في جريدتكم "الحياة" في 26 كانون الثاني/ يناير 2003 كتب السيد نوري طالباني، تحت عنوان "المدينةالعراقية الأكثر اثارة للجدل" مقالاً يقتضي توضيحاً. تطرق صاحب المقال الى تأريخ كركوك، ولم يحدد منذ متى كركوك مدينة للأكراد، ولا متى بدأ الأكراد يسكنون هذه المدينةالعراقية. فالعرب سكنت العراق منذ القديم. وقبل الفتح الإسلامي كانت القبائل العربية في صراع دائم مع الوجود الفارسي. وكان الأكراد يقطنون المناطق والمدن القريبة من جنوبتركيا وشمال ايران. ولم يكن اسم كردستان متداولاً. واسم العراق حديث كذلك. فالاسم الحقيقي هو "أروك" ويعني جذور النخل. وإذا كانت كركوك مدينة كردية، فلماذا لم يساند هذا الرأي رؤساء الوزارات، ووزراء العراق من الأكراد، يوم كانت بيدهم السلطة؟ قبل تسلم البعث السلطة، كانت الحكومات السابقة في صراع دائم مع الأكراد. وكان رئيس وزراء العراق، نوري السعيد، وهو من أصل كردي، حارب الأكراد، بمساعدة بريطانيا. فلجأوا الى الاتحاد السوفياتي حتى بعد ثورة 14 تموز يوليو 1958. وللمرة الأولى في تاريخ الأكراد الحديث يحصل أكراد العراق على الحكم الذاتي، وعلى حقوق وامتيازات، وذلك في عهد الرئيس أحمد حسن البكر. ولم يحصل أكراد تركياوايران وسورية على ما حصل عليه اخوانهم في العراق، على رغم قلة عددهم. تعرض صاحب المقال الى المقابر ونبشها، وتغيير الأسماء. وهذا تزوير، لأن المقابر جماعية للمسلمين، ولا فرق بين عربي وأعجمي. ولم تكن هناك مقابر خاصة بالأكراد، وأخرى خاصة بالعرب. وهذا شيء متعارف عليه في البلدان المسلمة. أما نبش القبور، وتغيير أسمائها، فغير متعارف عليهما عند المسلمين والعرب. جاء في المقال ذكر الآشوريين. والحقيقة انهم آشوريين. وهم ليسوا من سكان العراق، بل جاء بهم الانكليز من جبال الأناضول بعد أن نكل بهم الأتراك. واستخدمهم الانكليز لمصلحتهم. فعمل قسم منهم في حقول النفط، وآخرون شكلوا الجيش الليفي، وبعض الشرطة، وآخرون وظفوا في الوظائف الحكومية. وحاولت هذه الطائفة التمرد على السلطة المركزية، فقمعها الجيش في عهد الملك غازي. وهم يحاولون نعت أنفسهم بسكان العراق القدماء، الآشوريين، لشبه الكلمة. ويطلقون على أنفسهم اسم آشوريين. وتكلم كاتب المقال على عشيرة تكريت. والحقيقة أن تكريت ليست عشيرة، وهي مدينة من مدن العراق. وسكنها التركمان والأكراد والعرب. ولقب كثير من العوائل التي سكنتها ب"التكارتة"، كما هي الحال في بعض المدن العراقية الأخرى الدوري من الدور، والراوي من راوه.... وكلمتي الأخيرة الى صاحب المقال، أنني أتمنى أن يبقى العراق واحداً، من شماله الى جنوبه، ومن شرقه الى غربه، ويحتضن كل العراقيين، أياً كانت أجناسبهم وأنسابهم ودياناتهم وثقافاتهم ومبادئهم، وأن نعود جميعاً في ظل عراق يكفل الحرية والديموقراطية، ونحيا حياة كريمة تليق بهذا الشعب الكريم. مونبيلييه فرنسا - سامر العاني