تأجلت زيارة لبغداد كان مقرراً أن تبدأها أمس اللجنة الوزارية العربية التي كلفتها قمة شرم الشيخ متابعة الأزمة العراقية. وأصدرت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أمس، بياناً أعلن إرجاء مهمة اللجنة في بغداد، وعزا ذلك إلى طلب الحكومة العراقية تأجيل الزيارة ، فيما عزا وزير الخارجية المصري أحمد ماهر هذا التطور الى "رفض بعض اعضاء اللجنة الزيارة في هذا الوقت". وأشار بيان الجامعة إلى "مذكرة عراقية" تلقتها الأمانة صباح أمس، بررت موقف بغداد ب"تعذر إجراء اللقاءات المهمة المطلوبة من اللجنة في بداية الاسبوع، كما كان مقرراً، بسبب حصول مستجدات تتصل بالعدوان الأميركي المبيّت ضد العراق". وكشف بيان الجامعة خلافات في مواقف أعضاء اللجنة المؤلفة من وزراء خارجية مصر وسورية ولبنان والبحرين وتونس والأمين العام للجامعة. وأوضح البيان أن الاتصالات بين أعضاء اللجنة أظهرت "تردد بعضهم في الذهاب إلى بغداد، على الأقل في هذا الوقت، وذلك لأسباب مختلفة". وقالت مصادر في الجامعة إن سورية ولبنان تراجعا عن المشاركة في وفد اللجنة خوفاً من أن يطرح في بغداد مبادرة دولة الإمارات الداعية إلى تنحي القيادة العراقية. واوضحت مصادر عربية في القاهرة ل"الحياة" ان القيادة العراقية رفضت استقبال اللجنة في شكل قاطع، واعتبرت أن الزيارة "تحمل شروطاً وإملاءات اميركية الى بغداد". ونقلت وكالة "رويترز" عن ديبلوماسي عراقي في الجامعة قوله إن "بغداد لن تقبل هذا الوفد تحت أي ظرف". واضاف ان قرار إرسال الوفد "فكرة أميركية". وأشارت المصادر الى أن "سورية ولبنان رفضا المشاركة" في زيارة اللجنة لبغداد، وأن الاتصالات المصرية وتلك التي أجراها الأمين العام للجامعة عمرو موسى، فشلت في حض البلدين على المشاركة في مهمة اعتبراها "غير واضحة المعالم أو محددة الأهداف". واعترف بيان الجامعة بأنه "أصبح متعذراً أن تقوم اللجنة بتشكيلها الذي توافر لدى زيارتها للأمم المتحدة في نيويورك، بزيارة بغداد"، وإن كان ذلك لا يغلق الطريق أمام زيارة اللجنة العاصمة العراقية بعدد أقل من أعضائها، لكن "طلب إرجاء الزيارة قضى على هذا الاحتمال أيضاً". وانتقد موسى التأجيل، مشيراً إلى "الوضع الدقيق الذي يواجه المنطقة والعالم العربي"، واعتبره "تطوراً سلبياً في وقت غير مناسب بالنسبة إلى العمل العربي المشترك"، و"الأخطار التي تحيط بالعراق والمنطقة"، و"إمكانات تنفيذ قرار القمة الذي ينص على تكليف اللجنة الرئاسية الاتصال بالأطراف الدولية المعنية، وعرض الموقف العربي"، وكذلك التشاور مع الحكومة العراقية في إطار قرارات القمم العربية لبحث "سبل مواجهة التحديات الخطيرة التي يواجهها العراق". إلى ذلك، أعربت القاهرة عن دهشتها من تأجيل الزيارة، وصرح الوزير أحمد ماهر بأنه فوجئ بأن "بعض دول أعضاء اللجنة طلب التأجيل لأسباب غير واضحة". وأضاف ان مصر التي "بذل رئيسها وما زال يبذل الجهود لتجنيب الشعب العراقي عمليات عسكرية، ستستمر في العمل لتسوية سلمية في إطار قرارات مجلس الأمن الجامعة العربية، ومن منطلق حرصها على الشرعية الدولية، والحفاظ على استقلال وسلامة ووحدة أراضي كل الدول والشعوب العربية، ورفض التدخل في شؤونها". وأكدت البحرين، التي ترأس القمة العربية ارجاء الزيارة، وأعلن وزير الخارجية الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة ان "التأجيل جاء بناء على طلب العراق". واضاف في بيان صحافي نقلته وكالة "فرانس برس" من المنامة: "بناء عليه تأجل اجتماع اللجنة المقرر عقده في البحرين قبل زيارة بغداد إلى وقت لاحق، لمزيد من التشاور بين اعضائها بهدف تحديد وتقويم الوضع النهائي لمهمتها المكلفة بها". وأعلن مصدر بحريني مأذون له أنه في حال "واجهت اللجنة أي مصاعب أو عوائق ولم تتمكن من أداء مهمتها، فإن البحرين كرئيس للجنة ستعلن كل شيء للملأ وبكل شفافية" وفق تعبيره. وتبادل الرئيس المصري محمد حسني مبارك ورئيس القمة العربية الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين وجهات النظر بشأن موقف اللجنة الوزارية المشكلة من خلال قرار صادر عن قمة شرم الشيخ وفي ضوء تأجيل الزيارة. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه مبارك أمس من ملك البحرين. في بغداد، أوضح ناطق باسم وزارة الخارجية ان العراق طلب رسمياً من الأمين العام للجامعة العربية تأجيل زيارة اللجنة إلى موعد يتفق عليه لاحقاً ل"توفير الوقت المناسب لترتيب لقاءات مع أعضاء اللجنة في ضوء جدول أعمال كبار المسؤولين الذين تنوي اللجنة مقابلتهم". وعبر الأمين العام لمؤتمر القوى الشعبية العربية سعد قاسم حمودي عن قناعته ب"ان المهمة الحقيقية للجنة العربية المنبثقة عن القمة ليست في بغداد، بل ينبغي أن تكون في عواصم الدول المصممة على العدوان وفي مقدمها الولاياتالمتحدة وبريطانيا، وعواصم الدول النافذة الساعية لايجاد حل سلمي للأزمة العراقية". وأضاف حمودي في حديث إلى "الحياة": "ان الأشقاء العرب إذا شاؤوا زيارة العراق للتعرف إلى حقيقة التعاون الذي يبديه مع المفتشين والتزامه قرارات الأممالمتحدة بخاصة القرار 1441، فإن ذلك أمر مرحب به من غير شك". وزاد: "إنه لأمر مؤسف ان يخضع بعض الأقطار العربية الشقيقة للضغوط الأميركية، وأن تعمل على تحضير اراضيها وأجزائها لتكون مسرحاً للعمليات العسكرية المحتملة ضد العراق، خلافاً لما جرى عليه الاتفاق في قمة شرم الشيخ".