تشكل سنة الزواج الأولى، الفترة التي يختبر الزوجان فيها نمطاً مختلفاً من العيش. في هذه السنة تتكثف الوقائع الجديدة ويشكل المنعطف مناسبة لتجديد الحياة ولدفعها الى مزيد من الانغماس أو تؤدي الوقائع الجديدة الى انتكاسة وتراجع. وفي الحالين تعكس الوقائع والتبادلات سيطرة لمعايير وقيم تجد سنة الزواج الأولى مسرحاً لتألقها. في البلدان التي حاولنا فيها استدراج ازواج جدد، ظهر ان وقائع هذه المرحلة مليئة بالدلالات المرتبطة ارتباطاً شديداً بطبيعة المجتمعات. الدول العربية على ما يبدو قطعت اشواطاً في طريق تمايزها وتفاوتها. الطريق الى الزواج في مصر مختلف جوهرياً عنه في المملكة العربية السعودية. وتلك المادة التي وصلتنا عبر البريد الألكتروني وهي مجهولة المصدر، رجحنا ان تكون من سورية من دون ان نعثر على اثر يدل الى ذلك، وبعد اتصالنا بالمتعاونين معنا في سورية ثبتت لنا صحة توقعاتنا. فما يعرفه المرء عن سورية وعن مجتمعها وناسها يتيح له توقع ان تكون انواع الخلافات الزوجية والاختيار وازمات السكن ومشكلات الكنة والحماة من النوع الذي قرأه. اما السعودية واليمن وهما مجتمعان متشابهان فالزواج تفوح منه روائح الأمهات اللواتي يخترن لأبنائهن، والأمهات ايضاً يؤهلن بناتهن لأن يكن هدف نظرات الأمهات الأخريات. سنة الزواج الأولى وما يسبقها وما يليها في هذا الملف من مصر والسعودية وسورية ولبنان واليمن وتونس وايران. شهادات شخصية وتحقيقات عن برامج المصارف لتمويل مشاريع الزواج، وتحقيق عن جمعيات ايرانية لتأهيل المتزوجين الى ادوارهم الجديدة. يقبل الشباب على الزواج في مدينة الرياض عادة في العشرينات من أعمارهم، ويقوم أهالي العروس والعريس بدعم ابنائهم مادياً ومعنوياً لتيسير مسألة الزواج عليهم. إن ضغط المجتمع على الشاب والفتاة والنظر إليهما بنظرات الشبهة والاتهام في حال استمرارهم في حياة العزوبية هما الدافع الرئيس للإقبال على الزواج. التقينا شابين وفتاتين، مضى على كل منهما قرابة العام من الحياة الزوجية وطلبنا من كل منهما ان يروي تجربته الزوجية باسلوبه وطريقته. زوجتي التي اختارتها أمي أنا طالب وزوجتي طالبة كانت لدي رغبة في الزواج منذ أن أنهيت دراستي الثانوية والتحقت بالجامعة، لكني كنت أخجل من ان أفاتح أمي أو أبي بالموضوع، فالطريقة المعتادة في الزواج ان تبحث لي امي عن زوجة مناسبة، ولم يكن بمقدوري بالطبع الاستقلال بهذا الموضوع. اسمي فيصل أسكن في مدينة الرياض، وأعمل حالياً موظفاً في ادارة حكومية وأدرس في الجامعة بنظام الانتساب. بعد سنة كنت جالساً مع أختي الكبيرة نتبادل الاحاديث الودية، ووجدت ان الجو مناسب فألمحت الى موضوع الزواج. عمدت اختي الى مفاتحة أمي بالموضوع ففرحت هذه الاخيرة لذلك، وجلست معي لترى المواصفات التي أريدها في زوجتي. ثم بدأت هي في البحث عن فتاة مناسبة. ومنذ ذلك اليوم ألتحقت بوظيفة حكومية، وغيرت وضعي في الجامعة من طالب منتظم الى طالب إنتساب. ولم يطل بحث امي فقد وجدنا إبنة أحد الاقارب مناسبة تماماً لي، وتقدمنا وخطبناها ووافقوا على ان اكون زوجاً لابنتهم. وبدأنا بعد الخطبة نتباحث في الامور المادية، وكنت قد بدأت بتوفير مبلغ جيد من راتبي ولكنه لم يكن يكفي، وهكذا تأخر الزواج لعدة أشهر قمت خلالها بالضغط على نفسي حتى أجمع أكبر مبلغ، وقام اهلي واخواني واصدقائي بمساعدتي، كما اقترضت مبلغ عشرين الف ريال من بنك التسليف السعودي. ثُم إتفقنا نحن واهل خطيبتي ان يكون الزواج عائلياً مختصراً من دون حفلة كبيرة. قمت بالبحث عن منزل مناسب بالقرب من بيت أهل زوجتي، ولم اكن أرغب في ان اسكن عند أهل زوجتي او عند أهلي في السنة الأولى من الزواج كما يفعل بعض الشباب هنا. لقد عشت في منزل مستقل منذ ان تزوجت وحتى الآن ولا أفكر أبداً في العيش مع الاهل في بيت واحد الى ان يشاء الله. ولا مانع من السكن بقربهم وهذا ضروري، المشكلة في العيش مع الاهل تكمن في إنكسار الخصوصية وارتباط الزوجين بالأهل في حلهما وترحالهما وفي معظم الشؤون. ولكن اردت ان يكون قريباً من بيت أهل زوجتي حتى تكون هي بالقرب منهم، فقد تحتاج شيئاً وأكون أنا في عملي او خارج المنزل. تمّ الزواج ولله الحمد وكلّفني قرابة 75 ألف ريال، أما زواج شقيقي فقد كلفه 150 ألف ريال، إذ أصرّ على حفلة زواج كبيرة، وعلى إقامة العديد من الولائم. عند زواجي كنت قد بلغت العشرين من عمري، وكانت زوجتي تماثلني في العمر، واستمرت هي في دراستها الجامعية المنتظمة، ولكنها حولت الى نظام الانتساب فور انجابها لابننا الاول. لم افكر ابداً في تأخير الانجاب فأنا أريد ان يكبر ابنائي بسرعة لاراهم رجالاً وليقفوا معي عندما اكون قد كبرت، فولدي عبدالله سيكون عمره عشرين سنة عندما اكون قد بلغت الاربعين، وبذلك سيكون التقارب بيننا اكبر، وسأعامله كصديق لا كابن، اما لو اخرت الانجاب فستزداد الفجوة العمرية بيني وبين ابنائي وزوجتي الآن حامل بطفلنا الثاني، ولم يمض على زواجنا سنة ونصف السنة. لم أعانِ مادياً بعد الزواج، فلم يكن لدي دين غير قرض بنك التسليف، وكان علي ان أسدده على دفعات شهرية تبلغ قيمة الدفعة 400 ريال فقط، وراتبي ولله الحمد اضعاف هذا المبلغ. لدى عائلتنا وعي جيد بأهمية الخصوصية بين الزوجين ولذلك فلم يتدخل احد في حياتنا الخاصة لا من اهلي ولا من اهل زوجتي، وكنت اقوم بايقاف اي محاولة للتدخل مباشرة، فانا وزوجتي متفاهمان ويمكننا حل مشاكلنا بأنفسنا، ومشاكلنا قليلة، وعندما انجبنا ابننا الاول حاول بعض الاشخاص من اهلي ومن اهل زوجتي ان يفرضوا علينا اسماء معينة، ولكنني سميته بحسبما ارغب انا ولم اهتم بآرائهم وفعلتها بطريقة جعلت من الواضح لكل الاقارب انني لا اريد لاحد ان يتدخل في حياتنا الخاصة. عواصف السنة الأولى اسمي ندى وأنا في الحادية والعشرين من عمري، طالبة في جامعة الملك سعود في الرياض قسم رياض الاطفال، عندما بدأت افكر بالزواج لم يكن قراراً مستعجلاً او غير مدروس، فقد كنت اعاني من الوحدة بسبب عيشي بين اخوة ذكور وعدم وجود اخوات لي يشاركنني مشاعري، كانت امي مشغولة جداً عني، وبالرغم من كثرة ذهابي معها في الزيارات الاجتماعية الا انني كنت اشعر ان بنات خالاتي واخوالي يعشن حالاً احسن من حالي، كنت احس بالوحدة وبافتقاد الاجتماع الحميم للاخوات ومشاركتهن الآراء خصوصاً في ما يتعلق بالحياة الخاصة للبنات. كان يتقدم لي الكثير من الشباب بسبب جمالي واناقتي الشديدة التي عرفت بها في التجمعات النسائية، وكنت كلما حضرت مناسبة اجد الانظار تتجه الي، غير ان امي كانت تعتذر لكل من يتقدم لي عندما كنت في الثانوية بحجة اني ما زلت صغيرة على الزواج، وانهيت دراستي الثانوية والتحقت بالجامعة، ومضت علي سنة فيها، وكانت امي تخبرني بكل عريس يتقدم لي، وكنت احياناً اضحك واطلب زوجاً خيالياً فلم اكن آخذ الموضوع بجدية. ولكن كان الشعور بالوحدة يزداد في نفسي وكنت ابكي احياناً بعد عودتي من الجامعة، واشعر ان جو الجامعة مملوء بالجفاء، وكنت افتقد الحب الصادق بين الصديقات، وحينها قررت ان افكر جدياً في اي عريس يتقدم لي، وكان أبي يقول حينها بانني مثل الوردة وبانني ساذبل مع مرور الوقت ان لم اتزوج. وذهبت ذات مرة الى حفلة صغيرة اقامتها احدى قريباتي، وتعرفت هناك على صديقة جديدة فاجأتني في احد الايام بقولها بانها ستخطبني لاخيها. لكنني لم اهتم كثيراً فليست هذه المرة الاولى التي اسمع فيها هذا الكلام. ولكن بعد ايام فاجأتني امي بان ضيوفاً سيزوروننا في ذلك اليوم وبانهم عائلة فلان، وهم قادمون لخطبتي. لقد كانت صديقتي تعني بالفعل ما تقوله، وفعلاً حضروا وكانت اول زيارة للتعارف، ثم تقدم لي ابنهم احمد، وكان في الثامنة والعشرين من عمره يعمل مدرساً في مدرسة حكومية، انسان مثقف وذو اخلاق طيبة. ارتاح احمد لي كثيراً، وارتحت له، وكان يحب البساطة ويكره التكلف، كان هو في نفس مركزنا الاجتماعي ولكن ظروفه التي دفعته للعيش فترة طويلة في قريته عند والدته المطلقة اثرت فيه كثيراً. سارت الامور على ما يرام، تسلمت مهري الذي بلغ خمسين الف ريال، وتوالت معه هدايا خطيبي من الذهب والالماس، ثم توالت علي الهدايا من الاقارب والاصدقاء، وبدأت استعد للعرس، وقضيت اغلب وقتي ما بين الجامعة والمنزل والاسواق والخياطة في دوامة مرهقة. وكنت ادعو ربي دائماً ان يوفق بيني وبين زوجي. وسارت الامور على ما يرام وتم زفافي الى زوجي، وسافرنا سوية الى سنغافورة لقضاء شهر هناك، وكان ذلك الشهر من اجمل ايام حياتي وشعرت انني في غاية السعادة، ثم عدنا الى ديارنا قضينا اولاً يومين في قريته عند امه ثم عدنا الى مدينة الرياض الى منزل الزوجية. ولكنني شعرت بعد ايام ان سعادتي ذهبت، ولا ادري لماذا، تشاجرت اول ما عدت مع الخادمة، وهذه الخادمة هي التي كانت عند ام زوجي واتت معنا لتخدمنا. وطلبت من زوجي ان يطردها، ولكنه رفض لانها خادمة العائلة وعندها حدثت اول مشاجرة بيننا، وتفاقمت الامور حتى انني بكيت واتصلت بصديقة لي واخبرتها انني اريد الطلاق. وتعجبت صديقتي من ذلك، وهدأتني واخبرتني ان الامور هذه تحل بالتفاهم، ثم هدأت الامور عندما طلبت الخادمة بنفسها من زوجي ان تعود الى امه. ولكن الهدوء لم يدم طويلاً حيث بدأ زوجي يشتكي من كثرة مصاريفي، ومن ان راتبه المحدود لا يحتمل ذلك كله. لم اعتد وانا في بيت اهلي ان يرفض لي طلب، ثم حدد زوجي لي مصروفاً شهرياًَ مقداره الف ريال فقط، وعندها تشاجرنا بحدة اكثر، وعندها قال لي بانه لن يحتمل العيش معي ان استمريت انا بالشجار معه بهذه الطريقة. بدأت أغير تصرفاتي وأسلوبي وأتودد إليه. كان يريد اولاداً في اسرع وقت، كان مستعجلاً على الانجاب، لكنني كنت استخدم مانعاً للحمل من دون علمه، وباشراف امي، ولكنه بعد فترة استغرب لعدم ظهور اعراض الحمل علي، وعندها اخبرته برغبتي في تأخير الانجاب، سكت ووافقني على مضض. كنت اسكن مع زوجي في فيلا خاصة صغيرة بجوار بيت ابيه وزوجة ابيه واخوته، ولم يكن زوجي مديوناً لاحد، ولم يضطر للاقتراض، فتكاليف زواجه دفعها له ابوه، وكان هو يدخر راتبه ليشتري سيارة جديدة بدلاً من سيارته القديمة التي لا تقارن بسيارات اخوانه. وبعد فترة احسست بأمر آخر، كان زوجي يريد احضار امه من القرية لتعيش معنا، وهو يحبها حباً عظيماً، وكنت انا ارفض الذهاب معه عندما يذهب ليزور امه لانني كنت اكره حياة القرى، وكان ذلك يغضبه. وذات يوم احضر امه معه من القرية لتبقى عندنا يومين، وتفاجأت عندما رأيت سعادة زوجي البالغة وهو يفطر مع امه، وكانت هي تنظر لي وتدعو لي، وتضايقت بشدة من وجودها ولكن بعد استشارة صديقة لي طلبت من حماتي ان تبقى معنا ولكنها رفضت كما توقعت صديقتي. وطلبت مني أمه بلطف أن أزورها في القرية مع زوجي وشيئاً فشيئاً نمت علاقة طيبة بيننا. وأخيراً بدأت أتأقلم مع حياة أحمد وطباعه الهادئة وفاجأته يوماً بعشاء شاعري جميل، ولكنني فوجئت بأنه أكل العشاء بسرعة ثم ذهب إلى عمله، ولم يعجبه هذا الجو الشاعري، وعرفت بعدها أنه لا يتحدث عن عواطفه بسبب طبيعة حياته القاسية التي عاشها في الماضي. بدأت أنظم حياتي وأموري العائلية وأقلل من مصاريفي حتى يكفينا مصروف أحمد ومكافآتي الجامعية، واستعدت هدوئي أخيراً بعد عواصف كادت أن تقضي على زواجنا. أم صغيرة لطفل مرتقب كانت بنيتي الجسدية تعطيني عمراً أمام الناس أكبر من عمري الحقيقي، فقد كان عمري ثلاث عشرة سنة وبضعة أشهر، وكنت أدرس في الصف الثاني المتوسط، ولكن من يراني كان يظن أنني في السادسة عشرة من عمري، ولذلك تقدم لي أحد أقاربي البعيدين، حيث شاهدتني أمه في إحدى الزيارات وأعجبت بي، وتقدمت أسرته لخطبتي لولدهم وأخبرتهم أمي أنه لا مانع من الزواج بعد أخذ موافقتي ومن الطبيعي في أسرتنا أن تتزوج البنات وهن صغيرات في الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة. اسمي منال ونسكن في مدينة الرياض. كان خطيبي مبتعثاً إلى اميركا، واشترط أهله على زوجته ان تلحق به إلى اميركا حتى ينهي دراسته ويعود. لم يعترض أهلي على ذلك ولكنهم اشترطوا موافقتي، وكنت أحب السفر، وأسمع عن تجمعات العرب هناك وعن الأجواء الجميلة التي يعيشونها ولذلك فقد وافقت على الفور وكان زوجي في العشرين من عمره، ولما علم بصغر سني تضايق كثيراً، ولكنه وافق على استكمال الزواج بعد أن اقنعه أهله بتعقلي ونضوج فكري. وتزوجنا في حفلة عائلية بسيطة فزوجي لا يزال طالباً وسافرت معه الى أميركا وحاولت التكيف مع حياتي الجديدة، خصوصاً أن زوجي لا يملك الكثير من المال لكي نعيش الحياة التي نتمناها، وقد قررنا ان نقتصد بدل ان نعيش على الديون. وكنت انا وزوجي نرغب في الانجاب، نرغب في ان يكون لنا أطفال نسعد بهم أكثر، وفعلاً حملت بعد أشهر قليلة وفرح زوجي لذلك كثيراً لأنه سيكون أباً بعد شهور. وأنا الآن أكمل تعليمي هنا في الولاياتالمتحدة، وبالرغم من أنني أشعر بالحنين إلى أهلي ووطني إلا أنني سعيدة مع زوجي. فهو طيب ويشعرني بأنه كل عائلتي كما أنني تعرفت على العديد من الصديقات من الجالية العربية هنا، وبعد شهور سأكون اماً صغيرة لطفل جميل. زوجتي خاتم في إصبعي! أدعى عادل، يعيش أهلي في مدينة صغيرة، لهذا اضطررت إلى مغادرة البيت بعد حصولي على شهادة الثانوية العامة لألتحق بالجامعة في العاصمة الرياض، وهناك انفصلت تماماً عن أهلي، عشت حياتي بالكامل وحدي وأخذت كامل حريتي بلا أي قيود أسرية، واستمرت حياتي كذلك حتى بعد تخرجي من الجامعة، حيث حصلت على وظيفة جيدة كمهندس شبكات في مدينة الرياض دفعتني للاستقرار الكامل بها، وكنت ازور أهلي بين وقت وآخر، وهناك في الرياض حصلت قصتي. كان لي صديق حميم، أخرج معه كثيراً وكنت ازوره في بيته وتعرفت على عائلته، وكانت له أخت تكبرني بعدة سنوات ومع مرور الأيام بدأ جو من الود الخاص يأخذ مكانه بيني وبين أخت صديقي، وأحست أمها بذلك فأخذت تدفعها في طريقي أملاً في أن أتزوجها، خصوصاً أن الابنة من الصعب أن تجد لها زوجاً كونها مطلقة ولها ابن من زوجها السابق. وبالفعل بدأت افكر جدياً بالزواج، فقد كانت أخت صديقي مرحة ولطيفة، وتجاهلت كونها اكبر مني، وتجاهلت حالتها الاجتماعية وذهبت في زيارة عاجلة إلى اهلي وفاتحت أمي بالموضوع التي سرت في البداية لإقدامي على الزواج ولكنها سرعان ما رفضت الموضوع عندما علمت بالحالة الاجتماعية لفتاتي، ولم تكتف بذلك بل أسرعت الى والدي وتناقشت معه ثم عادت الي لتخبرني بأنني سأتزوج من ابنة احد معارف العائلة. غضبت كثيراً وتصادمت مع والديّ لكنهما وقفا أمامي بقوة، وبعد اسابيع من النقاش الحامي ورفع الصوت خضعت لهما وأنا حانق وذهبنا الى من تريدها لي أمي وخطبناها على الفور وتزوجنا خلال اسبوعين في لامبالاة كاملة مني، اعتراضاً مني على كل ذلك. كنت يومها في الخامسة والعشرين من عمري، وكانت زوجتي في التاسعة عشرة حاصلة على شهادة الثانوية العامة، ولم يرغب أهلها بأن تواصل دراستها الجامعية. ولم اعان في الزواج من مشاكل مادية تذكر، حيث أنني كنت ادخرت مبلغاً جيداً من عملي كما أن أهل الزوجة لم يطلبوا مهراً كبيراً ولا تكاليف إضافية. كانت زوجتي انطوائية إلى حد كبير، وبسيطة وواصلت انا العيش بنمط العزوبية الذي أعرفه في تجاهل كبير لها ولكن لم أسمعها يوماً تتذمر وكأنها راضية بحالها، ولم يعلم أهالينا بنمط حياتنا فأهلي عادوا إلى بلدتهم الصغيرة، أما أهلها فكلما زارتهم أو زاروها لم تشتك لهم بشيء وكنت اقضي أياماً كثيراً ساهراً الليل مع أصحابي حتى وقت متأخر، وأعود لأجدها تقرأ أو تشاهد التلفزيون وتستقبلني وكأنني لم أعمل شيئاً، وكانت شخصيتي قوية على النقيض من شخصيتها ولهذا كان من السهل علي ان اسيطر عليها تماماً. لم أرغب في انجاب أطفال منذ البداية ولم يكن لزوجتي رأي في ذلك، لكن اقتنعت اخيراً بفكرة إنجاب أولاد حتى تنشغل بهم عني ولا أقلق عليها إن تركتها وحدها أغلب اليوم، وها هي الآن زوجتي حامل في شهرها السادس. وأذكر ان أهلي زاروني قبل قرابة شهرين وأقاموا أسبوعاً عندي، وقد عانيت وقتها من الظهور أمامهم بمظهر الزوج المستهتر حيث كنت أخشى والدي ووالدتي كثيراً. فكنت أقضي وقتاً كثيراً في البيت ولم أذهب إلى أصحابي ولم أرهم، ويبدو أن أمي أحست أن شيئاً ما غير طبيعي ولكنها لم تتأكد من شيء، وما إن عاد أهلي إلى بلدتهم الصغيرة حتى عدت إلى حياة العزوبية!