استقبل الرئيس المصري حسني مبارك أمس مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى وليام بيرنز وبحثا في آخر تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والجهود المبذولة لتنفيذ "خريطة الطريق" وإزالة العقبات التي تعترض تطبيقها. كما أطلع بيرنز الرئيس المصري على نتائج محادثاته مع رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع أبو علاء في الأردن. وكان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بحث مع بيرنز الليلة قبل الماضية في ازمة عملية السلام بسبب الممارسات والسياسات الإسرائيلية إضافة إلى المسألة العراقية. ووصف موسى محادثاته مع بيرنز للصحافيين بأنها كانت مهمة، بخاصة في ما يتعلق بموضوع مواصلة إسرائيل بناء الجدار العازل والنتائج التي يمكن أن تترتب على المبالغ التي خصمت من ضمانات القروض الأميركية لإسرائيل، كذلك مدى استعداد إسرائيل لاحترام القانون الدولي. وأوضح أن مناقشاته مع بيرنز تناولت مشروع القرار الذي سيعرض على الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص الجدار العازل وإحالة الأمر على محكمة العدل الدولية، مشيرا إلى أن هذا الموضوع استحوذ على الجانب الأكبر من المحادثات. وقال: "إن هذا هو موقفنا وهو مغاير للموقف الأميركي". وأكد موسى ضرورة استمرار الجانب العربي في مساعيه في الجمعية العامة للأمم المتحدة لعرض موضوع الجدار العازل على محكمة العدل الدولية. وقال إن الموضوع ما زال مطروحا في إطار الجمعية العامة وان هناك وجهات نظر مختلفة بشأنه و"هم الاميركيون غير مؤيدين لهذا وإنما ما زال هناك مجال للكلام ومن حقنا وواجبنا أن نعرض الموضوع على محكمة العدل الدولية". وأضاف: "اننا نستمع إلى كل ما يقال عن أن هناك مساعيَ مع إسرائيل وما زال الجدار يُبنى". وقال موسى انه لاحظ تصميما من الجانب الأميركي على تحريك الموقف بين الإسرائيليين والفلسطينيين "ولكن من ناحيتي ما زلت متشائما من الموقف ككل". وأشار إلى أن بيرنز أكد مجددا أن الموقف الأميركي يتمثل في أنهم سيمارسون ضغوطا قوية لدفع المحادثات بين الجانبين حتى يمكن الوصول إلى تقدم. وقال موسى إن بيرنز أشار إلى موضوع تخفيض الولاياتالمتحدة جزءا من ضمانات القروض المقدمة لإسرائيل وإصرار الديبلوماسية الأميركية على ضرورة أن يتخذ كل من الجانبين خطوات للحد من التوتر "غير أنهم يتوقعون تحركا من الجانب الفلسطيني في المسائل الأمنية ووقف إطلاق النار ويتمنون تحقيق ذلك". واستبعد موسى أن تقوم إسرائيل بنفس التوجه في إطار مبدأ الأخذ والعطاء وقال إن الجانب الأميركي يأمل في ذلك و"لكني لست متأكدا". وأشار إلى أن الموقف الأميركي واضح في عدم قانونية بناء المستوطنات ولكن المسألة ليست في الجدل حول هذا ولكن مدى فاعلية التناول الأميركي من اجل وقف بناء الجدار وبناء المستوطنات وتوسيعها. وشدد موسى على أن إسرائيل ليس لديها أية رغبة في وقف بناء الجدار العازل وأنها ما زالت مستمرة في بنائه حتى هذه اللحظة، واصفا الحكومة الإسرائيلية بأنها "متطرفة وتتبع سياسة متطرفة". وعما إذا كانت جولة بيرنز في المنطقة جاءت تحت وطأة الضربات ضد القوات الأميركية في العراق، قال موسى إن وصول بيرنز وغيره من المبعوثين هو نمط من أنماط الديبلوماسية الأميركية وإنما المهم هو مدى الفاعلية "ولدينا الكثير من التجارب عن المساعي ثم ننتهي إلى لا شيء" . من جهته أوضح بيرنز أنه نقل لموسى التزام الرئيس الأميركي جورج بوش بذل كل جهد ممكن لإعادة تنشيط عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس "خريطة الطريق"، معربا عن اعتقاده بوجود فرصة كبيرة الآن لدفع الطرفين لتنفيذ التزاماتهما لإحراز تقدم. وقال إن هذه الفرصة قائمة على رغم الصعوبات. وأكد أن الإدارة الأميركية تعتبر "وثيقة جنيف" مساهمة إيجابية من شخصيات غير رسمية من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ولكن واشنطن "لا يمكن أن تتبنى وجهة نظر غير رسمية" واصفا الوثيقة بأنها مجرد تذكير للجميع بضرورة البدء في المفاوضات وفق "خريطة الطريق" وهو ما يؤكد أن هناك بارقة أمل وطريق أمل بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وحول ما تردد بشأن وجود اتفاق أميركي مع المغرب لإرسال قوات مغربية الى العراق قال بيرنز إن جولته الحالية تشمل المغرب، مشيرا إلى ترحيب بلاده بأي مساهمات من أي من دول الجوار لصالح بناء الأمن والاستقرار في العراق، وأشار بيرنز إلى أنه أبلغ موسى التزام اميركا بمساعدة العراقيين ليستعيدوا السيطرة على بلدهم وشؤونهم بسرعة كبيرة جدا. إسرائيل قلقة من نقل المسألةالى محكمة لاهاي من جهة اخرى، أعرب مسؤولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية عن قلقهم من احتمال أن يستأنف الفلسطينيون مبادرتهم لطرح مسألة بناء الجدار الفاصل امام محكمة العدل الدولية في لاهاي. وكان الفلسطينيون طرحوا قبل أكثر من شهر على الأممالمتحدة مشروع قرار يندد ببناء الجدار ويهدد بالتوجه إلى لاهاي إذا لم تتراجع إسرائيل عن بنائه، لكن دولاً عربية وأوروبية أقنعت المندوب الفلسطيني بشطب التهديد، وهو ما حدث، على أن يتابع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بنفسه التطورات عن كثب ويقدم تقريراً خاصاً للهيئة الدولية، وقد نشره قبل أيام وضمنه انتقادات شديدة اللهجة لإسرائيل على مواصلتها البناء، ما دفع الفلسطينيين إلى إعادة التفكير في التوجه إلى المحكمة الدولية لجرائم الحرب. ونقل موقع الانترنت التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت" عن محافل سياسية أن المستوى السياسي في إسرائيل لا يدرك حجم المعارضة الدولية، بما فيها الأميركية، لمسار الجدار الفاصل، بل بات الأميركيون يعتبرونه "شوكة في عيونهم". وأضافت ان الادعاءات الإسرائيلية التبريرية تبدو واهنة، بل "تهزم نفسها بنفسها"، إذ أن القول بأن الجدار حول قطاع غزة أثبت نجاعته ويحول دون تسلل انتحاريين، يثبت ان بالإمكان إقامة الجدار حول الضفة الغربية بمحاذاة الخط الأخضر ومن دون المساس بمئات آلاف الفلسطينيين، كما الحال الآن، ما يثير حفيظة العالم بأسره.