هيمنت أحداث العنف في الأراضي الفلسطينية على المحادثات التي اجراها الرئيس الفرنسي جاك شيراك والعاهل المغربي الملك محمد السادس في ختام جولة مغاربية قادته الى تونسوالجزائر. ووصفت مصادر رسمية في الرباط نتائج المحادثات بأنها اتسمت بتطابق وجهات النظر في قضايا عدة، أبرزها الدعوة الى وقف العنف والعودة الى مفاوضات السلام وادانة تعرض الأبرياء الى القتل، اضافة الى التقليل من المخاوف حيال تعرض بلدان أو تنظيمات عربية الى ضربات عسكرية في نطاق التحالف ضد الارهاب. وشدد الملك محمد السادس في غضون ذلك على حماية المهاجرين المتحدرين من أصول مغاربية واسلامية جراء الحملات العدائية ضدهم في بلدان أوروبية منذ الهجمات على نيويوركوواشنطن. فيما أعلن الرئيس الفرنسي عن اللجوء الى تنفيذ اجراءات أمنية وقضائية وقائية لتضييق الخناق على الحركات المتطرفة ذات الميول الارهابية، وأعرب في مؤتمر صحافي عن أمله في أن ينال المهاجرون المتورطون الذين اعتقلوا في فرنسا وعواصم أوروبية أخرى اقصى درجات العقاب. وأوضحت المصادر ان المحادثات عرضت كذلك الى تطورات الأوضاع في منطقة الشمال الافريقي، وقضية الصحراء الغربية التي وصفها الرئيس شيراك للمرة الأولى بأنها "محافظات تقع جنوب المغرب" في اشارة الى دعم بلاده اقتراحات الحل السياسي الذي يرعاه الوسيط جيمس بيكر وتعتبر باريس طرفاً في الاشراف على تنفيذه الى جانب واشنطن. لكن المصادر ذاتها استبعدت ان يكون الرئيس شيراك عرض أي وساطة لتحسين العلاقات مع الجزائر، بيد أنه ركز في جولته على ضرورة تفعيل المسار المغاربي ليكون محاوراً مفضلاً لدى بلدان الاتحاد الأوروبي. ورأى ان الخلاف القائم بين المغرب واسبانيا نتاج سوء تفاهم وليس أزمة، ما يشير الى امكان احتوائه أوروبياً، بخاصة قبل اسناد رئاسة الاتحاد الأوروبي الى اسبانيا مطلع السنة المقبلة. ومن المقرر ان يعود الرئيس الفرنسي الى المغرب منتصف الشهر الجاري في زيارة خاصة. وكان الرئيس الفرنسي قال في مؤتمر صحافي عقده في ختام زيارته القصيرة للجزائر، مساء السبت، أن ملفات شبكات الدعم للجماعات الإسلامية المسلحة وقضايا تسليم المتهمين ستُحسم خلال اجتماع المجلس الأوروبي في مدينة دانكر فرنسا حيث يُتوقع بت موضوع مذكرة التوقيف الموحدة التي تسري في دول الاتحاد الأوروبي كلها 15 دولة. وقال ان التعاون مع الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب "سيتدعم على صعد عدة، خصوصاً في مجال الاستخبارات وأشكال التعاون في هذا المجال". ولفت إلى أن الحرب في أفغانستان ستشمل "تجنيد كل الوسائل اللازمة لمكافحة الإرهاب بما في ذلك الشرطة، الاستخبارات والوسائل المادية". وزار شيراك السبت حي باب الواد الشعبي الذي كان يُعتبر معقلاً للحركة الإسلامية ومنطقة رئيسية من مناطق تمركز "الأقدام السوداء" خلال حقبة الاستعمار. وقال خلال جولته، وهي الأولى لزعيم أجنبي في هذه المنطقة، أنه "متأثر للاستقبال الخاص الذي حظيت به في حي باب الواد، الحي الغالي على الجزائريين والفرنسيين على حد سواء". وكان يلمح بذلك إلى الصلة التاريخية بين هذا الحي و"الأقدام السوداء" من المستعمرين السابقين خلال الاحتلال الفرنسي. وشكر الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي أتاح له هذه الفرصة، مُذكّراً باستعداد حكومته للمساهمة في إعادة إعمار هذا الحي المنكوب بعد السيول الأخيرة في مشاريع طويلة ومتوسطة الأمد وتشمل قرضاً بقيمة 25 مليون يورو، فضلاً عن هبة تتمثل في عتاد طبي لإعادة تجهيز عيادة مصطفى غرافة ومستشفى "مايو" الجامعي، وكذلك تحديث شبكات توزيع المياه الصالحة للشرب. الى ذلك، قال الرئيس الفرنسي أنه يتقاسم الشعور نفسه مع الرئيس الجزائري إزاء الوضع في أفغانستان. وقال: "نحن متفقون على ضرورة إقرار إتفاق سياسي لدعم جهود الديبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي وتقديم مساعدة دولية عاجلة وإقامة حكومة انتقالية موقتة وإرساء مخطط لإعادة اعمار أفغانستان الذي دمرته طالبان تدميراً كلياً". وعن موقف الجزائر من ظاهرة الإرهاب، قال شيراك أن موقف الجزائر من تنظيم "القاعدة" وأسامة بن لادن واضح و"لا شك فيه". وأكد أن لا وجود لأي مشكلة مع الجالية الجزائرية في فرنسا، مشيراً الى الفرق بين الإسلام والإرهاب.