سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأميركيون ينأون بأنفسهم عن لجان "انتخبت" لإدارة العاصمة ... بعد يوم من تقاطر قادة المعارضة عليها . رئيس "اللجنة التنفيذية" لبغداد يعلن إطلاق الحياة السياسية : النظام المقبل سيكون "نموذجاً في الديموقراطية"
نأت واشنطن أمس بنفسها عن إعلان معارضين عراقيين أنفسهم مسؤولين عن "اللجنة التنفيذية" المكلّفة إدارة بغداد بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين. وصدر الموقف الأميركي بعد ساعات من إعلان السيد محمد محسن الزبيدي ان مجموعة من رجال الدين والعشائر والاعيان "انتخبته" رئيساً ل"اللجنة التنفيذية" لبغداد، في حين أعلن السيد جودت العبيدي انه اصبح رئيس بلدية العاصمة. وقال جاي غارنر، رئيس الإدارة التي تقودها الولاياتالمتحدة في العراق، انه متفائل بقدرة العراقيين على التغلب على الانقسامات العميقة التي تعصف بهم. تسارعت أمس محاولات ملء الفراغ الذي نشأ في بغداد بفعل إنهيار نظام الرئيس صدام حسين الأسبوع الماضي. وأعلن معارضون عراقيون انهم "انتخبوا" مسؤولين عن لجان مكلّفة تسيير الشؤون العامة في العاصمة، وذلك بعد يوم واحد من بدء تقاطر قادة فصائل المعارضة اليها. لكن القيادة العسكرية الأميركية في بغداد سارعت الى نفي علاقتها بالتعيينات المعلن عنها. وأكد الكابتن جو بلنزلر، ضابط العلاقات العامة في سلاح مشاة البحرية الاميركية المارينز، ان "الحكومة الاميركية لم تعين احداً رئيس بلدية او أي شيء آخر". وأضاف ان "الاشخاص يمكنهم ان يقدموا انفسهم كما يشاؤون"، إلا ان التعيينات ستصدر عن الإدارة المدنية التي يرأسها الجنرال المتقاعد جاي غارنر. وكان بلنزلر يُعلّق على إعلان السيد محمد محسن الزبيدي ان مجموعة من رجال الدين والعشائر والاعيان "انتخبته" رئيس "اللجنة التنفيذية" لبغداد، فيما اعلن السيد جودت العبيدي انه اصبح رئيس بلدية العاصمة. وقال الزبيدي، المسؤول في "المؤتمر الوطني العراقي" الذي يتزعمه السيد أحمد الجلبي، انه اختير ليرأس "اللجنة التنفيذية الموقتة" لادارة بغداد بعد انهيار نظام صدام. وأضاف للصحافيين في "فندق فلسطين" في وسط بغداد من خلال مترجم فوري ان ممثلين لرجال الدين من السنة والشيعة والمسيحيين وجامعيين وكُتّاباً ورجال عشائر هم الذين اختاروه رئيساً للجنة. وتحاول جماعات المعارضة العراقية المتباينة ملء فراغ السلطة الذي نجم عن اطاحة نظام صدام. وصرح بأنه لا يخطط لأن يصبح رئيساً للعراق. وقال انه يحرص فقط على خدمة الشعب العراقي واعادة النظام والأمن والخدمات العامة للعاصمة العراقية التي تعرضت للسلب والنهب منذ ان دخلتها القوات الاميركية قبل أكثر من أسبوع. وأضاف انه على اتصال وثيق بالجيش الاميركي. وأعرب عن اعتقاده بأن القوات الأميركية لن تغادر العراق إلا اذا كانت مقتنعة ان في وسع العراقيين ان يحكموا انفسهم. وقال ان العراقيين في حاجة ماسة الى واشنطن لاقرار السلام والنظام في بغداد وتقديم المساعدة للشعب. وتحدث الزبيدي، الذي قام إثر المؤتمر الصحافي بجولة في بغداد رافقه فيها عدد من الصحافيين والمصورين، عن إعادة اطلاق الحياة السياسية، مشيراً إلى أن 65 فصيلاً سياسياً تستعد لاستئناف نشاطاتها التي حظرها نظام صدام. وقال إن النظام الذي سيقوم في بغداد "سيكون نموذجاً في الديموقراطية" وان "الشعب العراقي سيتمكن بعد ذلك من اختيار حكومته بحرية". ولم يدل الزبيدي، الذي أمضى 15 عاماً في شمال العراق وحكم عليه النظام السابق بالإعدام، بايضاحات عن عمل الادارة الموقتة. إلا أنه أشار الى ان عناصر من حزب البعث يمكن ان تشارك فيها، باستثناء "المجرمين"، على حد قوله، "الذين يعرفون أنفسهم". وأكد انه ينسق عمله مع القوات الأميركية التي قال انه يلتقي معها كل يوم. إلا أنه أشار الى انه لم يتصل بعد بالجنرال جاي غارنر. وبدأت اذاعة بغداد بالبث الاربعاء، ويفترض ان يستأنف التلفزيون العراقي البث خلال أيام. وقال الزبيدي، في هذا الإطار، ان اجتماعاً سيعقد السبت ويضم الصحافيين الذين كانوا يعملون في صحف تابعة للحكومة، على ان تعود الصحف الثلاث في البلاد الى الصدور مع تغيير اتجاهاتها السياسية واسمائها. وقال الزبيدي ان القوات الاميركية ساعدت في العثور على 15 معتقلاً سياسياً كانوا محتجزين في زنزانات تحت الأرض في الكاظمية، إحدى ضواحي العاصمة العراقية. وإضافة الى الزبيدي، اعلن السيد جودت العبيدي أنه اصبح رئيس بلدية بغداد. عودة المعارضين السابقين وكان زعيم "المؤتمر الوطني العراقي"، أبرز حركات المعارضة السابقة، السيد أحمد الجلبي وصل الاربعاء الى بغداد آتياً من الناصرية جنوب حيث أمضى 15 يوماً. وأوضح مساعده نبيل الموسوي من الموصل شمال ان الجلبي له عائلة في بغداد. ويأمل الجلبي 57 عاماً ان تبقي الولاياتالمتحدة قواتها في العراق حتى اجراء اول انتخابات ديموقراطية، وألح على الاميركيين ليحلوا حزب البعث واشاعة استقرار سريع للوضع من اجل تلبية حاجات السكان. وقال صعب سيثنا الذي سافر مع الجلبي في موكبه من الناصرية: "خططنا هي اقامة وجود لنا هنا وانشاء مكتب وبدء العمل نحو اعادة بناء الديموقراطية والمجتمع المدني في العراق". وأضاف سيثنا الذي كان يتحدث بالهاتف عبر الأقمار الاصطناعية "خطته الاولى هي الذهاب لرؤية بيته القديم الذي اصبح الآن سفارة الهند في حي الاعظمية شمال بغداد ثم بدء بناء الديموقراطية في العراق". وأوضح بيان صدر عن "المؤتمر الوطني العراقي" في لندن ان الجلبي وزعماء أربع جماعات سياسية اخرى سيلتقون في بغداد في اقرب وقت ممكن. و"مجلس الخمسة" الذي يمكن توسيعه ليضم عراقيين عاشوا في ظل صدام، مستقل نسبياً عن الولاياتالمتحدة ويشمل "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" في العراق، الجماعة الشيعية الرئيسية التي ترفض التعاون مع القوات الاميركية. واعضاء المجلس هم الجلبي وممثل "المجلس الاعلى" السيد عبدالعزيز حكيم والسيد اياد علاوي من "حركة الوفاق الوطني" ورئيسا الجماعتين الكرديتين الرئيسيتين مسعود بارزاني وجلال طالباني. وأعلنت "حركة الوفاق"، التي وصل زعيمها اياد علاوي ايضاً الى بغداد، انها فتحت مكاتب لها في العاصمة والبصرة جنوب وكركوك والموصل شمال "ايذاناً ببدء مرحلة علنية من العمل السياسي". واضافت ان "مقر الحركة في بغداد باشر العمل من أجل مساعدة العراقيين والمساهمة في تنظيم قطاعات ومؤسسات الدولة". غارنر متفائل وفي الكويت، قال الجنرال غارنر في مقابلة مع وكالة "رويترز" انه متفائل بأن العراقيين يمكنهم التغلب على الانقسامات العميقة وإقامة نظام ديموقراطي فعال. وأضاف انه مقتنع بأن الخلافات المذهبية والعرقية في العراق من الممكن التغلب عليها و"اعتقد ان كل شيء بصدد النجاح... كل شيء يمثل تحدياً... الأمن واعادة امدادات الكهرباء والمياه واعادة الاطفال الى المدارس وزرع المحاصيل وحصادها وتعبيد الطرق واقامة الجسور وازالة الانقاض". وقال انه مسرور للتقدم الذي احرز الثلثاء خلال المحادثات مع ممثلين من الفصائل الدينية والسياسية في العراق. لكنه قال ان تحديد قادة المستقبل يرجع الى العراقيين أنفسهم. وتابع بعد اجتماع مع عضو من مجلس النواب الاميركي في فندق في الكويت أصبح مقره الموقت: "لن نفعل نحن هذا... العراقيون هم الذين سيقومون بذلك". وزاد: "كان هذا اول تصويت ديموقراطي في العراق، لذا فإنني اعتقد ان كل شيء بصدد النجاح. لدي احساس طيب للغاية حيال ذلك. سيختارون في ما بينهم". وقال نائب غارنر البريغادير جنرال البريطاني تيم كروس ان اتخاذ قرار في شأن كيفية ادارة العراق سيستغرق وقتاً. وتابع: "نحن في الأيام الاولى من تمتع الناس بحريتهم في التعبير عن آرائهم، لذا يجب الا نفاجأ عندما يظهر اناس بآراء مختلفة... نحن نقيم هيكلاً يُمكن للعراقيين في اطاره ان يعيدوا بناء مستقبلهم".