر". وقال: "خلافا لما قيل لن نلجأ الى محاكم دولية في حال وجود محكمة تتمتع بالاختصاص والكفاءة في البلد نفسه". واضاف "إذا تمكن العراقيون من تشكيل محكمة في اطار عملية عادلة وملائمة فينبغي عندئذ ترك الامر للعراقيين كي ينظموا محاكمته ولا اعتقد بأن العراق يجب ان يعامل في شكل مختلف عن الدول الاخرى". الى ذلك، كرر وزير الخارجية البريطاني جاك سترو الثلثاء اثناء زيارة الى دبلن ان بريطانيا تعارض عقوبة الاعدام "مهما كانت الظروف". واوضح مشيراً الى الولاياتالمتحدة والصين "ان عقوبة الاعدام واقع قائم في بعض الدول وبينها اثنتان من الدول الدائمي العضوية في مجلس الامن". وفي واشنطن، اعتبر الرئيس جورج بوش ان صدام حسين يستحق "العقوبة القصوى". وقال في مقابلة مع محطة التلفزيون الاميركية "اي بي سي" مساء الثلثاء "سنرى اي عقاب سيلقاه. ولكن اعتقد بأنه يستحق العقوبة القصوى لما الحقه بشعبه. انه جلاد وقاتل وكانت عندهم غرف يتم فيها اغتصاب النساء. انه طاغية يستحق المحاكمة والعقوبة القصوى". لكنه اضاف "هذا الامر لا يقرره رئيس الولاياتالمتحدة ولكن المواطنين العراقيين في شكل او آخر". وكان بوش رفض الاثنين خلال مؤتمر صحافي الرد على سؤال عما اذا كان يعتقد بأنه ينبغي الحكم على صدام بالاعدام. وقال "لدي آراء شخصية عن الطريقة التي ينبغي ان يعامل وفقها، لكني لست مواطنا عراقيا. العراقيون هم من يقررون". واوضح في مقابلته التلفزيونية ان "من الضروري ان تكون العملية ... شفافة ومفتوحة وان يكون الشعب قادرا ان يرى بالتحديد ماذا يجري" معتبرا ان "العراقيين قادرون تماما على تنظيم محاكمة صدام حسين بانفسهم". من جهة اخرى، قال بوش انه "لا يرغب في لقاء" صدام حسين. واضاف "لقد رأيته كفاية. رأيته وهم يفلونه بعد اخراجه من جحر فأر". وجدد تأكيده عدم ثقته بما يمكن ان يقوله الرئيس العراقي المخلوع خلال استجوابه. وقال "لقد خدع وكذب على العالم في الماضي وهو لن يتغير ...ليس هناك أدنى شك بأن صدام حسين شخصية خطيرة". مشيرا الى انه لا فرق بين امكان حصول صدام على اسلحة الدمار الشامل وبين وجود هذه الاسلحة فعلا على الاراضي العراقية وهي حجة غالبا ما تذرعت بها ادارته كتبرير رئيسي لشن الحرب على العراق. وفي بغداد، اكد العضو في مجلس الحكم الانتقالي في العراق موفق الربيعي أمس ان صدام حسين المعتقل لدى الاميركيين موجود في "بغداد الكبرى وسيبقى ليحاكم محاكمة علنية امام محكمة عراقية". لكنه اوضح في مؤتمر صحافي عقده مع رئيس مجلس الحكم الانتقالي بالنيابة عدنان الباجه جي ان اي "قرار نهائي باعتباره اسير حرب لم يتخذ كما قال لنا الحاكم المدني الاميركي للعراق بول بريمر والامر لا يزال قيد البحث". وقال الباجه جي ان البحث لا يزال جارياً في وضع صدام حسين باعتباره اسير حرب او مجرم حرب، مشيراً الى انه "من الناحية القانونية ليس هناك ما يمنع تسليم اسير حرب لمحاكمة في جرائم حرب وضد الانسانية". وتلا الربيعي بيانا لمجلس الحكم رحب فيه باعتقال صدام وانتهاء حقبة مظلمة ودعا العراقيين الى فتح صفحة جديدة. واوضح ان "الخبراء الدوليين موضع ترحيب" في هذه المحاكمة، مشيراً الى ان المحكمة يمكن ان تطلب مساعدة خبرات دولية "وتعين قضاة اجانب اذا لزم الامر". واعلن المجلس ان اتباع صدام و"الارهابيين" الاجانب سيحاكمون بتهمة ارتكاب جرائم حرب. ودعا البيان جنود جيش صدام المنحل الذين لم يرتكبوا اي جرائم لاثبات ولائهم للامة تمهيدا لقبول عودتهم الى صفوف الشعب العراقي. واكد الربيعي انه "لم يتقرر بعد ما اذا كان اسير حرب ويتمتع بالحقوق الواردة في اتفاقيتي جنيف ولاهاي او متهما بجرائم ضد الانسانية لا يتمتع بهذه الحقوق"، مشيرا الى انها "قضية قانونية". وقال الربيعي الذي كان بين اعضاء مجلس الحكم الذين التقوا صدام حسين غداة اعتقاله السبت الماضي قرب تكريت، ان محاكمة الرئيس العراقي السابق ستكون "محاكمة العصر ... وستنكشف فيها اسرار وسينكشف رؤساء دول وملوك ومثقفون وسياسيون ونواب موجودون الآن في الحكم او خارج الحكم ... في المعارضة او في الحكم في الدول العربية والاسلامية والشرقية والغربية". الى ذلك، دعا عضو مجلس الحكم العراقي احمد الجلبي في مقابلة نشرتها أمس صحيفة "كورييري ديلا سيرا" المسائية الايطالية الى تنفيذ حكم الاعدام في حق صدام حسين. وقال انه يأمل "ان تبدأ محاكمته قريبا وآمل ان يمثل امام محكمة عراقية على الاراضي العراقية امام قضاة عراقيين يطبقون القانون العراقي"، مشيرا الى ان القضاء العراقي "ينص على حكم الاعدام". وكان الجلبي اعلن الثلثاء رفضه الدعوات لمحاكمة صدام حسين امام محكمة دولية. وقال للتلفزيون الكويتي انه لا يعتقد بأن من المناسب ان تنصب اطراف اخرى من نفسها اوصياء على صدام حسين الذي ارتكب كثيراً من الجرائم ضد الشعب العراقي وبالتالي فالعراقيون ومجلس الحكم هم اصحاب الحق الاكبر في محاكمته. واضاف ان هناك الكثير من الادلة لادانة صدام بجرائم نكراء. طارق عزيز من جهة أخرى، أكد نجل نائب رئيس الوزراء العراقي السابق طارق عزيز الذي تعتقله القوات الاميركية أمس، انه كلف المحامي الفرنسي جاك فيرجيس الدفاع عن والده. وقال زياد عزيز في عمان أمس: "طلبت من المحامي فيرجيس وهو صديق قديم، ان يتولى الدفاع عن والدي" في محاكمته. هولنداواسبانيا الى ذلك، اعلن وزير الخارجية الهولندي بن بوت امام البرلمان الهولندي أمس ان بلاده تعارض تنفيذ حكم الاعدام في حق صدام حسين. ونقلت وكالة الانباء الهولندية عن الوزير قوله "ان هولندا تعارض مبدأ حكم الاعدام وبالتالي تعارض اعدام صدام حسين". واضاف ان بلاده مستعدة لدعم محكمة تكلف محاكمة الدكتاتور السابق لكن اذا اقرت هذه المحكمة حكم الاعدام كحكم محتمل فن لاهاي ستعارض ذلك. وفي مدريد، اعلن وزير العدل الاسباني خوسي ماريا ميتشافيلا ان اسبانيا تؤيد محاكمة صدام "محاكمة عادلة مع كل الضمانات ومن دون اي امكان للتهرب من العقاب لكن بتجنب حكم الاعدام".