جلست السيدة المتزوجة حديثاً تراقب جسمها المنتفخ وملامحها التي تغيرت بسبب الحمل ومقاييسها التي كانت منذ أشهر مثالية. تتفحص كل تفصيل في جسدها مع اقتراب موعد الولادة وانتظار قدوم مولودها الأول، والشيء الوحيد الذي يخفّف من «سوداوية» أفكارها تجاه جسدها الذي لا تتخيل أنه سيعود كما كان، نصيحة صديقاتها بأهمية هدية الولادة التي «ستستحقها بجدارة مقابل تعبها». تحتار هل تذكّر زوجها بالهدية التي أعجبتها، أم أنها تترك المسألة لذاكرته. تعتبر معظم النساء هدية الولادة طريقة للتعبير عن الفرح باستقبال المولود الجديد، والشكر والمحبة للزوجة التي تحمّلت تسعة أشهر «طويلة» وصول الضيف إلى حياتهما. وتشكّل الهدية، أياً كان نوعها، مصدر فرح للسيدة تحديداً، وبخاصة إذا كان شيئاً تشتهيه أو هدية ثمينة، فمنهن من يفضلن الذهب والماس، أو حفلة للتهنئة بالمولود الجديد، أو رحلة خارج البلاد، أو خادمة لتساعد في المنزل، أو أدوات تجميل وعطور، أو باقة من الأزهار الجميلة في أسوأ الأحوال. أعز الهدايا على قلب نادية كانت عند وضعها أول أبنائها خالد، وتقول: «كان أجملَ هدية ومصدرَ سعادة للجميع، كونه الحفيد الأول في العائلة، فهلت عليّ الهدايا من الجميع. أهداني زوجي طقماً ذهبياً، ووالدتي ووالدة زوجي اهتمتا بكل شيء، وقدّمتا إلي كذلك طقمين من الذهب، لكن مع قدوم بقية أبنائي قلّ مستوى الهدايا فتحوّلت أطقم الذهب إلى قطعة واحدة، ليس لسبب إلاّ لأن الفرحة بالمولود الأول تكون مختلفة». وتستدرك: «ولكن أحمد الله أن زوجي يتذكر هذه المناسبات». أما أثمن الهدايا، فكانت لمها، التي أهداها زوجها منزلاً باسمها عند قدوم طفلتهما الأولى، ورحلةً إلى ماليزيا بعد ولادة ابنهما. وفي رأيها أن قيمة الهدية تعتمد على الزوج وإمكاناته، لأنها كانت حديث صديقاتها عندما دفع زوجها القسط الأول للمنزل، إلى درجة أن بعض أهلها خافوا عليها من «الحسد»... فلم تحصل على شيء في الولادة الثالثة. وتفخر نوف بسفرها الذي يلي كل ولادة، وهي تشتهر بين صديقاتها بحبها للسفر أكثر من أي شيء آخر، لذا تجد في رحلاتها فرصة للنقاهة والتعرف إلى أماكن جديدة، كما تؤكد أن المنفعة من هذه الهدية تعود على جميع أفراد العائلة، أما شقيقتها نورة فتفضل أن تختلف الهدية في كل مرة، وتضحك على فكرة هدية الولادة، قائلة: «كم مرة في حياتنا نتسلم هدايا ثمينة تتعلق بمناسبات مهمة، وبحجم الحدث يجب أن تكون الهدية»، وتضيف أنها تعتبر نفسها محظوظة لكن يبقى الحب والاحترام أهم من الهدايا. ولكن عدداً كبيراً من السيدات لا ينتمين إلى المحظوظات على صعيد الهدايا، على الأقل مقارنة بالسابقات، فريم مثلاً تلقت هدية عندما أنجبت ابنها الأول بعد ولادة عسيرة، لكنها لم تحظ بأي شيء بعد ذلك، وبالنسبة إليها فالهدية غير مهمة تحديداً، خصوصاً أن تكاليف الولادة في المستشفيات الخاصة ومصاريف الاستعداد لاستقبال المولود مكلفة كفاية. وتضيف: «لا داعي لإثقال كاهل الزوج بالمطالبة بهدية إلاّ إذا جاءت منه من دون طلب». وتؤكد أن «الهدية لم تكن يوماً إلزاماً في مجتمعها، كما تسمع من الأخريات، ففي أحد الاجتماعات مع جاراتها تحدثن في الموضوع، وذكرت إحداهن أنها من المستحيل أن تعود إلى بيت زوجها بعد الولادة من دون هدية، فيما قالت أخرى إنها تحدد عادة الهدية التي تريدها». وما سمعته من صديقاتها صحيح، فبعض السيدات يرفضن العودة من منزل الأهل أو المستشفى من دون هدية، ويعتبرنها ضرورة، على عكس الرجال، الذين يرى معظمهم أنها نوع من الدلع أو الوجاهة، أو أنهم لا يتذكرونها، أو لم يسمعوا بها من الأساس، كذلك منهم من تختلف هديته باختلاف المولود، ولأم الذكر عادة نصيب أكبر من الهدايا، ليس فقط من الأب، بل من جميع أفراد الأسرة، بينما يحدث العكس في كثير من الأحيان، أو عندما تحوي الأسرة عدداً كبيراً من الأطفال من جنس أكثر من الآخر، كأن تأتي طفلة بعد ثلاثة أولاد، أو العكس، وبالتالي تختلف قيمة الهدية بحسب سببها. وتؤكد مرام، كما كثير من السيدات، أنها لم تتلق أي هدية من زوجها بعد ولادة أي من أطفالهما، بل كانت تأتيها من القريبات والصديقات، وفي رأيها أن موضوع الهدية نسبي، وهو أمر شخصي بحت، لذا ترفض فكرة المباهاة بالهدية كما تفعل بعض السيدات أمام صديقاتهن. وتقول أسيل إنها كانت تخجل أن تطلب هدية من زوجها، وتنتظر أن تأتي منه، لكن صديقاتها نصحنها بالتلميح بطلب الهدية التي تريدها، وهذا ما فعلته. أما منى، فترفض التلميح، مؤكدة أن الهدية من حق الزوجة بعد تعب الحمل والولادة، لذا طلبت الهدية التي تريدها مباشرة من زوجها بعد أن تأكدت في مرة سابقة أن «التلميح ... لا يجدي نفعاً».