الخبر الذي نقلته صحيفة "الحزب الديموقراطي الكردستاني" والذي يقول ان البنتاغون الاميركي اتخذ قراراً بحصر التغطية الاعلامية في المناطق التي ستكون خاضعة للجيش الاميركي بثلاث مؤسسات اعلامية هي "سي ان ان" و"سي بي اس" و"بي بي سي"، اثارت زوبعة في أوساط الصحافيين الذين راحوا يجرون اتصالات بقيادة الحزب الديموقراطي للاستفسار عن حقيقة هذا الخبر، وكان جواب الحزب ان المناطق التي ستكون خاضعة للبشمركة الكردية لن تكون ضمن منطقة هذا القرار، ولكن هؤلاء المسؤولين في الحزب قالوا ايضاً ان قواتهم لن تتحرك الى خارج الاقليم، وبالتالي فهم لا يضمنون للصحافيين الطريق الى المناطق التي سينسحب منها الجيش العراقي. الجميع هنا شبه متيقن بأن الأفضلية في التغطية ستكون للمؤسسات الاميركية ثم البريطانية. ويبدو ان الأكراد فاقدو الحيلة تجاه هذا الواقع. لا أجوبة واضحة لديهم عن خطط التحرك في حال بدأت الحرب. يقولون ان من الصعب على الجيش الاميركي سد معظم المنافذ الى العراق، إذ ان لكل مدينة عراقية عشرات المنافذ والطرق الفرعية التي يمكن سلوكها، والخدمة التي يمكن ان تؤمنها الأحزاب للصحافيين في حال أقفل الأميركيون في وجههم الطرق الرئيسية سائقون موثوق بهم من جانب هذه الاحزاب ويعرفون الطرق معرفة جيدة تمكنهم من تفادي الحواجز الاميركية. ومن بين النصائح التي تعطى للراغبين بسلوك الطرق الفرعية، ان يصطحب الفريق الصحافي الواحد اكثر من سيارة، وان يكون السائق موثوقاً به. ويبدو ان قيادتي "الحزب الديموقراطي" و"الاتحاد الوطني" الكردستانيين عاجزتان عن الإجابة عن عدد من مخاوف الصحافيين. فأربيل هذه الأيام تكاد تنافس أكبر مدن العالم لجهة كثافة وسائل الاعلام وانتشار الصحون اللاقطة على أسطح فنادقها. هذه الصحون المخصصة للبث الفضائي والتي تنقل الى العالم في هذه الأيام وجوه مراسلي المحطات العالمية مهددة بالتوقف عن العمل في حال بدء الحرب. اذ ان الأقمار الاصطناعية ستعجز عن التقاط اشارات هذه الصحون نظراً الى كثافة التشويش. وهذا الأمر يمكن تفاديه إذا ما حصل تنسيق مع القيادة الاميركية التي قد تستثني من تشويشها بعض الموجات التي تمكن وسائل الاعلام من الاتصال عبرها باستديواتها. ولكن صحافياً فرنسياً هنا قال ان الاميركيين الذين قرروا تغيير اسم البطاطا لديهم لأن اسمها "فرنش فرايز" لن يقبلوا بطبيعة الحال تسهيل عمل مؤسسة فرنسية. ثمة مخاوف فعلية هنا من التفرد الاميركي بالحرب، فالصحافيون الغربيون من غير الاميركيين يشعرون على ما يبدو بوحشة ما إزاء اقتصار الحرب على الجيشين الاميركي والعراقي، وما يفاقم وحشة هؤلاء ان التنويع المتوقع على هذه الثنائية هو الجيش التركي، ومن وصل الى شمال العراق عن طريق تركيا يدرك فداحة هذا التنويع، فالانتظار لأيام على المعبر وقلة المرونة في التعامل، لم يستثن منهما أحد. وعلى رغم كل هذه الصعوبات، فإن المؤسسات الاعلامية، خصوصاً العالمية منها تتوقع ان يتوقف بثها في بغداد خلال الحرب، وتحاول ان تهيئ نفسها لأن يكون شمال العراق منطقة البث الرئيسية. "سي ان ان" و"بي بي سي" تدرسان، بحسب عاملين لديهما، إمكان سحب مراسليهما من العاصمة العراقية والاكتفاء بمراسلين محليين، ولهذا فهما بصدد تركيب محطات للبث في المدن الكردية الثلاث، اي اربيل ودهوك والسليمانية.