كشفت اوساط سياسية واعلامية تركية حضرت اجتماعاً مغلقاً مع رئيس الوزراء التركي عبدالله غل عقد مساء الجمعة وتناول فيه موقف تركيا من المطالب الاميركية العسكرية الخاصة باستخدام الاراضي والقواعد والموانئ التركية في الحرب المحتملة على العراق، ان قيادات الدولة التركية اتفقت في ما بينها عسكراً وسياسيين على اطار ما يمكن ان تقدمه تركيا من دعم عسكري للهجوم الاميركي المحتمل. ويتضمن هذا الدعم السماح باستخدام قاعدتين جويتين من اصل تسع طلبت واشنطن استخدامها وميناء واحد من ثلاثة، والسماح فقط لما لا يزيد عن 15 ألف جندي اميركي بالمرور عبر الاراضي التركية الى شمال العراق من اصل 80 ألفاً طالبت واشنطن بمرابطتهم على الاراضي التركية. واكد غل ان هذا الدعم سيكون مشروطاً بشرطين اساسيين اولهما صدور قرار ثان جديد عن مجلس الامن يدين العراق ويوفر الشرعية القانونية والدولية لبدء عمل عسكري ضده، والثاني هو موافقة البرلمان التركي على اعطاء هذا الدعم المحدود للقوات الاميركية. واكد غل خلال ذلك الاجتماع انه لولا موقف تركيا الحالي الرافض لتلبية المطالب الاميركية من دون شروط لكانت العمليات العسكرية ضد العراق بدأت منذ فترة. واشار غل الى ان الرئيس الاميركي جورج بوش كان ارسل اليه خطاباً "غير مهذب" طلب فيه موافقة انقرة الفورية على مطالب واشنطن، "الا اننا اكدنا لواشنطن ان تركيا بلد ديموقراطي ولا يمكن معاملته بهذا الاسلوب. وابدى الجانب الاميركي بعد ذلك تفهماً لموقفنا واسلوبنا في التعامل". وفي حدود هذا الاطار من الدعم سمحت الحكومة للجيش وقائد الاركان حلمي اوزكوك ببدء مفاوضات مفصلة مع نظيره الاميركي ريتشارد مايرز الذي يزور انقرة الاثنين ولكن بشرط عدم تقديم اي وعود او الالتزام بأي موقف في هذه الفترة، اي ان تقتصر المفاوضات على "الفرضيات" والتنسيق المطلوب واللازم في حال تمت الموافقة على المطالب الاميركية. ويتوقع مراقبون في تركيا ان يخيّب هذا الموقف التركي آمال الجنرال مايرز الذي سيحاول انتزاع اكبر قدر ممكن من الدعم التركي لقواته على الجبهة الشمالية للعراق. وتشترط انقرة ايضاً دخول قوات تركية الى شمال العراق بهدف "المراقبة" والحفاظ على المصالح التركية هناك من دون التدخل في الحرب او المشاركة فيها مع القوات الاميركية، التي يفترض انها ستدخل الى الموصل وكركوك في حال تمت الموافقة على هذا السيناريو. وسيحاول الجانب التركي تضييق حدود الدعم اللوجستي الذي تطالب به اميركا الى اضيق الحدود. وكان مايرز مهّد لزيارته لانقرة بدفع الادارة الاميركية الى الموافقة على تقديم ضمانات مصرفية لشراء تركيا 14 مروحية عسكرية اميركية من طراز "هوك". وكانت انقرة تنتظر منذ نحو 3 سنوات الحصول على هذا الضمان المصرفي لإتمام الصفقة. وعلى صعيد المساعي الديبلوماسية التركية لعقد قمة سداسية اقليمية في اسطنبول، ذكرت صحيفة "صباح" نقلاً عن مصادر في الخارجية التركية ان دمشق والقاهرة عارضتا عقد القمة في مدينة اسطنبول لاسباب تاريخية مشيرتين الى ان اسطنبول كانت عاصمة الدولة العثمانية وان عقد القمة الجديدة هناك قد يثير حساسيات تاريخية لدى دول المنطقة. واوضحت الصحيفة ان وزير الخارجية السوري فاروق الشرع رفض عقد الاجتماع على مستوى القادة، واشار الى ان الاجتماع يمكن عقده على مستوى وزراء الخارجية في دمشق. وعلى رغم ان الصحيفة نقلت استياء الاوساط التركية لما وصفته ب"الحساسية العربية الزائدة عن الحد" بالنسبة للموضوع، الا انها اكدت عزم انقرة على المضي قدماً في المشروع لإتمامه. 1