يستمر العراق في تأكيد تعاونه الكامل مع مفتشي الاممالمتحدة رافضاً اتهام واشنطن له بالازدواجية، وتعتزم الولاياتالمتحدة ان تقترح الاسبوع المقبل على الاممالمتحدة قراراً يسمح لها بشن هجوم على نظام الرئيس صدام حسين، فيما يعد هانس بليكس كبير المفتشين قائمة تتضمن 30 سؤالاً تتعلق بالاسلحة. ودعت بغداد مجلس الامن الى ادانة التعبئة العسكرية الاميركية في الخليج، معتبرة انها تشكل "عدواناً صريحاً" على العراق ودول المنطقة. وفيما يتوقع ديبلوماسيون في نيويوركوبغداد ان يوافق العراق على تدمير صواريخه من طراز "الصمود 2" لإثبات استعداده للتعاون، وصفت الحكومة العراقية تعاطيها مع قضية الصواريخ بأنها "مسألة فنية لا سياسية". ورفض وزير الخارجية العراقي، في رسالة الى الاممالمتحدة "الأدلة" التي عرضها وزير الخارجية الاميركي كولن باول اخيراً عندما حاول اثبات ان النظام العراقي يخفي اسلحة دمار شامل. يعتزم هانس بليكس كبير مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة تقديم قائمة تتضمن نحو 30 سؤالاً لم تتم الاجابة عنها بخصوص نزع الاسلحة العراقية الى مكتبه الاستشاري بعد غد الاثنين، فيما يرغب بعض الدول في جعل هذه القائمة انذاراً اخيراً للعراق. واشار ديبلوماسيون الى ان هذه القائمة تأتي في اطار الاعداد لتقرير يقدمه بليكس لمجلس الامن في ال28 من الشهر الجاري او في الثالث من الشهر المقبل، يليه عرض شفهي تحدد موعده موقتاً في السابع من الشهر المقبل. وأعدت لجنة المراقبة والتفتيش والتحقق التي يرأسها بليكس الاسئلة التي تقع في حوالي 300 صفحة. ويتوقع تقديم نسخة موجزة منها الى المجموعة الاستشارية للجنة التي تضم خبراء فنيين ومسؤولين يجتمعون في الاممالمتحدة الاثنين والثلثاء المقبلين. واقترح اعضاء في مجلس الامن، مثل المانيا، استخدام الاسئلة انذاراً اخيراً للعراق في محاولة لحل الخلافات بين خطط اميركية للمضي قدماً في الحرب واولئك الذين يطالبون باستمرار عمليات التفتيش الى اجل غير مسمى. ولا تفوت العراق اي مناسبة للتشديد على استعداده التام للتعاون مع المفتشين الدوليين عن الاسلحة الذين استأنفوا مهماتهم في نهاية تشرين الثاني نوفمبر 2002. واعلنت وزارة الخارجية العراقية مساء الخميس قيام طائرة تجسس اميركية "يو-2" تابعة للامم المتحدة بعملية تحليق جديدة لاكثر من ست ساعات فوق العراق. وهي المهمة الثانية التي تقوم بها هذه الطائرة منذ عودة المفتشين الى العراق. واعتبر استئناف هذه الطائرات تحليقها في الاجواء العراقية في ال 17 من الشهر الجاري مبادرة من بغداد بعدما عارضت الامر بحزم من قبل. وفي الوقت نفسه، واصل خبراء الاممالمتحدة ترقيم صواريخ "الصمود 2" المحظورة في انتظار صدور قرار في شأن تدميرها. ويؤكد العراقيون انهم انتجوا مئة من هذه الصواريخ التي يتجاوز مداها، استناداً الى الاممالمتحدة، ال150 كلم المسموح به بموجب الاتفاقات الموقعة في نهاية حرب الخليج 1991. ويتوقع الديبلوماسيون في نيويوركوبغداد ان يوافق العراق على تدمير هذه الصواريخ لإثبات استعداده للتعاون، على رغم تأكيده انها لا تخالف المدى المسموح به. وقال سعيد الموسوي، احد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية العراقية، أمس ان العراق سيتعامل مع اي طلب يقدمه كبير مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة هانس بليكس بخصوص تدمير صواريخ "الصمود 2" بوصفه "مسألة فنية لا سياسية". وقال الموسوي في كوالالمبور على هامش اجتماع لحركة عدم الانحياز: "هذه مسألة بين العراقوالاممالمتحدة. وبليكس لم يطرحها الى الآن على الجانب العراقي". وقال ديبلوماسيون ومصادر الاممالمتحدة في نيويورك الاربعاء الماضي ان بليكس قرر مطالبة العراق بتدمير صواريخ "الصمود 2" التي في حوزته لكنه لم يقرر بعد ما اذا كان من الضروري ايضا تفكيك المحركات التي تدفعها. ويتوقع ان يوجه بليكس خطاباً للمسؤولين العراقيين بعد فترة قصيرة من انتهاء المفتشين من حصر مواقع تجميع الصواريخ وقاذفاتها ومكوناتها الاخرى في بغداد. ويتوقع الديبلوماسيون في نيويوركوبغداد ان يوافق العراق على تدمير هذه الصواريخ لاثبات استعداده للتعاون، على رغم تأكيده انها لا تخالف المدى المسموح به. وكان الناطق باسم المفتشين الدوليين في العراق هيرو يواكي أعلن ان المفتشين سرعوا اول من أمس الجهود من اجل اكمال عملية تحديد الصواريخ العراقية "الصمود-2". وقال في بيان ان خمسة فرق من الخبراء زاروا خمسة مواقع مختلفة في مصانع ومراكز ابحاث في منطقة بغداد. واضاف ان "فريقا وضع علامات على رؤوس وصواريخ جديدة من الصمود-2 في قطاع بغداد" في اشارة الى تحديد كل صاروخ من هذا النوع. ولم يوضح مكان هذه المواقع ولكن قد تكون العملية استهدفت الصواريخ التي تسلمها الجيش العراقي. اما زيارات التفتيش الاخرى فشملت مواقع كان الخبراء قد زاروها وخصوصاً مصنع ابن الهيثم شمال غربي بغداد الذي يعمل على تطوير الصواريخ المسموح بها في اطار قرار مجلس الامن رقم 687 الذي انهى حرب الخليج الثانية 1991. بغداد تدحض "الأدلة" الاميركية ودحض العراق في رسالة سلمت أول من أمس الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان "الادلة" التي اعلن عنها وزير الخارجية الاميركي كولن باول في الخامس من الشهر الجاري امام مجلس الامن بأنه يخفي اسلحة دمار شامل. وأوضح سفير العراق لدى الاممالمتحدة محمد الدوري الذي سلم الرسالة ان النفي العراقي يتعلق بمجمل "الادلة" التي عرضها باول، لكنه اشار الى ان النفي يدحض خصوصاً التأكيدات التي مفادها ان بغداد تقيم علاقات مع تنظيم "القاعدة" وتدعم المقاتلين الاسلاميين في شمال العراق الذي يسيطر عليه الاكراد. وكان باول اكد امام مجلس الامن ان بغداد لم تتخل عن اسلحة الدمار الشامل وهي تكثف الجهود من اجل "خداع" خبراء الاممالمتحدة وتقيم علاقات مع تنظيم "القاعدة". وعرض باول في حينه صوراً وتسجيلات صوتية. في المقابل، طالب المفتشون الدوليون بمزيد من التعاون من قبل العراقيين في مجال استجواب العلماء، وهي الوسيلة الوحيدة بنظر الاممالمتحدة للتحقق من تدمير الاسلحة الكيماوية والبيولوجية. وكتبت صحيفة الثورة الناطقة بلسان حزب البعث ان "الارادة الدولية الواضحة والقوية وتعاون العراق الجاد والمخلص يضعا الكرة اليوم في ملعب الاممالمتحدة التي عليها ان تحترم الشرعة والقانون ووقف مسلسل الشر الاميركي الذي يجر العالم الى كارثة كبيرة". ويأتي هذا التحذير في وقت تكثر التكهنات والافتراضات في شأن مضمون مشروع قرار تعتزم الولاياتالمتحدة وبريطانيا رفعه الاسبوع المقبل الى مجلس الامن. ويرجح بعضهم ان يفرض هذا القرار على العراق جدولاً زمنياً محدداً ودقيقاً لتقديم الاجوبة على اسئلة لا تزال عالقة منذ 1998، ولا سيما في ما يتعلق بالاسلحة الكيماوية والبيولوجية. بغداد تعتبر الحشد الأميركي عدواناً صريحاً على الأمن الدولي ودعت صحيفة "الثورة" العراقية الناطقة باسم حزب البعث مجلس الامن الى اعتبار التعبئة العسكرية الاميركية في منطقة الخليج "عدواناً صريحاًَ" على الامن الدولي. وطالبت في افتتاحيتها المجلس ب "الانتقال الى مرحلة وقف التهديدات الاميركية المستمرة ضد العراق واعتبار الوجود الاميركي العسكري الراهن في المنطقة عدوانا صريحا على الامن الدولي وامن دول المنطقة". ورأت ان "المجلس يخوض صراعاً داخلياً علنياً بين اكثرية تريد ان يؤدي دوره في نشر وتعزيز الامن والسلم الدوليين واقلية تقودها الولاياتالمتحدة تواصل الضغط والابتزاز ليتخلى عن هذا الدور، ويكون مجرد غطاء لمنطق العدوان ونزعة الهيمنة". ودعت الصحيفة مجلس الامن الى "الاعلان الواضح عن لاشرعية السلوك الاميركي العدواني" واتخاذ "موقف اكثر شجاعة وجرأة في اعتبار التهديدات الاميركية ضد العراق عملا عدوانياً صريحاً ومباشراً، والضغط باتجاه وقف مسلسل الشر الاميركي الذي يجر العالم الى كارثة كبرى وحقيقية". على صعيد آخر، افادت مصادر دولية موثوقة في بغداد أمس ان اكثر من نصف الموظفين الاجانب في الاممالمتحدة العاملين في العراق غادروا أخيراً هذا البلد وتلقوا تعليمات بالعودة متى استقر الوضع. وصرح مسؤولون دوليون طلبوا عدم كشف هويتهم انه لم يبق سوى حوالي 460 شخصاً من اصل العاملين في مختلف وكالات الاممالمتحدة المقدر عددهم بحوالي الف شخص، باستثناء خبراء نزع الاسلحة. واوضح احدهم "لقد استفادوا من العطلة في شباط/فبراير للذهاب وطلب منهم الانتظار للعودة".