تركت السهولة التي دخلت بها القوات الاميركية الى بغداد قبل أيّام، في نفوس المصريين الكثير من الإحباط، خصوصاً اولئك الذين راهنوا على مقاومة باسلة تبديها "مدينة الاسود". لكن قلة منهم وجدت في اقتراب الحرب من نهايتها خسارة مادية لا تعوّض. فهناك مهن عدّة أنعشتها الحرب في القاهرة... وفي طليعة المستفيدين تجار اجهزة ال"ستلايت" والاطباق الفضائية الذين انتعشت تجارتهم، وساعدهم في ذلك الأداء السلبي للإعلام المصري الذي شهد تراجعاً لمصلحة قنوات "الحياة LBC" و"ابوظبي" و"الجزيرة" التي جذبت المصريين بمختلف فئاتهم. والذين لا يملكون ال"ستلايت" صاروا يترددون على المقاهي التي ستعاني، هي الاخرى، خسارة كبيرة لن تعوض إلا مع عودة مباريات كرة القدم الى الشاشة التي كانت منشغلة بأخبار القصف والضحايا، وتصريحات الصحاف الذي اختفى فجأة. ومع الصحاف و"علوجه"، تبخرت مشاريع المطربين العرب في انتاج اغان تمجد المقاومة العراقية. وتلك الأغاني كانت حمى التسابق على تسجيلها انعشت استوديوهات القاهرة، بعد الركود الذي عاشته سوق الكاسيت هذا الموسم. وإضافة الى المقاهي الخاسرة، سيخسر باعة الأعلام، سواء اولئك الذين باعوا الأعلام العراقية التي رفعها المتظاهرون دعماً للمقاومة ام باعة الأعلام الاميركية والاسرائيلية والبريطانية التي لم يكف المتظاهرون من المحيط الى الخليج عن إحراقها... كما ستعود فئة الخطاطين من صناع اللافتات الى حال البطالة، لأنها لن تجد من يقدر على دفع كلفة لافتة واحدة ترحب بالغزاة الاميركيين. وستغيب كذلك عن الشاشات وجوه المحللين العسكريين الذين عاملتهم بعض الفضائيات معاملة النجوم مادياً ومعنوياً، الى حد احتكار جهودهم. والمؤكد ان الشاشة ستشهد تراجعاً في حضور مجموعة من الجنرالات وتحليلاتهم العسكرية بعد ان تراجعت العمليات الحربية، وفي المقابل سينتعش أداء المحللين السياسيين الذين تهيأوا من فترة لوضع تقديرات لمستقبل المنطقة سياسياً، واستعدوا ايضاً لخوض مبارزات "الديكة" مع فيصل القاسم ومستنسخيه. وهؤلاء المحللون كانوا خلال الحرب استشعروا الغيرة من العسكريين. وسيعود المشاهد من جديد الى النضال الفضائي، وبعد الاحباط لن يمانع أحد في العودة من جديد الى "كليبات" اليسا، وهوس ترقب تسريحة عمرو دياب الجديدة. وبعضهم سيحسد هالة سرحان على حيويتها أو صخبها، وسيلجأ مضطراً الى ابتسامة نشوى الرويني او الى زاهي وهبي و"مخالبه" الناعمة.