أوصى مجلس الامن القومي التركي الحكومة التركية بالحصول على موافقة البرلمان في الوقت المناسب لتفعيل المادة 92 من الدستور، الخاصة بالسماح لقوات اجنبية بالانتشار على الاراضي التركية او السماح للجيش التركي بخوض حرب خارج البلد، استعداداً لمواجهة السيناريو الأسوأ في رأي المسؤولين الاتراك، والمتمثل باندلاع حرب على العراق. لكن المجلس حرص على عدم ذكر مطالبة واشنطن باستخدام القواعد التركية او الاراضي التركية للهجوم على العراق، وقدم توصيته في اطار الحفاظ على المصالح التركية في المنطقة، وربطها بتوافر الشرعية الدولية لأي عمل عسكري ضد العراق. ولم ترض هذه التوصية طموح واشنطن التي تستعجل رداً تركياً واضحاً على مطالبها، اذ نقلت قناة "ان تي في" عن مسؤول اميركي رفض ذكر اسمه ان التوصية لا تستجيب تلك المطالب. وقال انه يعلم "ان تركيا دولة ديموقراطية، وآلية اتخاذ القرار فيها تتطلّب وقتاً والعودة الى البرلمان"، لكنه اشار الى قلقه من احتمال اتّباع انقرة سياسة مماطلة وتسويف تجاه المطالب الاميركية. وذكر نائب رئيس الوزراء التركي ارطغرل يالتشن بايار ان حكومته لن تستعجل طرح الامر على البرلمان، وقد تتناول توصية مجلس الامن القومي في اجتماعها بعد اجازة عيد الاضحى، اي في النصف الثاني من الشهر الجاري، لدرس الموضوع قبل احالته على البرلمان لبته. وتتوافق هذه الآلية مع الموقف التركي الذي يشدد على ضرورة اصدار قرار جديد من مجلس الامن في شأن العراق قبل ان تحدد انقرة والبرلمان موقفهما من المطالب الاميركية. وجاء في بيان مجلس الامن القومي التركي ان انقرة لا تزال ترى ان هناك متسعاً من الوقت لحل المسألة العراقية سلماً. وشدد على ان حرباً على العراق ستضرّ مصالح دول المنطقة، ووجه رسالة قوية الى بغداد لابداء "تعاون اكبر مع المفتشين، من اجل اقناع المجتمع الدولي بخلوّ العراق من اسلحة الدمار الشامل". واكد البيان ان تركيا ستتخذ الاستعدادات العسكرية اللازمة لحماية مصالحها في المنطقة. وألغى الجيش التركي اجازات العيد لجنوده وضباطه وأمر باتخاذ الاستعدادات اللازمة لمواجهة اي ظروف طارئة على الحدود العراقية. واعتبرت اوساط سياسية توصية مجلس الامن القومي انتصاراً لسياسة الحكومة وموقف الرئيس احمد نجدت سيزر اللذين يصرّان على عدم التسرّع في الموافقة على طلب واشنطن اعلان الحرب على العراق، خصوصاً ان الحكومة تواجه ضغوطاً من صنفوق النقد الدولي ووسائل الاعلام المحلية، ومؤسسات المال التركية ذات المصالح المشتركة مع اميركا، من اجل دفع البرلمان الى الموافقة على خوض الحرب الى جانب الجيش الاميركي. ويلقى هذا التوجه دعماً من المؤسسة العسكرية التي تصرّ على دخول شمال العراق، في حال اندلعت الحرب.