مهرجان مسقط 2003 الذي انطلقت فاعلياته في 14 كانون الثاني يناير الجاري تحت شعار "نعم الى عمان"، مبادرة اقتصادية وسياحية وترفيهية نظمتها بلدية مسقط ليس من باب "الترف الاجتماعي" كما قال رئيس البلدية واللجنة المنظمة عبدالله بن عباس احمد، وانما هو محاولة جدية لتسويق البلد سياحياً على المستويين المحلي والاقليمي. ويستمر المهرجان حتى منتصف شباط فبراير الجاري، ليتزامن مع العطلة الفصلية للمدارس والجامعات، وللاستفادة من الطقس المعتدل الذي تنعم به السلطنة في هذه الفترة من السنة. وبلغ عدد الزائرين حتى الاسبوع الاول من انطلاق المهرجان نحو 350 الف زائر، ثلثهم من خارج عمان، بحسب احصاءات رسمية اولية. وقال بن عباس ان المنظمين يتوقعون توافد 800 الف زائر على الاقل. وتتوزع نشاطات المهرجان على مواقع عدة، أبرزها حديقة القرم الطبيعية وحديقة النسيم العامة والخوير وشاطئ العذيبة. ولعل اكثر ما جذب الانتباه في حديقة القرم "القرية التراثية" التي امتدت على مساحة واسعة لتنقل زائرها الى زمن غابر نسيه العمانيون وسواهم بفعل وتيرة الحياة السريعة. فهنا صانع النسيج يغزل خيوطاً ملونة ليصنع منها بساطاً او خرجاً للجمال، وهناك فاخوري ينهمك في تجفيف أوانٍ ما عادت تنفع لاكثر من هدية تذكارية. وفي الجهة المقابلة اصطف معدو الاطايب العمانية التقليدية من خبز اساسه الذرة، وهريس ولقيمات ومشاكيك وحلوى. وفي المقابل ركن للحناء ازدحمت امامه الشابات، وخصوصاً الاجنبيات، ليتزيّن بوشم محلي يحملنه معهن الى بلادهن. ومن ضمن فاعليات حديقة القرم ايضاً "الغابة الماطرة" التي يشعر من يدخلها انه وسط ادغال استوائية. فالاشجار ضخمة والمطر غزير والحيوانات من قرود وأسود ونمور تغزو المكان. ويتخلل الغابة نهر تشتد سرعته احياناً وتتدافع فيه القوارب الصغيرة التي امتلأت بالزوار. ومن المواقع التي شهدت اقبالاً واسعاً في المهرجان "المعرض الدولي للتسوق والفنون الشعبية" في الخوير. ويضم هذا المعرض 25 دولة، وتعرض فيه حوالى 300 شركة منتجاتها، وسط "ديكور" محلي. ففي الركن اللبناني مثلاً تستقبلك اعمده بعلبك والارزة وفرقة الدبكة، في حين يلفك اللون الاحمر الناري في الركن الصيني، ويفاجئك تنين ذهبي ضخم في الزاوية اليابانية. وفي حديقة النسيم تركزت النشاطات على الطفل. فلاعبت الشخصيات الكرتونية الاطفال، وانشئت المسارح التي عرضت على بعضها مسرحيات محلية وأخرى عالمية، في حين استضافت مسارح اخرى برامج يومية للاطفال مثل ال"كاراوكي" والمسابقات الشعرية. ولا تقتصر نشاطات المهرجان على الترفيه والتسلية بل تشتمل ايضاً على جانب ثقافي يحاكي المثقفين وذواقة الشعر والادب. فنظم نادي الصحافة امسيات وندوات استضاف خلالها شعراء ومفكرين عمانيين وعرباً. كما جرت بعض القراءات النقدية التي تداولت في اهتمامات المفكرين المعاصرين، وأفسحت المجال امام التجارب الشعرية الشبابية. وخصص شاطئ العذيبة لمحبي ممارسة الرياضات المائية حيث نظمت مسابقات الزوارق والقوارب والدراجات بالاشرعة والقفز بالمظلات. وقدم نادي الغوص فرصة للمحترفين والهواة للغوص في خليج عمان برفقة مدربين متخصصين. وبهدف استقطاب السياح الاجانب، سهلت السلطات الامنية العمانية المختصة قدوم الزائرين اعتباراً من اول كانون الثاني وحتى انتهاء فترة المهرجان وأبرزها تسهيل منح تأشيرات الدخول، وتمديدها قبل انتهاء مدتها لأسبوع كامل، وتمديد فترة السماح الممنوحة لتأشيرة العبور لتكون مدتها سبعة ايام بدلاً من 72 ساعة وعدم اشتراط وجود محطة ثالثة بالنسبة الى تأشيرات العبور. اضافة الى ذلك، تم تشجيع رجال الاعمال والتجار الاجانب والافواج السياحية الكبيرة عبر تسهيل معاملات دخولهم وتقديم عروض اسعار خاصة بهم. ويهدف ذلك كله الى انعاش الحركة التجارية وتنشيط القطاع السياحي الذي لا يقتصر على مواقع المهرجان وفترة اقامته، لأن طبيعة الجبال العمانية تسمح بممارسة عدد وافر من النشاطات كالتسلق والتخييم، اضافة الى النشاطات البحرية المتنوعة، وزيارة المواقع الاثرية من حصون وقلاع.