أبقى مع بريد القراء يوماً آخر، وأبدأ بمقدّمة مختصرة. فقد كتبت الشهر الماضي ان الولاياتالمتحدة تقول انها تريد إطاحة صدام حسين وإقامة نظام ديموقراطي في العراق. وفي حين أصدّق ان الولاياتالمتحدة تريد إسقاط صدام، إلا أنني قلت انني لا أصدّق أنها ستسعى بعده الى نشر الديموقراطية، لأن غالبية شعب العراق من الشيعة، والتحالف بين حكومتي العراقوايران لا يخدم المصالح الأميركية. وتلقيت بعد ذلك رسالة من قارئ عراقي هو الدكتور عبدالخالق حسين، اعترض على كلامي، واعترضت على اعتراضه. إلا أنه عاد برسالة يعلّق فيها على ردّي شغلت صفحتين كاملتين، وما يزيد على حجم هذه الزاوية كلها. استطيع ان أردّ على القارئ رداً خاصاً لو أنه يرسل إليّ عنوانه، فرسالته على الفاكس لم تحمل رقماً، وأريد ان أفسح المجال لقراء آخرين. من هؤلاء أبو صابر الذي طلب ان أردّ عليه في هذه الزاوية وها أنا أفعل. هو يقول ان الولاياتالمتحدة لا تريد بعد إطاحة صدام العمل لقيام نظام ديموقراطي، وإنما تسعى الى تقسيم العراق الى دول طائفية، وتكون البداية بالعراق، ثم تكمل بالدول في المنطقة حماية لمصالحها وخدمة لاسرائيل. أبو صابر لا يملك حلولاً ازاء السيناريو القائم الذي يقدّمه، ولا حلول عندي أيضاً. ولكن أقول انني أرجو ان يقوم حكم غالبية في العراق وان يتحالف مع ايران، فهما معاً تستطيعان مقاومة الأطماع الخارجية في الخليج. كذلك أرجو ان تدرك قيادات المنطقة ان مصلحتها البعيدة المدى هي التعاون لخدمة شعوبها، ففي المنطقة خيرات كافية، هي سبب طمع الدول الأجنبية بها. أما الدكتور سعد عبدالرزاق، وهو مواطن عراقي بعث إليّ برسالة إلكترونية، فهو يؤيّد كل ما كتبت عن السياسة الأميركية المؤيدة لاسرائيل، غير أنه يزيد والرسالة بالانكليزية: أعتقد ان المشكلة في ما تكتب أنك تفتقر الى الشجاعة في ذكر أسماء قادة عرب يتعاونون مع الأميركيين... الرأي، يا دكتور، قبل شجاعة الشجعان، ولنفترض أنني أطوي جانحي على شجاعة المهلهل، فماذا يفيد ذلك القارئ أو يفيدني. القارئ يعرف جيداً أسماء القادة العرب الوطنيين، وأسماء الذين يتعاملون مع أميركا. ولو كتبت كل يوم أو لم أكتب ابداً، فإنني لن أغيّر شيئاً على الأرض، والزعيم الذي يستمدّ شرعيته من الولاياتالمتحدة لن يخرج عن طاعتها، أما الزعيم الذي يستمدّ شرعيته من شعبه، فهو لن يخاف أميركا أو يخافني. وتلقيت رسالة إلكترونية من القارئ توفيق صادق ينتقد فيها وجود الأخ محمود رشيد الى جانب الرئيس ياسر عرفات، ويقول انه كردي عراقي، يسيطر على الأمور الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية. الأخ محمود رشيد، واسمه الآخر، الحركي أو العملياتي خالد سلاّم، لا إسلام كما قال القارئ، يحظى بثقة أبو عمار، وأعتقد شخصياً ان هذه الثقة في محلها، فهو ذكي جداً وقادر ومخلص. وأجد شيئاً مستغرباً في الرسالة، حتى لا أقول مستهجناً، فالفلسطينيون يدافعون عن أرضهم، وعن ثالث الحرمين الشريفين، وهم يريدون من العرب والمسلمين في كل أرض مساعدتهم، فأين الغضاضة في وجود كردي الى جانب الرئيس عرفات، أو مصري أو لبناني، أو أندونيسي أو غير ذلك؟ يا أخ توفيق، صلاح الدين الكردي استرد القدس، ونحن ضيعناها، وأرجو ألا تنسى هذا وأنت تنتصر لوطنك. وأكتفي من الرسائل الجادة، بما سبق، وأكمل بشيء خفيف فهناك قارئ، أرجّح أنه كويتي من لهجة رسائله الإلكترونية، يبعث إليّ بين حين وآخر برسائل لا علاقة لها بما أكتب، أو بالأحداث السياسية، وإنما هي طرف أو قصص خفيفة، أكثرها باللهجة العامية، وأقلها بالفصحى، وكلها ظريف. وفي حين ان لا مكان لمراسلاته هنا، فإنني أرجوه ان يستمر لأنه يخفّف عليّ من وطأة العمل. وكنت كتبت عن شيء في اللغة من ضمنه عبارات معكوسة، وردّ القارئ سعد نسيب عطاالله من الرياض بمساهمة من عنده، بينها: عرب النفط ونفط العرب، أسلحة الدمار ودمار الأسلحة، حق الانتخاب وانتخاب الحق، الصحافة الحرة وحرّية الصحافة، حنين الماضي وماضي الحنين. وعن الموضوع نفسه، تلقيت من قارئ رسالة بالفاكس ضمّت الشعر التالي: اليوم صديقي وهذا محال صديقي أحبّه كلام يقال وهذا كلام بليغ الجمال محال يقال الكلام خيال وقال القارئ ان ما سبق يمكن قراءته أفقياً، أو عمودياً، ويبقى نفسه. شخصياً، أحبّ القراء بالطول والعرض، فالواحد منهم مثل زبون السوبرماركت دائماً على حق، واذا كان القارئ قارئة فالمحبة مضاعفة.