سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عودة الى مشروع "الانسحاب التدريجي المشروط" للالتفاف على "خريطة الطريق". شارون يقترح "لفتات حسن نية" لمساعدة ابو مازن واليمين يطالبه بضم الضفة ويهدد باسقاطه
أعلنت اسرائيل سلسلة من الخطوات التي تنوي القيام بها في اطار "بوادر حسن نية" تجاه رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمود عباس ابو مازن وتهدف في ما يبدو الى "ضرب عصفورين بحجر واحد"، فرئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون الذي أعلن قبل يومين انه "لا يعطي هدايا لاحد" ولا يقدم بوادر حسن نية تجاه ابو مازن، يحاول الالتفاف على استحقاق الموافقة على خطة "خريطة الطريق" من خلال العودة الى مشروع "الانسحاب التدريجي المشروط"، كما يحاول استباق اي ضغط اميركي محتمل قد يحمله وزير الخارجية الاميركي كولن باول خلال زيارته المرتقبة للمنطقة، وذلك من اجل كسب الوقت حتى يتوجه شارون بنفسه الى واشنطن في 19 المقبل "للتفاهم" مع الرئيس جورج بوش شخصيا لمرحلة ما بعد الحرب على العراق. وفي خضم ذلك كله، بدأ اقصى اليمين الاسرائيلي في اوساط المستوطنين بالتململ والتهديد باسقاط "أب الاستيطان" شارون، فيما شرع عدد من اعضاء حزب "ليكود" بجمع التواقيع لحمل حكومة شارون على تطبيق احد بنود دستور الحزب الداعي الى "فرض السيادة الاسرائيلية الكاملة على يهودا والسامرة"، اي الضم العملي للضفة الغربية. ذكرت مصادر اسرائيلية ان رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون ينوي الاجتماع مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ابو مازن فور المصادقة على حكومته الاربعاء المقبل، وهو الموعد النهائي المتاح لرئيس الوزراء لطرح حكومته لنيل ثقة المجلس التشريعي. ويأتي اعلان شارون غداة تصريحات أدلى بها الى صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية حملت الفحوى نفسه. ونشرت الصحف العبرية امس سلسلة من "خطوات حسن النية" قالت ان مسؤولين اسرائيليين من بينهم مدير مكتب شارون دوف فايسغلاس، عرضوها على المسؤولين الاميركيين الاثنين الماضي لبدء تنفيذها "من اجل تحسين اداء حكومة ابو مازن وتخفيف معاناة الفلسطينيين". وتشمل هذه "الخطوات" تخفيف اجراءات الحصار والاغلاق المفروضين على الاراضي الفلسطينية منذ نحو ثلاثة اعوام، ونقل مزيد من اموال الضرائب التي تحتجزها اسرائيل لحساب السلطة الفلسطينية، و"ربما اطلاق بعض المعتقلين الاداريين الفلسطينيين"، المعتقلون في السجون الاسرائيلية من دون مثولهم امام المحاكم الاسرائيلية، و"انسحاب عسكري اسرائيلي تدريجي من منطقة يختارها ابو مازن ويستطيع ان يفرض سيطرته عليها ووقف الهجمات المنطلقة منها". وقالت صحيفة "هآرتس" ان وحدة التخطيط في الجيش اقترحت ان تبدأ نقطة البداية من شمال قطاع غزة حيث قوات الامن الفلسطينية قوية نسبيا بحسب وصف المصادر ذاتها التي اضافت انهم "اذا فشلوا في ذلك تعيد اسرائيل احتلال المنطقة بعينها". ولا تخرج هذه التصورات الاسرائيلية عن ما سبق واعلنه شارون مرارا وتكرارا في شأن "خطة الخطوة خطوة" و"انتظار التنفيذ الفلسطيني قبل بدء اسرائيل بتنفيذ ما هو مطلوب منها". وردت السلطة الفلسطينية على هذه الانباء على لسان وزير الحكم المحلي صائب عريقات بالقول ان "المرحلة الحالية لا تحتاج الى لفتات وخطوات ثقة بل التزام اسرائيلي بقبول خريطة الطريق وتنفيذها من دون قيد او شرط". واضاف: "حتى اللحظة لم يعلن الاسرائيليون قبولهم خريطة الطريق والتزامهم تنفيذها من دون قيد او شرط وهذا هو المطلوب الان". ويتطابق جزء من هذه "الخطوات" مع ما اوردته صحيفة "نيويورك تايمز" عن مطالب قدمتها الادارة الاميركية الى الحكومة الاسرائيلية وطالبت بتنفيذها فورا. ويرى المراقبون ان التصريحات الاسرائيلية الاخيرة تأتي في سياق "كسب الوقت" الذي يحتاجه شارون ريثما يتوجه الى الولاياتالمتحدة الشهر المقبل. وهذه الزيارة المحتملة ستتزامن مع عقد اجتماع كبير لمؤيدي اسرائيل في الولاياتالمتحدة في 19 ايار المقبل دعي اليه كل من شارون وبوش واعضاء كبار في مجلس الشيوخ الاميركي من المؤيدين لاسرائيل. وستسبق زيارة شارون جولة سيقوم بها وزير الخارجية الاميركي كولن باول في المنطقة تتضمن اجراء محادثات تتناول وضع الشرق الاوسط ما بعد سقوط بغداد و"خريطة الطريق" لحل النزاع الفلسطيني-الاسرائيلي. ومن شبه المؤكد ان يلتقي باول رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد وان يواصل تجاهل الرئيس ياسر عرفات الذي قطعت الادارة الاميركية الاتصالات الرسمية معه منذ نحو عام. واشارت مصادر اسرائيلية بهذا الشأن الى ان الولاياتالمتحدة ستقدم "ملاحظاتها" للزعماء الاوروبيين في شأن اتصالاتهم مع عرفات بناء على طلب اسرائيلي، وذلك "لتعزيز مكانة ابو مازن". المستوطنون يستهجنون تصريحات شارون وفي الوقت الذي يستمر الجدل الاسرائيلي الداخلي في شأن مدى جدية شارون في خصوص ما اعلنه عن نيته اخلاء بعض المواقع الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة، قوبلت هذه التصريحات من زعماء اليميين الاسرائيلي المتشدد والمستوطنين باستهجان وغضب واستياء شديد. ونقلت تصريحات عن هؤلاء هددوا خلالها باسقاط شارون اذا اخلى ايا من المستوطنات. غير ان بعض اقطاب المستوطنين المتطرفين شرع بجمع تواقيع اعضاء مركز حزب "ليكود" لاتخاذ قرار يلزم الحزب ورئيسه شارون تنفيذ البند الرقم 1 من دستور الحزب القاضي ب"تطبيق السيادة الاسرائيلية الكاملة على يهودا والسامرة"، اي الضفة الغربية، وهذا البند اقر عام 1993 من جانب حزب "ليكود". وصرح موطي كاربيل من مستوطنة "بات عين" وصاحب كتاب "انقلاب الثقة" الذي يتحدث فيه عن سلطة الدين اليهودي على الدولة، بأن على اسرائيل بعد ضم الاراضي الفلسطينية الى الدولة العبرية ان تعالج مسألة الفلسطينيين بمنحهم بطاقات هوية تضمن لهم حق الاقامة من دون منحهم الجنسية الاسرائيلية او حق الاقتراع على غرار نموذج المقيمين الفلسطينيين في القدس الذين يحملون بطاقات هوية اسرائيلية زرقاء اللون. حكومة ابو مازن: ملامح انفراج في غضون ذلك، ظهرت ملامح انفراج على الازمة التي واجهها ابو مازن بعد عرضه الصيغة الاولية لتشكيلته الحكومية والتي لاقت معارضة عرفات واللجنة المركزية لحركة "فتح" والمجلس التشريعي. وقال رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أحمد قريع ابو العلاء الذي يشارك في عضوية "لجنة الوساطة" من اجل التوصل الى اتفاق على التوليفة الحكومية ان "الحوار مستمر بهدف التوصل الى قواسم مشتركة تسمح بعرض الحكومة امام التشريعي قبل الفترة القانوية المحددة لهذا الامر والتي تنتهي الاربعاء المقبل". ورشحت معلومات تفيد ان ابو مازن عدل عن ادخال وزير الزراعة السابق حكمت زيد في الحكومة الجديدة بسبب المعارضة الشديدة في اوساط المجلس التشريعي واللجنة المركزية، في حين قبل اخيرا باسناد حقائب وزارية عملية للوزيرين صائب عريقات وياسر عبد ربه، واللذين كان اسند اليهما منصبين وزاريين من دون حقائب، الامر الذي اثار استياء الرئيس الفلسطيني. اما محمد دحلان الذي اسند اليه ابو مازن منصب وزير الشؤون الداخلية، فطرحت "حلول وسط" تقضي باسناد حقيبة زارية اخرى له من اجل تجاوز الخلافات داخل مركزية "فتح".