يبدو أن الزعيم الليبي معمر القذافي اتجه الى تجاوز الخلاف مع المملكة العربية السعودية الذي تفجر اثناء جلسة مؤتمر القمة العربية في مدينة شرم الشيخ السبت الماضي عندما حدثت مشادة كلامية بينه وبين ولي العهد السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز. وظهر ذلك في حديث تلفزيوني انتهزه القذافي للتبرؤ من تداعيات الواقعة، ولام "الجان الشعبية" معتبراً انها "المسؤولة" عن التظاهرات أمام السفارة السعودية في طرابلس. وكان واضحاً أن القاهرة حرصت على ألا يخرج عن القذافي أي تصريح يسيء للسعودية وقننت مناسبات الكلام امامه. فبعدما حولت لقاء مقرراً مساء الاحد بينه وبين مثقفين وصحافيين وشخصيات عامة الى جلسة ضيقة جمعنه في اليوم التالي مع رؤساء تحرير الصحف "القومية" ولم يتضمن أي اشارة الى ما حصل في القمة، اتاحت للقذافي أن يطل عبر البرنامج التلفزيوني "صباح الخير يا مصر" الذي يبث عادة فقراته على الهواء مباشرة، لكن الامر اختلف مع الزعيم الليبي إذ سجل اللقاء معه ومرّت بالرقابة، ولوحظ فيه أنه نفى مسؤوليته عن تحريك التظاهرات أمام السفارة السعودية في ليبيا وسعى الى الاقناع بأنه لم يكن على علم بقرار استدعاء السفير الليبي من الرياض، بل قال إنه مع استمرار العلاقات بين الدول حتى في حال الحروب "لتبقى هتاك قناة اتصال". واصر على أنه سمع باستدعاء السفير من إحدى القنوات الفضائية، وقال إن الخارجية الليبية "هي المسؤولة عن الموضوع من منطلق التكليف الصادر لها من المجموعات الشعبية" التي أكد ايضاً انها هي التي حرّكت "التظاهرات" ضد السعودية. واكتفى القذافي بدعوة الشعب الليبي الى "التزام ضبط النفس والهدوء"، وكرر أنه ضد خطوة "قطع العلاقات"، قائلاً: أنا ضد هذه الخطوة، ولا شك أن الشعب الليبي غاضب هذ الأيام، وقد شاهدت التظاهرات الغاضبة التي جرت بشكل عفوي، وأنني أدعو الشعب الليبي أن يلتزم بضبط النفس والهدوء، ويؤسفني وأخجل من الحديث عما حدث في المؤتمر". ووصف الوضع العربي الحالي بأنه "حرج"، وطالب كل عربي بأن يشارك في مواجهة الأزمة الحالية التي تواجهها الأمة العربية. وقال: "الجماهير والشارع العربي تقع تحت ضغط هو أمر خطير، إلا أن حدود قدرة النظام الرسمي العربي معروفة بحسب المعطيات الموجودة". وأعاد القذافي في حواره التلفزيوني طرح فكرته حول قيام دولة "اسراطين" لتضم اليهود والفلسطينيين على أن تجري فيها انتخابات تحت اشراف الأممالمتحدة، معتبراً أن المنطقة "لا تحتمل وجود دولتين". وتحدث القذافي عن اتفاق ليبي في وجهات النظر مع الولاياتالمتحدة في مسألة مواجهة عدو مشترك هو حركة "طالبان" الافغانية التي وصفها بأنها "حركة زندقة" يتسم خطابها "بالتخلف"، وقال: "من حق أميركا أن تسحق دولة دمرت مدنها: نيويورك، وواشنطن، وحيث إن الضربة خرجت من افغانستان فإن من حق اميركا أن ترد على افغانستان في اطار الدفاع عن النفس"، لكنه عاد ليؤكد أن هذا الأمر الذي لا ينطبق على حال العراق ما أدى الى انهيار التحالف الدولي ضد العراق". وقبل أن ينهي الزعيم الليبي حديثه قال: "أنني انتهز هذه الفرصة للتعبير عن مشاعري الخاصة تجاه الأمير عبد الله الذي تربطني به مشاعر مودة كبيرة وتعاطف وكنت في زيارة لهم منذ فترة، وقد قام بزيارتنا في ليبيا واستقبله الشعب الليبي بالترحاب". وقال "إنني لا استطيع ان أحرق هذه الاشياء في لحظة غضب .... وليس من المعقول أن نضحي بهذا الرصيد فجأة". وفي لندن، تلقت "الحياة" بياناً من الامين العام ل "الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا" السيد ابراهيم عبدالعزيز صهد اشار فيه الى ان الرئيس الليبي "افتعل في كل القمم العربية ازمة إما قبل القمة إم اثناءها، مشككاً في أهمية العمل العربي المشترك، ومهدداً بصورة مستمرة بالانسحاب من الجامعة العربية"، وقال ان هذه المواقف للقذافي "لا تمثل الشعب الليبي، لا في الخلق ولا في الذوق ولا في الشعور العام"، معتبراً ان الشعب الليبي "تلقى بارتياح بالغ الموقف الحازم والصريح الذي وقفه الامير عبدالله ويتمنى هذا الشعب على اشقائه العرب تفهماً اكبر لما بلغته معاناة الليبيين".