أكثر رسائل القراء هذه الأيام موضوعه العراق، وقد أرسلت ردوداً خاصة الى بعض القراء. إلا أن هناك رسائل تكرر مواضيع محددة تحتاج الى تعليق. القارئ علي الرشيد البدر من الكويت ينقل عني: تقول دائماً انك مع تحرير العراق من صدام حسين، إلا أنك ضد قيام أميركا بذلك، وهذا مثل قول بعض العرب خلال احتلال الكويت أنهم ضد الاحتلال، ولكن أيضاً ضد الوجود الأجنبي في الجزيرة. والأخ علي يكمل قائلاً إن القادة العرب لا يستطيعون إسقاط صدام حسين، ويزيد إنه واثق من أنه "عندما يتحرر العراق خلال شهر أو أقل" فالشعب العراقي المقهور سيحتفل بوصول الأميركيين وسيصبح هذا الشعب "محل حسد بقية الشعوب العربية المقهورة". أوافق القارئ على ان الشعب العراقي سيفرح بسقوط صدام حسين، وقد سجلت ذلك في هذه الزاوية غير مرة، وأوافق القارئ أيضاً على أن الولاياتالمتحدة وحدها تستطيع اطاحة صدام، إلا أنني مع ذلك لا أريد أن تتدخل لسبب سأرد به على الرسالة التالية، وهي من القارئة س.م. في لندن وأحتفظ بعنوانها. القارئة تعترض على قولي لقارئة عراقية أخرى في زاوية سابقة ان صدام حسين قد يسقط، ثم قد نقول رب يوم بكيت منه... وهي تسألني: على ماذا تريدنا أن نبكي عندما يرحل صدام؟ على الحروب التي أدخلنا بها؟ على الفقر والجوع؟ على الخوف والرعب اللذين زرعهما في قلب كل عراقي داخل الوطن وخارجه؟ على الانحطاط الأخلاقي والاجتماعي؟ على تدهور المستوى الاقتصادي والثقافي والصحي؟ على تشريد أربعة ملايين عراقي؟ على سرقته وأعوانه أموال الدولة وتبديدها؟ أقول ان كل ما سبق صحيح، ولكن أخشى أن تبكي على الاستقلال، وهو ردي أيضاً على القارئ الكويتي الذي أحذره أيضاً من خطر تقسيم العراق. على كل حال، أختار من رسالة الأخت العراقية بيتين من شعر الجواهري هما: لم يقتلوا صدام رغم/ ما جنى وسفحا خوفاً على شعب العراق/ أن يموت فرحا وكنت كتبت قبل أشهر زاوية عن كلمات عراقية رأيت أن أشرحها للقارئ مع تفاقم المواجهة، وحاجتنا الى أن نفهم ما يقول الأخوان العراقيون. وقد تلقيت الأسبوع الماضي رسالة من القارئ أحمد حيدر زينهم أو زينوم يسألني: هل تعلمت كلمات عراقية جديدة؟ وأقول إنني تعلمت "زقوم" وتعني السم الهاري، خلال حديث بين أخوان عراقيين في لندن عما يريدون أن يشرب صدام حسين. ورأيت صديقة عراقية مبتئسة، ورجحت أن صداماً هو السبب، إلا انها قالت انها "منشولة". واعتقدت أن لصاً سرق ساعتها أو حقيبة يدها، غير انني فهمت أن "منشولة" باللهجة العراقية تعني أنها مصابة بزكام. القارئ جوزف هناوي، أو حناوي، بعث الي برسالة طويلة بالانكليزية عبر البريد الالكتروني، وأشكره على الجزء الخاص بي وأرجو أن أظل موضع تقديره. أختار من الرسالة، لضيق المكان، نقطة مهمة. فهو يقول إن على الدول العربية أن تسعى جهدها لتجنب حرب أميركية على العراق، ولكن إذا كانت الحرب حتمية فلا أقلّ من أن تفاوض الدول العربية القادرة على الشروط التي تجعلها تقبل نتيجة الحرب. والقارئ جوزف وهو طبيب مصري يقيم في الولاياتالمتحدة يشرح قائلاً إنه لا يقصد أن تطالب أي دولة عربية بثلاثين بليون دولار مثل تركيا، ولكن أن تشترط على الولاياتالمتحدة لحفظ مصالح العراقيين والعرب أن تكون الحرب قصيرة ما أمكن، وأن يرتبط الوجود الأميركي في العراق والمنطقة ببرنامج زمني محدد، وأن تضمن الولاياتالمتحدة سلامة الشعب الفلسطيني وأبو عمار خلال الحرب، فلا تستغل الحكومة الإسرائيلية الفرصة لضرب الفلسطينيين أو تهجير من تستطيع منهم. كل هذا منطقي ومعقول يا أخ جوزف، وقد أسمعت لو ناديت حيّاً. أما القارئ طاهر موسى فهو يستشهد بيوليوس قيصر في رواية شكسبير المعروفة، ويختار كلامه محذراً من القادة الذين يقرعون طبول الحرب. والمعنى جميل جداً، ولكن لا أستطيع ترجمته من دون إساءة الى النص الشكسبيري الأصلي. وأختتم برسالة غير عراقية الموضوع من القارئ سعود ناصر الشعبي الذي دعا ربه أن ينصر المقاومة الإسلامية في فلسطين وطلب مني أن أكتب مزيداً عنها. وأعتقد انني قلت ما أريد عن الموضوع في الأسبوعين الأخيرين، ولكن ربما اختار القارئ أن يقرأ الحلقات التي سجلها الزميل غسان شربل مع الدكتور رمضان شلّح والأخ خالد مشعل وغيرها في الأشهر الأخيرة، ففيها فصل المقال عن الموضوع. والقارئ يستطيع أن يطلبها من أخينا غسّان أو "الحياة" مباشرة.