ختتم "مهرجان مسقط 2003" فاعلياته في أجواء من الفرح البهيج الذي اشتعل في سماء مسقطمرات ومرات في ليلة ختامية كانت ألوان الألعاب النارية التعبير المناسب فيها لإسدال الستار على عرس توافد الى مأدبته اكثر من مليون ونصف مليون زائر، منهم نصف مليون جاؤوا من خارج عمان. واكد الحجم الكبير للزوار صحة رهان الحكومة العمانية التي عملت على استخدام المهرجان كأداة ترويج دولية للمعالم السياحية للبلاد. وفي بلد تعداده مليونا نسمة فإن زيارة المهرجان اكثر من مرة ضرورة حتمها التنوع الذي جاءت عليه فعليات المهرجان، وبما أوجده من خطاب ترفيهي وثقافي وفني، توج في حفل الختام بأمسية فنية تلت حفل تكريم المؤسسات الراعية والداعمة لإقامة الحدث السنوي. وقدم في الحفل الفني أوبريت عن السلطنة بصوت الاماراتيين عبدالله بالخير وعادل الخميس والعماني سالم العريمي والمغربية حياة، ومن ثم شهد اكثر من سبعة آلاف شخص، امتلأ بهم مدرج المسرح العائم في حديقة القرم الطبيعية، الحفل الفني الساهر بمشاركة خمسة من نجوم الفن العربي. وعلى رغم الاعتذارات التي فاجأت الشركة الراعية للحفلات الفنية إلا ان البدلاء عوضوا غياب عبدالله الرويشد ومحمد عبده ومصطفى قمر، فكان على المسرح العائم عمرو دياب وايهاب توفيق ونبيل شعيل ونجوم آخرون اضافة الى مسرحية كويتية من بطولة عبدالحسين عبدالرضا، وفي كل مرة كان المسرح يضج بكثرة القادمين والحشد الكبير. وكان المهرجان استمر 40 يوماً في المسافة الواصلة بين عيدي الفطر والأضحى المباركين، وعززت اجواء مسقط الدافئة وعطلة المدارس حيوية التدافع المتواصل لحضور فعاليات المهرجان المقامة في أكثر من مكان. وحظيت حديقة القرم الطبيعية بزيارة عشرات الآلاف يومياً ممن توافدوا على القرية التراثية، وعلى مقربة منها كانت قرى اخرى تمثل نمط الحياة البدوية والريفية تعرض للزوار تفاصيل الحياة القديمة المتمثلة في المناسبات الدينية والاجتماعية. وقال رئيس بلدية مسقط المهندس عبدالله بن عباس ل"الحياة" ان نجاح المهرجان جاء بفعل عوامل كثيرة، منها ان الجميع أحس بأهمية هذا الحدث، وان الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص تكاتفت لدعم هذا المهرجان، اضافة الى التنوع الذي تميز به. واشار الى الفعاليات الثقافية التي استمرت اسبوعين واستقطبت اسماء عدد من المفكرين البارزين على مستوى الوطن العربي، اضافة الى عشرات الشعراء الذين شاركوا من السلطنة وخارجها، وندوة القصة القصيرة التي حاضرت فيها مجموعة من النقاد. واضاف ان مهرجان مسقط السينمائي شكل جزءاً من منظومة نجاح المهرجان، اذ استقطب هذا الحدث الفني مجموعة من الأسماء البارزة في عالم الفن السابع، سيما وان لجنة التحكيم هذا العام رأسها الفنان الكبير حسين فهمي، كما حضر الى مسقط أكثر من أربعين شخصية فنية كان لحضورها بصمة في تعزيز ودعم الحكومة للمهرجان. وحول وجود اكثر من مهرجان اقليمي في الفترة نفسها اكد رئيس بلدية مسقط ان "نجاح أي مهرجان عربي هو نجاح للجميع، ولا يمكن عزل البلدان عن بعضها البعض في مثل هذه الاحتفالات". واضاف: "اهتمامنا ولا شك في السلطنة انصب على جوانب نستطيع بواسطتها كسب الزائر بما نقدمه من مفردات محلية خاصة. ونظرتنا لم يكن اساسها ان المهرجان مهرجان تسويقي، بل هو احتفالية وطنية تحقق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية وتعمل على تحريك ايقاع الحياة". وتابع يقول: "الرجل الذي يأتي برفقة اسرته اكثر من مرة والرحلات الشبابية التي تفد الى المهرجان بالحافلات كلها تؤكد على ان الأهداف الاجتماعية تحققت". مشيراً الى ان المهرجان أمن اكثر من ألفي فرصة عمل للشباب تعلموا خلالها بعضاً من أساليب مواجهة الجمهور. وأضاف: "نحن لا ندعي الكمال، ولكننا اجتهدنا لتقديم مهرجان ناجح. وكنا نناقش السلبيات أولاً بأول للخروج من أي نواقص تؤثر على حركة الزوار". الفنادق ومثلما حرك المهرجان أوجه الحياة على الأرض فإن الفنادق قدمت تسهيلات جذابة ما رفع نسبة الإشغال الى مستويات تقترب من تسعين في المئة. وكان التركيز منصباً على الشقق الفندقية التي أمنت إقامة مريحة للعائلات القادمة من دول مجلس التعاون. وعلى رغم ان اكثر من ثلثي زوار المهرجان قدموا من داخل عمان فإن الحركة الاقتصادية في محافظة مسقط سجلت معدلات مرتفعة، خصوصاً في المطاعم والمجمعات التجارية. وعملت البلدية المنظمة على توفير عشرات المقاهي داخل الحديقة لتوفير اقامة أطول للزوار للتجول في أرجائها الممتدة، وكذلك الأمر في ميدان الخوير الذي شهد اقامة مدينة ألعاب ومعرض تجاري كبير تضمن أجنحة لدول عربية وآسيوية وأوروبية، ولقي اقبالاً كبيراً بسبب توقيت اقامته قبل عيد الأضحى المبارك.