"المؤسسات التربوية مثل الناس كل له قدره، وقدر المؤسسات التربوية العربية ان تكون ادوات تغيير في الواقع الاجتماعي والاقتصادي والفكري والسياسي في اتجاه المستقبل، فهل ستكون اشرعة ابحار في الزمن الآتي؟ ام مراسي في مرافئ التاريخ". ذلك كان السؤال الأهم المطروح امام منتدى "المرأة والتربية" الذي عقد في دمشق برعاية السيدة اسماء الأسد عقيلة الرئيس السوري وبمشاركة الملكة رانيا العبدالله عقيلة الملك الأردني، والسيدة أندريه لحود عقيلة الرئيس اللبناني، والسيدة سوزان مبارك عقيلة الرئيس المصري، والسيدة فاطمة البشير عقيلة الرئيس السوداني، والشيخة سبيكة ال خليفة عقيلة ملك البحرين، اضافة الى وفود من 22 دولة عربية تمثل في مجملها القطاعات النسائية في العالم العربي. وعلى رغم ان الأفكار التي طرحت في المنتدى خلال ايامه الثلاثة كانت كثيرة ومتعددة الا ان المشاركين استغلوا الزخم الذي فرضه وجود سيدات من اصحاب قرار في العالم العربي لطرح اشكالية وصول المرأة الى مواقع السلطة وإشراكها في كل مستويات صنع القرار الذي لم يعد مطلباً من مطالب العدالة والديموقراطية الاساسية فحسب بل "شرطاً ضرورياً لمراعاة مصالح المرأة". وترى السيدة رندة بري رئيسة الوفد اللبناني "ان تغيب المرأة عن مواقع القرار في الكثير من الدول العربية يشكل التحدي الأبرز الذي يواجه المرأة في مجتمعاتنا"، لافتة الى ان "المرأة في لبنان تقدمت واصبحت مبدعة واكثر كفاية لكنها مع ذلك لم تحقق تطوراً ملموساً في عملية التنمية لأنها لم تحصل على موقع للقرار"، فيما رأت النائبة اللبنانية بهية الحريري ان "المرأة العربية استطاعت لم الشمل العربي عندما طرحت دورية قمة المرأة العربية وهنا يبرز دور المرأة الحقيقي من خلال طرح القضايا الملحة والمؤثرة عليها وعلى دورها في ريادة المجتمع العربي". والتأكيد على اهمية وصول المرأة الى مواقع صنع القرار لم يقتصر على الجنس الانثوي. واكد رئيس قسم الادارة والتخطيط التربوي في كلية التربية في جامعة الكويت أحمد البستان "ان وصول المرأة الى مواقع السلطة وصنع القرار لا سيما الى السلطة التشريعية لم يعد مطلباً من مطالب العدالة والديموقراطية الاساسية فحسب بل يعتبر كذلك شرطاً ضرورياً لمراعاة مصالح المرأة". ورأى ان "من العقبات التي تعيق المرأة العربية ما تحمله بعض النساء من نظرة سلبية عن نفسها وعن بنات جنسها". وأكد ان المسيرة السياسية للمرأة العربية بدأت بداية متعثرة بسبب غياب الديموقراطية مما ترك آثاراً كثيرة، لافتاً الى ان مشاركة المرأة في الحياة العامة محدودة في معظم الدول العربية. فمشاركتها في المؤسسات التشريعية تشكل 40 في المئة فقط بينما النسبة تصل في الدول النامية الى 10 في المئة، وتعكس مشاركة المرأة في مواقع اتخاذ القرار شكل نظام الحكم في هذا البلد او ذاك. ولفت الى ان تدني نسبة مشاركة المرأة في البرلمان "ظاهرة ملموسة في الدول العربية، فحتى عام 1991 كان عدد البلدان التي فيها برلمانيات 6 دول فقط. وبلغت نسبة مشاركة المرأة فيها ما يعادل 3.7 في المئة وهي من أدنى النسب العالمية، وقد طرأ تطور خلال السنوات الأخيرة اذ ارتفع عدد الدول الى 15 غير ان النسبة ما زالت متدنية". ويشار الى ان عدد النساء العاملات في السلك الديبلوماسي في سورية يبلغ 27 امرأة من اصل 283 أي ما يقارب نسبة 10في المئة تقريباً وفي العراق تشكل الإناث 15 في المئة من مجموع العاملين في الوظائف الديبلوماسية وفي فلسطين يوجد عدد من السفيرات يدرن العمل الديبلوماسي حالياً، وفي الكويت توجد سفيرات في السلك الديبلوماسي، وفي لبنان تبلغ نسبتهن 10 في المئة. واكتسب المنتدى اهميته اضافة الى الحضور النخبوي، من تزامنه مع احتفالية "يوم المرأة العالمي" وناقش محاور عدة: المرأة والتربية والتحديات التنموية، المرأة والتنشئة الاجتماعية والثقافية، والمرأة والتعليم مدى الحياة، اضافة الى طاولة مستديرة شارك فيها خمسون باحثاً وباحثة متخصصين بالتربية والثقافة. وأكد البيان الختامي الذي اطلق عليه اسم "اعلان دمشق" على "ضرورة العمل الحثيث لمحو امية النساء والقضاء على عوامل الهدر التربوي في الوطن العربي اذ ان عدد الأميين في البلاد العربية لا يزال في ازدياد. وتدخل هذه البلدان القرن الحادي والعشرين مثقلة بنحو 60 مليون بالغ امي معظمهم من النساء. وشدد على "دعم انتفاضة شعب فلسطين وصمود اهلنا في الجولان المحتل وعلى مساندة الشعب العراقي والوقوف الى جانبه في الحفاظ على استقلاله ووحدة اراضيه وشعبه". ودعا البيان الى "تمكين المرأة العربية من الاضطلاع بأدوارها في المجتمع وازالة المعوقات التي تحول دون قيامها بهذه الادوار بكل فاعلية وصولاً بها الى مواقع صنع القرار، وتنقية المناهج التربوية والبرامج الاعلامية من الموروثات الاجتماعية التي تصور المرأة في مرتبة اقل من الرجل وتسند اليها الاوراق النمطية السلبية". وأكدت راعية المنتدى اسماء الاسد على "ان العمل الحقيقي سيبدأ بعد الانتهاء من هذا المنتدى لأنه بداية لتنفيذ التوصيات ولتنفيذ الاجراءات اللازمة حفاظاً على صورة الاجيال الآتية وعلى الهوية الثقافية والحضارية التي نعتز بها في سورية والوطن العربي". وأعلن خلال ايام المنتدى عن تأسيس "منظمة المرأة العربية" تحت مظلة جامعة الدول العربية، واكدت السيدة سوزان مبارك ان الهدف الاساسي لهذه المنظمة الوليدة "تجسيد الفكر والارادة العربية والجهد العربي المشترك من اجل خلق تلاحم وتفاعل وتواصل بين الحركة النسائية على اتساع الوطن العربي لخدمة قضايا المرأة". وطرح لبنان على اللجنة المنظمة العربية امكان استضافة المنتدى المقبل في بيروت تحت عنوان "منتدى المرأة والعولمة وتحديات العصر" ولقي الموضوع توافقاً عاماً وستدرسه اللجنة في عمان.