"أهديت ابنتي ليلة عرسها طقمي الذهب الخاص، لأن الأوضاع لا تسمح بتوفير المال اللازم لهدية مناسبة، ولا بد من أن نقوم بواجباتنا معها أمام عائلة زوجها ليعرفوا قيمتها"، قالت أم إبراهيم 45 عاماً. وأضافت: "وكذلك قدمت لخطيبة ولدي سواري، على أنه جديد طبعاً، هدية مني". أم ابراهيم مطلقة ولا مدخول لها سوى ما تجنيه من عملها كخياطة، وأوضحت أنها غالباً ما تتمنع عن القيام ببعض الواجبات المطلوبة منها لأن مدخولها محدود ولا يكفي أحياناً لمصاريف المنزل. "في حال دعيت الى عرس لا ألبي الدعوة إلاّ إذا كان العرس يخصنا مباشرة، لأنه إضافة الى ما يجب على الملابس والزهور وغيرها، يصبح لا بد من التهنئة وبالتالي دفع ثمن "النقطة" هدية الزواج، أو الولادة، ... ولذلك أذهب فقط الى التهنئة وفي بعض الأحيان لا أقوم بشيء أبداً". ذوو الدخل المحدود، غالباً ما يعانون من انخفاض دخلهم الذي قد لا يوصلهم الى نهاية الشهر بأمان وبعيداً من الاستدانة فيلجأون الى أساليب متعددة للتحايل على مصروفهم من أجل أن يمضوا أيامهم من دون الحاجة الى طلب المساعدة، لا سيما المادية من أحد. زينب 46 عاماً تقوم بالاستعانة بما لديها من أغراض وهدايا جديدة للقيام بواجباتها، "في المناسبات تصلني هدايا منها ما يعجبني فأحتفظ به ومنها ما لا يناسبني ثياب، حلي، أدوات منزلية... فأقوم بإهدائها الى أناس آخرين عليّ أن أقوم بواجبات تجاههم". أما أم عبد 35 عاماً فتقول: "في مناسبات عدة ومنها دينية أيضاً يتوجب القيام ببعض التقاليد التي تكلّف كالكبيس، والمكدوس، وحلو العيد، والهدية... وهذه تكون زيادات على المصروف وليست في حسابات الشهر عندها أقوم بالاشتراك مع بعض الجيران ونتعاون على الدفع وبالتالي يبقى الجميع مرتاحاً إذ أن الأعباء تتقسّم علينا جميعاً". أما أبو وليد 32 عاماً ووالد لطفلين فيتجنب المصاريف الإضافية "بمقاطعة جميع المناسبات الاجتماعية في شكل عام، لا سيما الخاصة بالأطفال، إذ أن كل أسبوع يُدعى أطفالي الى عيد ميلاد أحد رفاقهم وإذا ما لبّينا جميع هذه الدعوات فأنا على الأقل سأضطر الى دفع ما لا يقل عن مئتي دولار زيادة على المصروف العام". التحايل على المصروف لا يقتصر على الأهل أو أرباب العائلات ولكن أيضاً يمر على أطفال وشبان هذه العائلات. تقول زينة 27 عاماً وهي زوجة موظف حكومي: "علّمت لارا ابنتها 4 أعوام كيفية صنع الهدايا لأصدقائها بنفسها، كبطاقات المعايدة وغيرها من الألعاب البسيطة التي تصنع في شكل يدوي". وترى زينة ان في ذلك منفعتين: تنمية العقل الإبداعي لدى طفلتها وتوفير المال على زوجها من دون أن تحرم طفلتها من الذهاب الى المناسبات التي تدعى اليها. ويقول محمد 24 عاماً وهو عامل في شكل متقطع: "في حال لم يكن المال متوافراً أعتذر عن عدم الذهاب متحجاً لسبب ما كالعمل أو المرض، أو الارتباط بمواعيد أخرى... وإما أستدين المال من أحد أصدقائي، وعندما أنال أجري أرد ما استدنته". ومحمد لا يستطيع طلب المال من أهله لشراء هدايا أو الخروج ذلك لأن أهله "ناس على قد حالهم". ولجاد 23 عاماً طريقة أخرى في هذه الأمور بخاصة مع صديقاته "قبل المناسبة بيوم أو اثنين أتشاجر مع صديقتي وبالتالي لا أشتري لها الهدايا ولا أضطر للاحتفال معها بأي مناسبة عيد العشاق، عيد مولدها، حفلة نجاحها... وكلما ضاقت الحال كثيراً أيضاً أتشاجر معها كي لا نخرج، إن الفتيات متطلبات جداً، وإذا كان الشخص مدير مصرف يضعونه على الحديدة". أما مهى 22 عاماً فقالت "الأشياء الخاصة بالشباب غالية جداً ولا أستطيع تحمّل كلفة أن أهدي أي شاب، أما في حال كانت الهدية لفتاة فأجد لها أي شيء كعقد أو سوار أو أي قطعة من الإكسسوارات بمبلغ زهيد. ولذلك عوّدت جميع أصدقائي الشبان على أنني لا أقوم بإهداء أي شاب". وتقول سارة 23 عاماً: "دعوت أصدقائي الى السهر في ملهى ليلي لمناسبة عيد مولدي على أن يدفع كل عن نفسه وبذلك نتسلى جميعنا وتكون السهرة بمثابة الهدية من يدفع عن نفسه لا يشتري هدية". أما ربى 28 عاماً والموظفة براتب يكفي مصاريفها الضرورية فقط فرأت أن الدخل هو الذي يحدد المصروف "في عملي السابق كان راتبي يتعدى ال900 دولار، كنت عندها أسهر يومياً مع أصدقائي وفي محلات مكلفة جداً من دون الاهتمام بحجم المصروف أما اليوم فإن راتبي تقلص في شكل ملحوظ، أصبحت لا أخرج إلا في مناسبات معينة، كما إنني ألغيت عادة ارتياد المقاهي واستبدلتها بالجلسات العائلية وشرب القهوة في المنزل أو في المكتب".