كتبت ضمن زاويتي هذه في 23 من الشهر الماضي عن محاضرة في اسكوتلندا ألقاها ارثر ميلر، زوج مارلين مونرو. واخطأت فقلت نورمان ميلر مع ان المحاضرة امامي، ومعها اخبار اخرى عن المؤلف المشهور، بما فيها مقابلة عن مسرحياته والدراما فيها وفي حياته الشخصية. اما نورمان ميلر فهو كاتب اميركي غزير التأليف، ربما كان اشهر كتبه "الحلم الاميركي" وقد مارس ما يعرف بالصحافة الحديثة، فكتب "جيوش الليل" عن مسيرة السلام في واشنطن سنة 1967، وفاز بجائزة بوليترز عنها. وتلقيت رسائل بالفاكس واتصالات هاتفية من زملاء تنبهني الى الخطأ، فمع انني قرأت المقال في اليوم التالي، الا انني شغلت عن نورمان وارثر بالبحث عن اخطاء الطباعة. وارتكبت في هذه الزاوية في 27 من الشهر الماضي خطأ آخر، فقد قلت تعليقاً على تهديد السيد ياسر عرفات بأنه اذا لم يتفق مع ايهود باراك فسيجد امامه اريل شارون ان عندي رداً هو كلمة من حرفين هما 17 و18 من الابجدية. والواقع ان الحرفين هما 16 و17 من الابجدية، ويبدو انني لم استعمل هذه الكلمة منذ تركت لبنان فضاع مني موقعها بين حروف الابجدية. على كل حال، ردّي على الاسرائيليين والاميركيين هو الحرفان 16 و17 من الابجدية، واذا كان هذا لا يكفي فالردّ هو 16 و17 و28 و27 من الابجدية، ما يجعل الردّ مُضاعفاً، او بالتثنية. أغرب ما في أمر الخطأ السابق ان الذي نبّهني الى وقوعه مسؤول عربي بارز يجب ان تقتصر قراءته على قضايا الحرب والسلام، لا حروف في زاويتي. ومن اخطائي الى اخطاء القراء، فالقارئة العراقية سعاد علّقت على زاوية لي عن العراق في 16 من الشهر الماضي، وعادت الى تاريخ صدام حسين في اغتيال معارضيه، بل أقاربه وحلفائه، لتقول ان التهم الغربية ضده، وهي تهم شكّكت في صدقيتها، ليست من دون اساس. سعاد تصرّ على امكان ان يرسل صدام حسين قاتلات محترفات على شكل راقصات شرقيات، وهو ما شكّكت فيه ايضاً، الا انها زادت بالاحتجاج على حديثي عن "المعارضات" العراقية، وقالت انها ليست شيوعية او بعثية او اسلامية، ولا تنتمي الى اي جهة سياسية ولكن معارضة صدام تمشي في عروقها. انا لم اتحدث عن المعارضات العراقيات من النساء، وانما شكوت من تفرّق المعارضة العراقية في جماعات مختلفة متناحرة ضعيفة التأثير، واعتبرتها "مُعَارَضَات"، بفتح الراء، لا معارضة واحدة. أتوقف هنا لأقول ان اكثر كمية بريد أتلقاها هي من القراء العراقيين فعندهم قضية، غير ان اكثر ما أتلقى لا يحمل اسماً صريحاً وعنواناً، ومع ذلك يشكو هؤلاء القراء من ان "الحياة" لا تنشر رسائلهم في "بريد القرّاء". النشر يتطلّب اسماً كاملاً مع عنوان يمكن التثبّت منه، وفي مجموعة بريدي الاخيرة رسالتان من السفير نعيم قداح في دمشق والدكتور عزيز الحاج في باريس، وهما ستجدان طريقهما الى "بريد القرّاء" لأن الكاتبين معروفان. غير ان امامي رسائل عدة تحمل تواقيع ناقصة او رمزية، مثل سعاد، و"عراقي حزين"، و"اديب بغدادي" وهذه لا يمكن نشرها في البريد لعدم استوفائها شروط النشر، فأحاول ان أُشير اليها في زاويتي هذه. ثم هناك رسائل من نوع آخر فهي تضم اسماً صريحاً وعنواناً صحيحاً، الا انها قاسية، او شديدة اللهجة الى درجة تعرّض مصالح الجريدة للأذى، ومن هذا النوع من الرسائل ما كتب الدكتور لطيف الوكيل من برلين هو بدأ باتهام الرئيس صدام حسين بأنه عميل اسرائيلي، وهذا ليس صحيحاً، فالرئيس العراقي يمارس سياسة تخدم اميركا واسرائيل، الا ان القول انه عميل اسرائيلي صعب التصديق. وربما كنت نشرت رأي القارئ، مع ما ضمّ من نعوت قاسية حول هذا الموضوع، الا انه يكمل بمهاجمة الجيوش العربية التي تقمع شعوبها، ولا تعرف كيف تحارب اسرائيل، على حدّ قوله. الجيوش العربية التي حاربت اسرائيل خسرت، ولكن سقط من هذه الجيوش في الحروب مع اسرائيل الوف الشهداء لا يجوز ابداً ان نُلغي شهادتهم او نُهين ذكراهم، فهم أبطال ضحّوا بأرواحهم، في حين لم يضحّ أمثالي بأكثر من حبر قلمهم. وأقول لكل القرّاء العراقيين رداً على نقطة تكرّرت في رسائلهم بشكل او بآخر، انني دعوت الى ذهاب الرئيس صدام حسين وأسرته الى مصر للإقامة فيها بأمان لاجئين، واقترحت اذا لم يفعل ان تشنّ الدول العربية حرباً على نظامه حتى يسقط، لأن اميركا لا تريد إسقاطه طالما انه يُبرّر سياستها في المنطقة العربية كلها. وهكذا فدعوتي كانت لمحاربة النظام بشكل جدي، لا بالكلام كالولايات المتحدة، والهدف انقاذ شعب العراق. وانتقل الى شيء اقل وطأة فالقارئ ص. س. التميمي علّق على قولي ان زيادة حدّة الغضب بين الناس عموماً ربما كان سببها ان بني تميم غضبوا فحسبت الناس كلهم غضابا، وقال ان بني تميم في نجد والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، ولا علاقة لهم بالغاضبين الذين أراهم في لبنان او لندن. وربما كان كلام القارئ التيميمي صحيحاً، الا انني أسأله هل بلغه بنو تميم انهم ليسوا غضابا، او انه افترض ذلك لأنه مُرتاح، واعتَقَدَ ان بقية قومه مثله. واختتم بالقارئ محمد زيد الرشيد فهو يقترح ان اكتفي بالتعليق على المواضيع السياسية. غير ان المشكلة ان نصف القرّاء مثله، ونصفهم الآخر يريد مني ان أُعلّق على كل موضوع ما عدا المواضيع السياسية واحاول ان أُرضي الاخ محمد والقراء كافة، مع ادراكي ان رضا القراء غاية لا تدرك، والله لا يكلف نفساً إلا وسعها.