المشاهد الدعائية المنتشرة في صالات السينما لفيلم ارنولد شوارزنيغر المقبل "ترميناتور 3"، تنبئ بفيلم صاخب. انفجارات، اطلاق رصاص، مؤثرات، معادن مطحونة، قتال يدوي وناري من الأسلحة كافة ولقطة لشوارزنيغر ينظر من علٍ الى حيث سقط عدوّه الجديد امرأة من مخلوقات الفضاء تتحوّل الى اي شكل تريد. ثم يستدير الى الكاميرا ويقول "ستعود" She Will Be Back. وهذا يختلف تماماً عن عبارته الشهيرة "أنا سأعود" التي كانت استخدمت في ترويج فيلمه الثاني من هذه السلسلة. ربما هو لسان حال الوضع الذي يحيط بالممثل فعلاً. ذهبت تلك الأيام التي كان فيها شوارزنيغر يؤثر كثيراً اذا ما قال لجمهوره "سأعود"، ذلك أن أفلامه الأخيرة استقبلت بفتور ملحوظ. في البداية كان هناك "باتمان وروبين" 1997 الذي حاول صانعوه بناء نجاحه على قيام شوارزنيغر بلعب دور الشرير فيه أكثر من اكتراثهم لدور البطولة الذي قام به جورج كلوني. ولم تكن المسألة فقط في كون شوارزنيغر قبض أجراً أعلى، بل ان الفيلم فجأة استدار 180 درجة ليتحدث عن الشرير بالتجسيد والاهتمام نفسيهما اللذين يُعامل بهما البطل عادة. "باتمان وروبين" كلف أكثر من 160 مليون دولار وحصد ما يوازيها، ما يعني أنه فشل في تحقيق الارباح. خسر المواجهة الأولى تبع ذلك "نهاية الأيام" وفيه يلعب شوارزنيغر دور رجل بوليس يجد نفسه يقارع الشيطان غبريال بيرن الذي يريد الإقتران بروبين توني على أمل السيطرة على مستقبل الدنيا والآخرة معاً. الجمهور لم يقبض كل هذا الرغو وشوارزنيغر خسر المواجهة المباشرة الأولى من ثلاثة أفلام متتابعة. الثاني كان "اليوم السادس" 2000 الذي رأينا فيه شوارزنيغر مرتين: انه بطل الفيلم الذي يعود يوماً الى بيته ليجد أن "استنساخاً" عن نفسه هو الذي يعيش فيه. بذلك صار لدينا أرني طيّب ضد أرني شرير وعلى الأول البحث، ليس فقط، عن كيف يسترجع موقعه في البيت، بل ايضاً كيف يواجه الأشرار الذين يريدون السيطرة على العالم بإطلاق استنساخات من الناس. الفيلم الثالث الذي كان من بطولة شوارزنيغر ولم يحقق نجاحاً يذكر هو "ضرر إضافي" وهذا كان أفضلها إنجازاً. أخرجه أندرو ديفيز، المسؤول عن إطلاق نجومية ستيفن سيغال، ولو لفترة قصيرة، حول رجل عادي لا شيء عادياً مطلقاً حول شوارزنيغر يقرر الإنتقام شخصياً من عصابة المخدرات الكولومبية التي نفذت عملية ارهابية أدت الى مقتل زوجته وطفله. وأجّل عرض هذا الفيلم من أيلول سبتمبر 2001، ولأسباب ليست بحاجة الى الشرح، الى العام الماضي، لكن الجمهور كان صوّت ضده على اي حال فنزل العروض من دون كثير اهتمام. مشاريع لم تتحقق يعود شوارزنيغر إذاً في "ترميناتور" جديد، اي من السلسلة التي صنعته نجماً في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، ويراهن كثيراً على نجاح هذا الفيلم. ففي وقت مضى كان يكفي أن يعرب عن رغبته بتمثيل فيلم ما حتى يكون ذلك كافياً لإنجاز الفيلم على مقاسه وبشروطه. الآن الأمور اختلفت وليس أدل على ذلك من مشاريع سعى الممثل المعروف الى إنجازها لكنها لم تتحقق. لسنوات، مثلاً، حث هوليوود على تمويل مشروع تاريخي يقوم فيه بدور محارب صليبي أيام القدس. يومها حذّر المخرج العربي مصطفى العقاد من أن فيلماً هوليوودياً عن الحرب الصليبية لن يحمل سوى وجهة النظر الغربية، بينما فيلمه الجاهز للتصوير حال تتوافر الموازنة جاهز لنقل وجهة النظر العربية والتاريخية الصحيحة حول الموضوع. لكن لا التمويل العربي توافر ولا التمويل الأميركي. وعلى مدى عامين عمل شوارزنيغر عن كثب على هذا الموضوع لكنه في النهاية ترك الحملة التي قادها لإنجاز تلك الحملة. المشروع الآخر الكبير الذي حلم شوارزنيغر به هو نسخة جديدة من الفيلم الخيالي/ العلمي القديم "أنا أسطورة" I Am Legend والعنوان يكاد يطابق الموقف فعلاً. الفيلم الأصلي حُقق سنة 1954 من بطولة شارلتون هستون ودار حول آخر رجل على الأرض بعد حادثة نووية ينجم عنها تفريخ بشر من آكلي اللحوم الآدمية زومبيز. مخرجون عدة داروا حول هذا المشروع كما الفراشات حول مصباح وشوارزنيغر كان على إتصال بهم كحلقة وصل، في بعض الأحيان، بينهم وبين الاستديو. ومع أن بضعة أسماء أخرى اقتُرحت للدور، بمن فيهم هاريسون فورد، الا أن شوارزنيغر بقي المرشح الأقوى. كل ذلك لم يأتِ بنتيجة وتم حالياً تجاهل الفيلم كاملاً. في الحالين السابقتين كانت الموازنة المرتفعة هي السبب في عدم تنفيذ الفيلم ما يخفي ادراكاً من هوليوود بأن سعر شوارزنيغر في السوق لم يعد كما كان عليه في الثمانينات ومطلع التسعينات من القرن الماضي. حتى "ترميناتور3" لم يتم الا بعد حملة كبيرة قادها شوارزنيغر بنفسه. واليوم هو من عليه النظر صباح الأيام القليلة المقبلة ليقرأ نتائج الإيرادات الأولى. اذا ارتفعت ارتفع مجدداً بها، والا فإن من سقط في الهاوية ليست امرأة الفضاء.