أحيا الفنان علي الحجار مساء الأربعاء حفلة غنائية على المسرح الكبير في دار الأوبرا المصرية ضمن مؤتمر الموسيقى العربية الثاني عشر الذي تحتضنه القاهرة هذه الأيّام. وقدم الحجار في مصاحبة فرقة عبد الحليم نويرة بقيادة صلاح غباشي عشر أغنيات تثبت حضوره كموهبة متفردة في عالم الغناء العربي... نافياً ما يتردد حوله من شائعات تؤكد انه يعيش حالاً من الإحباط والكسل. وقد ووجه الفنان بالتصفيق المتواصل عقب كل أغنية أداها، على رغم غياب التجانس في مناطق كثيرة بينه وبين الفرقة الموسيقية. ويبدو أن الحجار تعامل مع هذة الحفلة كنقطة فاصلة في مسيرته الغنائية ورفع شعار "لكل مقام مقال"، فأطرب جمهوره بأغنيات عدة رأى أنها تمثل إطلالة بانورامية تعكس علامات في مشواره الغنائي الذي عمره ربع قرن، ومزج فيها بذكاء بين الألحان التراثية التي برع في أدائها ومنها موشح "جدد الوصل قد عدمت رقادي" و"عزيز على القلب" التي طالما أداها مع والده الملحن الراحل إبراهيم الحجار. كما قدم أغنيات مثل "جفنه علّم الغزل" من شعر الأخطل الصغير والحان محمد عبد الوهاب و"داري العيون" و"راح توحشيني" لمحمد فوزي... وهي الأغنيات التي أعاد توزيعها وقدمها في ألبوماته الغنائية قبل عشر سنوات. لكنه هذه المرة استهدف من وراء تأديتها ضرب عصفورين بحجر واحد: فهو أولاً غازل جمهور مهرجان الموسيقى العربية وهو يعطي لنفسه مساحة واسعة من الارتجال داخل المقام الموسيقي الواحد. وثانياً أرضى جمهوره من الشباب الذين تعرفوا إلى هذه الأغنيات وطربوا لها بصوته أو بتوزيعات موزعين جدد أبرزهم مودي الإمام. ولم يغيّب الحجار في تلك الليلة الأغنيات التي قدمها لاعمال ومسلسلات درامية مشهورة. وبدأ بأغنية المقدمة لمسلسل "المال والبنون" التي لحنها ياسر عبد الرحمن وكتبها سيد حجاب. وكان للمذكورين نصيب الأسد في أغنيات البرنامج، اذ استمع الجمهور إلى أغنياته الشهيرة في مسلسل "بوابة الحلواني" سواء أغنيات المقدمة التي لحنها بليغ حمدي أو الموشحات التي لحنها عمار الشريعي. وقد أطلّ الشريعي عبر صوت الحجار في أغنية جديدة لم تقدم من قبل في أي حفلة عامة... وهي أغنية "هنا القاهرة" التي غناها الحجار مرتين بناء على إلحاح الجمهور الذي طرب للرسالة السياسية التي تحملها. والأغنية تغازل القاهرة وتهجوها في الوقت نفسه، بلغة شعرية فيها الترادف الموسيقي الذي يميز لغة حجاب. وقد صفق الجمهور طويلاً للمقطع الذي يقول "هنا القاهرة.. صدى الهمس والزحمة والشوشرة/ أسى الوحدة في اللمة والنطورة/ غنا الحب والكذب والمنظرة/ نشا الوش في الوش والافترا". ومن ماضيه الغنائي اختار الحجار الأغنيات التي لحنها له بليغ حمدي الذي اكتشفه وقدمه عام 7197 بأغنية "على قد ما حبينا" من شعر عبد الرحيم منصور. وغنى الحجار أيضاً، من شعر منصور، أغنية "لما انت ناوي على السفر". أما الأغنية الوحيدة التي قدّمها الحجار من ألبوماته الحديثة، فكانت أغنية "عارفه" من كلمات بهاء جاهين ولحن عمر خيرت. وهي أغنية بالغة الرقة والعذوبة شأنها شأن معظم الأغنيات التي قُدمت في هذه الليلة التي نام جمهورها مطمئناً على الصوت المصري الأصيل علي الحجار، ووجد فيه الكثير من بشارات الأمل التي ينقصها فقط أن تعيش الانتصار على لحظة الإحباط العام التي يختلط فيها الغث بالثمين.