على خلفية الانفراج في العلاقة بين اسبانيا والمغرب، يسود اعتقاد لدى أوساط ديبلوماسية في الرباط بأن الوضع نفسه ينسحب على العلاقة بين فرنساوالجزائر، خصوصاً في ضوء الزيارة التي سيقوم بها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لباريس اليوم. وقال ديبلوماسي مغاربي ل"الحياة" امس ان المحور الذي كان بدأ بين الجزائر ومدريد على خلفية الأزمة المغربية - الاسبانية، في مقابل محور الرباط - باريس، في طريقه الى التبدد. لكنه رهن ذلك بنجاح مساعي الرئيس جاك شيراك في تأمين عقد قمة تجمع العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الجزائري على هامش القمة الفرنسية - الافريقية المقررة في التاسع عشر من الشهر الجاري في فرنسا. يذكر ان الجزائر التي لم تكن عضواً فاعلاً في القمة الفرنسية - الافريقية التحقت بهذه المنظمة لدعم حضورها في القارة الافريقية، وعززت ذلك بالانضمام الى القمة الفرنكفونية التي استضافها لبنان العام الماضي. وعزت مصادر ديبلوماسية زخم التحركات في منطقة الشمال الافريقي الى تزايد المخاوف الأوروبية من احتمالات تكريس هيمنة أميركية في المنطقة بارتباط مع أنواع المنافسة القائمة في أوروبا وأميركا في المناطق التقليدية للنفوذ الأوروبي. وكما أن باريس لا تنظر بارتياح الى تطورات الأوضاع في ساحل العاج، فإن الجزائر بدورها تسعى الى الافادة من علاقات متميزة مع واشنطن في سياق ما تصفه ب"حربها ضد الارهاب". والحال ان الشريك الفرنسي يخشى أن يتم هذا التقارب على حساب النفوذ الفرنسي، في ضوء اقتراح واشنطن خطة شراكة على كل من المغرب والجزائر وتونس. وكان لافتاً أن مصادر في الاتحاد الأوروبي أبدت بعض التململ إزاء الجهود المبذولة لاقامة منطقة للتبادل التجاري الحر بين المغرب والولايات المتحدة، مما يفسر أن التحركات الأوروبية قد تكون دفعت الى قيام تفاهم فرنسي - اسباني في شأن الأولويات الاستراتيجية المرتبطة بمصالح الاتحاد الأوروبي في الدرجة الأولى. وهذا يعني ان الخلاف الذي كان قائما بين باريس ومدريد في شأن التعاطي مع نزاع الصحراء الغربية يمكن أن يجد صيغة للتفاهم، على أن يكون دعم جهود الوسيط الدولي جيمس بيكر في التسوية السياسية على حساب المصالح الاسبانية. وأبدت الرباط في هذا الاتجاه مرونة في الانفتاح على جارتها الشمالية اسبانيا. اذ مهدت للانفراج الحاصل بالسماح لبواخر اسبانية بالصيد في السواحل المغربية. وعلى الطرف الآخر أبدت الجزائر مزيداً من الحرص على بناء علاقات ثقة جديدة مع باريس تكرسها زيارة الرئيس جاك شيراك المرتقبة الى الجزائر الشهر المقبل. لكن مراقبين يرون في هذه التطورات مؤشرات مشجعة، وان كان المضي قدماً في طريقها يحتاج الى تفاهم مغربي - جزائري يضع حداً لانفلات المواقف، ولعله لهذا السبب قد يكون وزير الخارجية الجزائري عبدالعزيز بلخادم اختار زيارة المغرب اليوم، اي في الوقت ذاته الذي تنعقد فيه القمة الفرنسية - الجزائرية، للدلالة على الامكانات المتاحة أمام تنسيق الرؤية، في حين ان اختيار مجلس الأمن التمديد لولاية البعثة الدولية في الصحراء "مينورسو" شهرين لتمكين الأطراف المعنية من درس الاقتراحات الوفاقية للوسيط بيكر يوفر متنفساً جديداً أمام دول المنطقة، في انتظار تداعيات أزمة العراق التي ينظر اليها كمؤشر ازاء مسار تطورات لا تستثني منطقة الشمال الافريقي لاحقاً، ضمن الترتيبات الأميركية.