تستكمل فرقة "النسور الصارخة" وصول جنودها ومعداتها الى الكويت منهية بذلك الاستعدادات العسكرية الأميركية لشن الحرب على العراق. وهذه الفرقة التي تعرف أيضا باسم فرقة المظليين الرقم 101، انشئت خلال الحرب العالمية الثانية لتلعب دور رأس الحربة في عمليات الهجوم الأميركية، وشاركت في حروب الولاياتالمتحدة كافة منذ الأربعينات. وكما في حرب الخليج السابقة ستكون الكويت نقطة انطلاق هذه الفرقة المجهزة بعربات مصفحة هجومية من طراز "برادلي" وبأسلحة حديثة من النوع الذي يسهل نقله كالصواريخ الموجهة المضادة للدروع ومدافع الهاون. ويأتي وصول هذه الفرقة في وقت يستمر تدفق الجنود الأميركيين الى منطقة الخليج وتتسارع وتيرة الحرب المحتملة على العراق. وتعدى عدد القوات الأميركية التي وصلت الى المنطقة 280 ألف جندي أميركي و48 ألف جندي بريطاني. وسيصل مجموع الجيوش المحتشدة في المنطقة الى نحو 333 ألفاً تضم مختلف التشكيلات البرية والبحرية والجوية. وعلى الجبهة الكويتية تحديداً يوجد نحو 105 آلاف فرد من بينهم 17 ألفاً من فرقة المشاة الثالثة الأميركية، و45 ألفاً من مشاة البحرية و15 ألفاً من قوات التدخل السريع ولواءان محمولان جوّاً. وبدأت طلائع فرقة المظليين 101 بالوصول إلى الكويت في الخامس من الشهر الجاري. ويتوقع أن تدخل هذه الفرقة ضمن التشكيل الذي سيكون رأس الحربة في الهجوم الأميركي على العراق. وفي البحرين يوجد أربعة آلاف فرد يتبعون لقيادة الأسطول الخامس الأميركي. وفي قطر يتمركز نحو 1000 فرد من القيادة المركزية الأميركية في قاعدة السيلية و3500 في قاعدة العديد وتوجد معدات وأسلحة تكفي لتسليح لواء مدرع أميركي عند الحاجة. وفي قاعدة السيب العمانية يوجد 500 فرد من سلاح الجو الأميركي. كما يوجد في جيبوتي ثلاثة آلاف فرد من القوات الخاصة وعناصر بحرية وجوية. أما طائرات الشبح "ب-2" فهي متمركزة في دييغو غارسيا البريطانية وهذه القاذفات الاستراتيجية محملة بقنابل توجه بأشعة الليزر. كما توجد قاذفات "ب- 52" و"ب-1" على مسرح العمليات في المنطقة، تضاف إليها 17 سفينة محملة بالدبابات كاحتياط استراتيجي. أما على الجبهة الشمالية التركية فيوجد 17 ألف جندي في قواعد بحرية تركية، كما يوجد ثلاثة آلاف فرد من سلاح الجو الأميركي وبطاريات باتريوت هولندية تابعة لحلف الناتو. وينتظر في سفن على شواطئ تركيا آلاف الجنود من فرقة المشاة الثانية الأميركية تصديق مجلس النواب التركي على نشر نحو 60 ألف جندي أميركي. وفي مياه الخليج تواجد ثلاث حاملات للطائرات واثنتان في مياه شرق البحر المتوسط والسادسة في طريقها إلى المنطقة. ويوجد على كل حاملة طائرات أكثر من 50 طائرة مقاتلة وقاذفة من طراز "أف-14" و"أف-18". هذا في حين تشكل الطائرات من طرازي "أف-15" و"أف- 16" الجزء الأكبر من مقاتلات سلاح الجو الأميركي في القواعد البرية في الخليج وطائرات "آي - 10" للإسناد الأرضي. وستكون دبابة "أم-1-آ-3 أبرامز" السلاح الرئيسي لفرق المدرعات والمشاة الأميركية والمدعومة جوّاً من طائرات "أباتشي". أما القوات البريطانية فتتألف من 42 ألف فرد يعملون في القوات البرية والبحرية والمحمولة جواً، مزودة نحو 100 طائرة مقاتلة من طرازي "تورنيدو" و"جاغوار" تعمل من على متن حاملة طائرات بريطانية وبعض القواعد الجوية الخليجية والتركية. وستكون القوات البريطانية البرية مزودة دبابات "تشالنجر-2". وفي المقابل تتألف القوات العراقية الضاربة من قوات برية ودفاع جوي فيما يعاني سلاح الجو العراقي من صعوبات وتحديات فنية وعملياتية ولوجستية وهو غير قادر تحت الظروف الحالية على إدارة أي عمليات جوية تعبوية. كما أن القوات البحرية العراقية ضعيفة وشبه مشلولة ولن يكون لها أي دور في الحرب المقبلة. أما القدرات الاستراتيجية الصاروخية فجرى تدمير معظم صواريخ "سكود" و"الحسين" التي تملك مدى يهدد أهدافاً بعيدة مثل إسرائيل، كما تعمل فرق نزع الأسلحة على تدمير صواريخ "الصمود-2". ولا تزال الصورة غير واضحة بالنسبة لقدرات العراق في مجال الأسلحة الكيماوية والجرثومية إذ لم تستطع فرق التفتيش الدولية حتى الآن تحديد الكمية التي دمرت. إلا أنه ثبت لفرق التفتيش حتى اليوم أن العراق لم يستأنف إنتاج هذه الأسلحة وأن برنامجه النووي أشبه بالمنتهي. وتراوح القوى البشرية العراقية بين 350 ألفاً و500 ألف جندي، تشكل القوات البرية غالبيتها. كما أن الاحتياط يشكل قسماً كبيراً من القوات العراقية. ولدى العراق سبعة مقرات فيالق منها اثنان يؤلفان الحرس الجمهوري أفضل القوات العراقية تدريباً وتسليحاً. ولدى الجيش العراقي 2000 دبابة مختلفة الأنواع، لكن القسم الأكبر منها قديم وتنقصه قطع الغيار، كما يوجد لديه 3000 عربة وناقلة جند، و1500 قطعة مدفعية وهاونات وراجمات صواريخ و400 طوافة، ولدى سلاح الجو نحو 350 طائرة منها 200 طائرة مقاتلة. كما أن العراق سلّح آلافاً من عناصر حزب البعث وشكّل فرقاً شعبية من المتطوعين وزودها أسلحة فردية استعداداً لحرب الشوارع. إلا أن العديد من المراقبين داخل العراق وخارجه يعتقدون بأن الهدف الرئيسي ل"ميليشيات البعث" سيكون إخضاع أي محاولة تمرد على النظام خلال الحرب، على غرار ما حصل في جنوبالعراق وشماله بعد انتهاء حرب الخليج السابقة. وأحدث ما يملكه العراق من عتاد هو طائرات "ميغ-25" و"ميغ-29" و"سوخوي-24" ودبابات طراز "تي-72"، وهي جميعها تعود لعهد الاتحاد السوفياتي المنهار. وتعتبر ألوية الحرس الجمهوري الأفضل تجهيزاً وتدريباً إذ هي في غالبيتها في كامل جهوزيتها القتالية. أما الألوية الأخرى فهي في أقل من نصف جهوزيتها القتالية وتدريبها ضعيف. وأكثر الأسلحة تهديداً للقوات الأميركية ستكون المضادات الجوية والبحرية. ففي مجال الدفاعات الجوية، يملك العراق المدافع الرباعية الفوهات عيار 23 ملم طراز "شيلكا"، وهي مدافع محمولة على عربات مجنزرة ومزودة جهاز رادار للتوجيه الذاتي. كما يملك العراق تشكيلة كبيرة من صواريخ "سام" الموجهة حرارياً، التي تقتفي حرارة محرك الطائرة. وقامت هذه المضادات الأرضية بإسقاط العديد من طائرات التحالف الغربي في حرب الخليج السابقة. لكن طائرات التحالف تملك اليوم تقنيات أكثر تقدماً تجعلها قادرة على أداء الجزء الأكبر من مهماتها من ارتفاع يتجاوز مدى المضادات الأرضية والتي تستخدم ضد أهداف على ارتفاع مخفوض. كما أن العراق يملك عدداً من صواريخ "سيلك وورم" الصينية الجوالة المضادة للسفن. وتعتبر البحرية الأميركية هذه الصواريخ مصدراً للتهديد يتوجب تدمير منصاتها قبل الإقدام على أي إنزال بحري في البصرة. كما أن العراق يملك ويصنع طائرات من دون طيار يخشى بعض المحللين الغربيين من أن يقدم على استخدامها كصواريخ جوالة أو لرش مواد كيماوية أو جرثومية. وتطفو على السطح نقاط ضعف كثيرة يعاني منها الجيش العراقي أهمها النقص الحاد في قطع الغيار والصيانة اللازمة مما يجعل عدداً من آلياته غير صالح للاستعمال ويضعف إمكاناته اللوجستية. كما أن القوات العراقية لا تملك أجهزة للرؤية الليلية في حين أن الجنود الأميركيين وآلياتهم وطائراتهم مزودة هذه الأجهزة مما يعطيهم تفوقاً واضحاً في مجال القتال الليلي. وسيعمد العراق إلى إشعال نيران كثيفة على أرض المعركة ليلاً ليمنع أجهزة الرؤية الليلية الأميركية والبريطانية، والتي يعمل معظمها حرارياً، من تحديد مكان الهدف. إلا أن هذا التكتيك محدود الفاعلية في مناطق صحراوية مكشوفة. ونتيجة للتقدم التكنولوجي لدى القوات الأميركية والبريطانية تملك هذه الجيوش أنظمة قيادة وتوجيه ومعلومات أفضل بدرجة كبيرة جداً من تلك التي يملكها العراق والتي ستكون الهدف الأول للطائرات الأميركية، خصوصاً أن هذه المراكز تعتبر عصب الجيوش المتقدمة، وأداؤها يحدد نتيجة الحرب. * باحث في الشؤون الاستراتيجية. ** عميد متقاعد. مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للدراسات العسكرية - دبي.