أثار ترشيح وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون الجنرال المتقاعد جيه غارنر لادارة العراق بعد سقوط الرئيس صدام حسين شكوكاً في قدرات واشنطن على معرفة نبض بلد تمزقه انقسامات عرقية. وغارنر محارب قديم في حرب فيتنام رشحه صديقه وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ليكون حاكماً موقتاً للعراق بعد الحرب. ويقول منتقدون ان واشنطن اخطأت قراءة حال العراقيين قبل الحرب، وان انهيار توقعاتها في قيام انتفاضة شيعية ضد النظام العراقي يشير الى فشل عمل استخباراتها. يعقد غارنر اجتماعات مع ضباط اميركيين وبريطانيين في الكويت لوضع خطة لعراق جديد اذا سقط صدام. ويطرح سؤال عن مدى استماع غارنر الى المسؤولين انفسهم في المعارضة العراقية في المنفي والذين أخطأوا في توقع انتفاضة في الجنوب مع دخول القوات الاميركية. وقال المحلل العماني سيف المسكري النائب السابق للامين العام لمجلس التعاون الخليجي: "قلت للاميركيين منذ 10 اعوام انهم يستمعون الى اشخاص غير ملائمين... المعارضون اما غادروا العراق قبل 20 عاما ولذلك فهم بعيدون عن الواقع، او رحلوا منذ فترة وجيزة وهم جزء من النظام". وتساءل: "كيف يمكن ان يكون رجال يشكلون جزءا من الاستخبارات العراقية او من فرق التعذيب منقذين للعراق. أو بمعنى اصح كيف تحررون الناس بقتلهم". وقال محلل عراقي، لا ينتمي الى المعارضة مقره الخليج: "الآن بعد ان حرك الاميركيون الاناء فيجب ان يبقوا في العراق بأعداد كافية لتحقيق استقراره ومنح الفئات العراقية المختلفة ادارة ذات جدوى... لكن هل يعرفون شيئاً عن العداوة التي سيواجهونها عند الوساطة بين القبائل والطوائف والجماعات العرقية". يرأس غارنر مكتب التعمير والمعونات الانسانية التابع لوزارة الدفاع. وسيتم تحديد دور المكتب في توزيع الغذاء والدواء والمسكن بينما يمهد السبيل لقيام حكومة عراقية موقتة. وقال ضابط بريطاني مطلع على مهمات المكتب: "سيقمع العسكريون عمليات القتل الثأرية بينما يتولى المكتب تدريب وتطوير ادارة موقتة وهيكل قضائي وتحسين الخدمة المدنية... لكن الكثير من هذه الامور لا يزال في مرحلة التخطيط... لا نعرف البيئة التي سنجد انفسنا فيها في مواجهة المدنيين العراقيين". يذكر ان غارنر 64 سنة امضى القسم الاكبر من حياته العملية في المؤسسات العسكرية الاميركية. وله خبرة في العمل الانساني منذ عملية مساعدة الاكراد بعد حرب الخليج العام 1991. ولكن اتصالاته في واشنطن وخبرته مع الاكراد لا تمنحه معرفة كافية بالفئات العراقية الاخرى والتي يحتاجها لمساعدته في التخلص من عناصر متبقية من أنصار صدام. وقال المحلل العراقي عدنان مكية: "يكمن الخطر في ان الاميركيين لا يستطيعون التفرقة بين ميليشيا صدام والعراقيين العاديين... يكاد القضاء على هذه القوة ان يكون مستحيلاً من دون خبرة كافية بالمجتمع العراقي والحياة اليومية تحت صدام". ويتوقع معلقون عرب ان تكون مهارة غارنر الديبلوماسية محل اختبار، اذا حاولت ادارته تغيير عداء العراق القوي لاسرائيل. ويثير معلقون هذا السؤال، لأن غارنر أيد علانية بيانا اصدره العام 2000 المعهد اليهودي للشؤون الامنية الداخلية، ومقره الولاياتالمتحدة، أثنى فيه على الجيش الاسرائيلي لاظهاره ضبط نفس ممتازاً في التعامل مع الانتفاضة الفلسطينية. قال البيان الذي وقعه غارنر وضباط اميركيون متقاعدون آخرون في ذلك الوقت: "تشكل اسرائيل القوية عنصراً يمكن ان يعتمد عليه المخططون العسكريون والسياسيون الاميركيون".