كاتبة الرسالة سيدة لبنانية رفضت الكشف عن إسمها مكتفية بالبوح التالي: "عمري 30 سنة ووزني 100 كيلوغرام. لم أكن سمينة في سنّ المراهقة ولكنّ جسمي بدأ يتغيّر عند سنّ الرشد، فبتّ أسمن في شكل غير طبيعيّ وفاقت شراهتي حدّ التصوّر حتى أنّني أخذت ألتهم خمسة أرغفة في اليوم. وتشكّل بدانتي سبب انزعاج دائم لي حتى لو قالوا لي إنّ ذلك غير مهم فأنا أشعر بإحراج دائم في المناسبات الاجتماعية التي يقدّر لي المشاركة فيها. وتسبّب لي السمنة مشكلات في الحياة الزوجية. فبعض الرجال يعلّق أهمية كبرى على "جسد" المرأة فيبحث عن المرأة "المثالية" وتراه يفضّلها نحيفةً ورشيقة فيتباهى بزوجته أمام معارفه. أما أنا فيلحّ عليّ زوجي بالتوقّف عن الأكل والانتباه إلى رشاقتي لأتمكّن من ارتداء الملابس التي تتماشى مع ذوقه. وأصبحت أتحاشى الأكل عندما يكون زوجي في المنزل لأنّه يراقب كميّة الطعام التي أتناولها، ويسبّب لي هذا الإلحاح مشكلات جمّة لأنّني أتشاجر مع زوجي على الدوام من دون أن يؤدّي ذلك إلى انفصالي عنه. أما مشكلاتي النفسية فكثيرة، ذلك أنّ عدم اقتناعي بشكلي يشعرني بأنّني مختلفة عن غيري. فأنا أشعر بخجل كبير عندما أقصد السوق لا سيّما أنّني لا أجد ثياباً تلائم قياسي 52 كما أنّني لا أستطيع أن أتبع الموضة لأنّني مجبرة على ارتداء الثياب الكلاسيكيّة التي أشتريها من محال مخصّصة لبيع ألبسة للعجائز، وأتفادى التنانير لئلا أبدو مضحكة. وأعاني كذلك متاعب جسديّة، فأنا أشعر بالإرهاق عند قيامي بواجباتي المنزلية وأعجز عن الحركة بسرعة، اذ يستلزم نهوضي عن السرير دقيقتين أو أكثر. أما البحر فبتّ أكرهه بسبب جسمي، فأنا لا أرتاح أبداً إن قصدت الشاطئ لأنّني أشعر أن الناس يراقبونني على الدوام ويخيّل إليّ أن الجميع يتحدّث عنيّ ويسخر من بدانتي. وكم أشعر بالخجل عندما أكون في مكان ما ويقال لي: "أنت كثيرة البدانة، لم لا تتبعين حمية كي يبدو جسمك أفضل حالاً؟". وكلّ من يدّعي عدم التأثّر بهذا النوع من التعليق غير صادق فهو يجرح مشاعر الإنسان في الصميم. وليست لشراهتي حدود، فأنا آكل المأكولات الدهنية والخفيفة منها على حدّ سواء وأتناول السكاكر بين الوجبات، ولا أستطيع التخلّي عنها لأنّها تحتل أهميةً كبرى في حياتي. ولكي أبدو طبيعيّة عليّ تخفيض وزني قرابة 40 كيلوغراماً. لقد اتبعت حمية قاسية وتناولت أدويةً أفادتني بعض الشيء فتراجع وزني قليلا،ً إلا أنّ الصعوبة تكمن في المحافظة على هذا الاستقرار في الوزن، فأنا لا أملك الإرادة الكافية للامتناع عن تناول الطعام بشراهة. فالأكل بات شغلي الشاغل حتى أنّني أخذت أطبخ الوجبات بكميات كبيرة وأطعم أولادي فوق طاقتهم. أما بالنسبة إلى الرياضة فلم أستفد شيئاً من ممارستها، ذلك أنّ جهودي كلها تذهب سدىً ولا شكّ في أن عمليات تقليص حجم المعدة باتت رائجة للغاية، إلا أنّني أخشى انعكاساتها السلبية وأهاب المجازفة. أشعر بغيرة جامحة من المرأة الرشيقة القوام، وكم أتمنى أن أصبح مثلها فأرتدي أجمل الملابس وأبدو أكثر أناقةً لكنّ إرادتي ضعيفة ولست أعتني بجسمي كغيري من النساء. وغالباً ما أتعرّض للانتقاد من أولادي، فابنتي التي لم تتجاوز بعد التاسعة حريصة جداً على رشاقتها، فتراها تبتعد عن المأكولات الدهنية وتقول لي: "لا أريد أن أصبح في بدانتك، أريد أن أكون رشيقة ونحيفة". ولا تنفكّ تسألني لماذا لا أرتدي ثياباً ضيقةً على الموضة كما تفعل أمهات صديقاتها، كما يلحّ عليّ ابني الصغير كيّ أكفّ عن الأكل بشراهة لكنّني أعجز عن تلبية رغبات أولادي لأنّني بتّ مدمنةً على الأكل".