استبعد أركان اليسار الاسرائيلي ومعلقون بارزون أن يحمل خطاب رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون، في مؤتمر هرتسليا الخميس المقبل، جديداً مثيراً الى درجة الاعلان عن مبادرة سياسية حقيقية لحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي، فيما نقل عن أوساط قريبة منه أنه سيأخذ في الاعتبار تحذير الرئيس الأميركي جورج بوش اسرائيل من مغبة اتخاذ خطوات من جانب واحد تعرقل قيام دولة فلسطينية. وأضافت ان شارون سيوضح في كلمته انه لن يقدم على خطوات كهذه إلا في حال تبين "بشكل قاطع" ان "خريطة الطريق" الدولية لفظت أنفاسها الأخيرة "جراء غياب شريك فلسطيني مستعد لتنفيذ الاستحقاقات الفلسطينية الواردة في الخريطة". وقال زعيم المعارضة البرلمانية شمعون بيريز ان لا توقعات جدية لديه من خطاب شارون المنتظر في هرتسليا لأنه لا يملك الجرأة على اتخاذ خطوات حقيقية وفعلية "بعيداً عن التنصل والتهرب من المسؤولية وعن إرجاء كل مبادرة سياسية"، فيما سخر الوزير العمالي السابق يوسي بيلين من "الترقب والانفعال" ازاء ما سيدلي به شارون، وقال انه لو كان جدياً لطرح ما عنده من مشروع على حكومته وشرع في التطبيق. من جهته، قال نائب رئيس الحكومة وزير العدل يوسف لبيد ان اسرائيل ستتفادى مواجهة مع حليفتها الكبرى، الولاياتالمتحدة، وانها ستسعى الى تسوية الخلافات في الرأي، ورأى مراقبون في تصريح لبيد هذا رسالة الى واشنطن تقول بأن شارون لن يتسرع في الاعلان عن نيته تنفيذ خطوات تفرض حقائق جديدة على الأرض ترفضها الإدارة الأميركية، وسيكرر تمسكه ب"خريطة الطريق" أساساً لحل النزاع "وعلى رغم أنها مجمدة لكنها ما زالت سارية المفعول" على ما قال لبيد. ورأت أوساط سياسية اسرائيلية ان لهجة الانتقادات الأميركية التي صدرت عن الرئيس بوش ووزير خارجيته كولن باول أواخر الاسبوع الماضي ستتبدل حين يطلع المسؤولون الأميركيون على تفاصيل خطة شارون. وكتب المعلق السياسي في صحيفة "هآرتس" ألوف بن ان شارون سيكرر، في هرتسليا، التزامه اقامة دولة فلسطينية تتمتع بتواصل جغرافي، كما أعلن في قمة العقبة في حزيران يونيو الماضي، ملوحاً في الآن ذاته بفكرة اتخاذ خطوات من جانب واحد "بعدما يتبين على نحو لا يقبل التأويل ان تطبيق خريطة الطريق غير ممكن" وذلك بهدف تقليل الاحتكاك بين جيش الاحتلال والفلسطينيين و"خلق ظروف تمنح اسرائيل أقصى درجة من الأمن". وتابع ان شارون قد يتحدث عن "خطوات أولية" سيتخذها قريباً تمكنه من الادعاء ان الهدف منها إعادة بناء الثقة تمهيداً لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، لكنها في واقع الأمر خطوات سيتخذها سواء عبر اتفاق مع الفلسطينيين أو ضمن اجراء احادي الجانب "وتكون محدودة ومقلصة" تشمل إخلاء مستوطنات معزولة واعادة انتشار جيش الاحتلال. وأضاف المعلق ان شارون، من منطلق حرصه على عدم التصادم مع واشنطن، وهو الذي يعتبر العلاقات معها الأفضل بين البلدين منذ انشاء الدولة العبرية، سيوضح في كلمته ان الاجراءات الاحادية الجانب التي ستتخذها اسرائيل "أمنية وليست سياسية" على غرار ادعائها ان الجدار الفاصل الذي تقيمه انما هو "لدوافع أمنية لا سياسية". وقال ان رئيس الحكومة لا ينوي الاعلان عن ضم أراض من الضفة الغربية الى تخومها "نظراً لالتزامها اتفاقات أوسلو التي تحظر أي اجراء يملي التسوية الدائمة ويمس بمكانة الضفة الغربية وقطاع غزة". ووفقاً لمصادر قريبة من شارون فإن مثل هذه التصريحات ستكون مقبولة لدى واشنطن على أن "تتبعها محاولات اسرائيلية لاقناع الإدارة الأميركية بأن مصير حكومة احمد قريع أبو علاء لن يختلف عن سابقتها وستؤول الى السقوط، ما يعني انهيار خريطة الطريق" وعندها لن يكون أمام اسرائيل سوى اتخاذ "الخطوات الاحادية الجانب" التي يحلم بها شارون.