شهدت الحلبة الديبلوماسية سباقاً محموماً أمس، لكسب تأييد ست دول تعتبر أصواتها مرجحة داخل مجلس الأمن. وفي غضون ذلك أكدت روسيا رسمياً أنها ستستخدم حق النقض الفيتو ضد أي مشروع قرار يمهد للحرب على العراق، فيما جال وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان على الكاميرونوانغولا وغينيا وهي دول اعضاء في مجلس الامن بأمل الحصول على تأييدها للمعسكر المعارض للحرب. وقال دوفيلبان في ياوندي ان فرنسا ستتحمل "مسؤولياتها كعضو دائم في مجلس الأمن"، لمنع التصويت لمصلحة قرار ثان بشن الحرب. وقال الوزير الفرنسي إن "من الواضح ان فرنسا لن تقوم بالقاء ثقل هذا العبء رفض المشروع الاميركي على اصدقائها، الدول الاخرى في مجلس الامن، وسنكون القدوة". ورد الناطق الرئاسي الاميركي آري فلايشر امس، على التصريحات الروسية والفرنسية قائلاً إن البيت الابيض يأمل في ان لا تستخدم موسكو أو باريس حق النقض، مؤكداً أن واشنطن ستشعر بخيبة أمل في حال حدوث ذلك. واشار الى "احتمال ان تغير موسكو رأيها". وسجلت واشنطن تراجعا لجهة تحديد موعد الاقتراع الذي كان مقرراً أمس على مشروع القرار الاميركي - البريطاني، وقال فلايشر إن "الاقتراع سيحصل هذا الاسبوع، لكنني لا يمكن ان اقول في أي يوم". وكثف الرئيس جورج بوش وحليفه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اتصالاتهما امس بالزعماء في دول عدة بعضها اعضاء في مجلس الامن في اطار السباق على كسب التأييد. وفي تطور آخر في الاتجاه ذاته أعلنت الحكومة البريطانية امس انها مستعدة لادخال تعديلات جديدة على مشروع القرار في محاولة لكسب تأييد دول اضافية في مجلس الامن. واشارت تقارير في لندن إلى أن التعديلات ستستجيب لمطالب عبر عنها الرئيس التشيلي. أعلنت الحكومة البريطانية امس انها مستعدة لادخال تعديلات على مشروع قرار يجيز غزو العراق في محاولة لكسب التأييد للمشروع في مجلس الامن. وقال الناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير للصحافيين إن لندنوواشنطن ستبحثان في وضع جدول زمني يحدد تفاصيل خطوات نزع الأسلحة، وانه يجب على الرئيس العراقي صدام حسين الالتزام بتنفيذه في موعد أقصاه 17 آذار مارس الجاري من أجل تجنب الحرب. وأضاف: "أثار أعضاء آخرون في المجلس فكرة ربط مهمات رئيسية بمواعيد محددة يجب على صدام الالتزام بها. نبحث في مؤشرات تفصيلية توضح ما يجب على صدام فعله قبل انقضاء المهلة الاثنين المقبل". والمح أيضاً الى أن المهلة التي حددتها بريطانياوالولاياتالمتحدة يمكن تمديدها تمديداً محدوداً. وقال: "17 آذار هو التاريخ الوحيد في القرار. واذا كانت للزملاء الآخرين أفكار أخرى فسنستمع اليها". وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية امس، ان وزيرة الدولة البريطانية لشؤون افريقيا فاليري آموس ستزور بين الاثنين والاربعاء الكاميرونوانغولا وغينيا، الدول الافريقية الثلاث الاعضاء في مجلس الأمن، في محاولة لاقناع هذه الدول بالتصويت لصالح مشروع القرار البريطاني - الاميركي الذي يمهد الطريق امام غزو العراق. وأعلن ناطق باسم الخارجية ان الوزيرة البريطانية بدأت الجولة من الكاميرون مساء امس وتتوجه ظهر اليوم الى انغولا وغينيا. واضاف انه لم يتم تحديد جدول اعمال الزيارة لكن الوزيرة ستلتقي في كل دولة "ممثلين حكوميين رفيعي المستوى". وأفادت الصحافة البريطانية ان التصويت الذي كان مرتقبا اليوم سيحصل في نهاية الاسبوع على الارجح لافساح المجال امام واشنطنولندن للحصول على تأييد الدول المترددة. وتشير رحلة آموس الى هذه الدول الى ان الاقتراع لن يحصل قبل الخميس. وأشارت الصحف البريطانية امس إلى أن لندن تعتزم ارسال لائحة من النقاط المحددة على العراق ان يعطي في شأنها اجابات مرضية قبل مهلة الانذار، تشمل خصوصاً طلبات مقدمة من قبل تشيلي احدى الدول الاعضاء المترددة في مجلس الامن. وأوضح الناطق باسم الحكومة البريطانية ان بلاده "تنظر بايجابية" الى الاقتراحات لتحديد موقف أكثر وضوحاً للمسائل العالقة الخاصة بعملية نزع أسلحة العراق "من اجل ان يعي صدام مايجب عليه القيام به من الآن ولغاية 17 آذار". وأفادت صحيفة "غارديان" ان "الولاياتالمتحدةوبريطانيا وافقتا الأحد تحت ضغط الدول الاعضاء في مجلس الامن المترددة، على تحديد متطلبات نزع السلاح التي يجب على العراق القيام بها قبل السابع عشر من الشهر الجاري من اجل تجنب الحرب، بدلاً من ان تطلب عملية نزع سلاح كاملة". وتابعت الصحيفة ان "هذه المبادرة من أجل تحديد الاجراءات المطلوب من صدام حسين القيام بها تأتي تلبية لطلب تشيلي". ولاحظت "علامة ليونة اخرى، فالحكومة البريطانية لمحت الى امكان ان يتم تاجيل عملية التصويت على مشروع القرار مجددا الى نهاية الاسبوع". وفي سانتياغو، أعرب الرئيس التشيلي ريكاردو لاغوس الذي تشغل بلاده مقعداً غير دائم في مجلس الامن عن اقتناعه بأنه "لا يزال هناك مجال للمراهنة على السلام" في العراق، بعد محادثات هاتفية اجراها مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيسي حكومتي بريطانيا واسبانيا توني بلير وخوسيه ماريا اثنار. وقال: "عرضت لهم موقف حكومة تشيلي ونعتقد انه لا يزال هناك مجال من اجل المراهنة على السلام". ونقلت صحيفة "تايمز" عن مسؤول بريطاني تأكيده ان عملية التصويت ستجري في "وقت لاحق". وأفادت صحيفة "فايننشال تايمز" الى أن "المتحدث باسم رئيس الحكومة اقترح بأن يكون تاريخ 17 آذار قابلاً للمناقشة". وأقر وزير الدفاع البريطاني جيف هون امس بأن العراق حقق "تقدماً طفيفاً" في مجال نزع الاسلحة من خلال تدمير 34 صاروخا من نوع الصمود، لكنه وصف التنازلات العراقية بأنها "محدودة وهدفها تضليل المجموعة الدولية وليس مساعدتها". وقال هون: "نعم، حصل تقدم طفيف على سبيل المثال تفكيك 34 صاروخاً عراقياً من نوع الصمود-2"، مضيفاً ان "هذا التقدم موضع ترحيب لكن التنازلات محدودة ولا يزال هدفها تضليل المجموعة الدولية وليس مساعدتها". وتابع: "فلنتذكر ان هذه التنازلات المحدودة لم يتم الحصول عليها إلا لأنه يوجد تهديد فعلي باستخدام القوة العسكرية. كما سيقول وزير الخارجية جاك سترو امام مجلس العموم، ستكون أمام الرئيس العراقي فرصة اخيرة الاسبوع المقبل لابداء احترامه غير المشروط للقرار 1441". مخاوف تعزيز الإرهاب وفي واشنطن، اعتبر السناتور الديموقراطي كارل ليفين ان حربا في العراق من دون موافقة الاممالمتحدة من شأنها ان تعزز الارهاب ضد الولاياتالمتحدة. وقال ليفين وهو عضو واسع النفوذ في لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، لشبكة "سي ان ان" التلفزيونية الاحد، ان مخاطر مثل هذه الحرب من دون موافقة مجلس الأمن "ستكون ضخمة، في حين ان العراق لا يمثل تهديداً مباشراً للولايات المتحدة". واضاف: "سنكون معزولين في العالم. ان رداً ارهابياً وهو مرجح، سيغذيه كوننا سنتقدم من دون سلطة الاممالمتحدة". واوضح: "يجب ان لا نتعامل مع الاممالمتحدة على انها عائق ولكن كخيار من اجل تجميع العالم ضد التهديدات الارهابية وعدم اتخاذ اجراءات احادية قد تؤدي الى رد إرهابي ضد الولاياتالمتحدة". بلغاريا وموقف الاتحاد الأوروبي واستبعدت بلغاريا، العضو غير الدائم في مجلس الأمن، تكهنات بأن يؤدي تأييدها القوي للغزو الأميركي للعراق إلى الإضرار بسعيها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وقال وزير الخارجية سولومون باسي بعد أن أجرى محادثات مع غونتر فيرهوغن، المسؤول عن توسيع الاتحاد في بروكسيل: "لا توجد صلة رسمية بين توسيع الاتحاد الأوروبي والتصويت في مجلس الأمن". وأضاف: "للأسف لا يوجد موقف موحد للاتحاد الأوروبي يجبر الدول الأعضاء والدول المرشحة على التصويت بشكل أو بآخر في مجلس الأمن. لهذا نعتقد بأنه سيمكن تخطي ما يصور على أنه أزمة". وقال وزير الخارجية البلغاري إن بلاده منفتحة على "اقتراحات جديدة" تتيح التوصل إلى "تفاهم" داخل مجلس الأمن. ورداً على سؤال عن الموقف الذي ستعتمده بلاده أثناء التصويت على مشروع القرار الأميركي، تمنى الوزير البلغاري التوصل إلى "تفاهم داخل الاتحاد الأوروبي أولاً ثم إلى تفاهم داخل مجلس الأمن". وأضاف: "إذا كان بإمكان اقتراحات جديدة أن تؤدي إلى هذا التفاهم في هذه الأثناء، فإننا سندعمها بالتأكيد". ماليزيا تدعو 6 دول للاقتراع ضد الحرب من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الماليزية سيد حميد البار أمس أن بلاده كتبت، بصفتها رئيسة حركة عدم الانحياز، رسائل إلى ست دول من أعضاء الحركة تشغل مقاعد أيضاً في مجلس الأمن لتطلب منها التصويت ضد مشروع القرار الجديد. وقال الوزير الماليزي: "كتبنا لكل من هذه الدول وآمل بأن تصوت استناداً إلى ما تم إقراره في مؤتمر القمة الأخير". وكانت قمة عدم الانحياز الأخيرة التي عقدت الشهر الماضي بمشاركة 116 دولة، أعلنت رفضها للحرب ضد العراق إذا كانت من دون تفويض من الأممالمتحدة. والدول الست التي تم توجيه الرسائل إليها هي سورية والكاميرونوتشيلي وغينيا وباكستان وأنغولا. وتمثل خمس منها، باستثناء سورية، أصواتاً مرجحة في مجلس الأمن.