شكك محللون اسرائيليون في جدية نيّة رئيس الحكومة الاسرائيلية آرييل شارون الاقدام على "خطوات من جانب واحد" تجاه الفلسطينيين، كما اعلن مساء اول من امس، ورأوا ان جلّ همّ شارون، وبنصيحة مستشاريه، استعادة شعبيته المتناقصة في أوساط الاسرائيليين وعدم تأجيج الخلاف مع واشنطن التي باتت تنتقد سياسته علناً، وذلك من خلال التظاهر بالاعتدال والعودة الى الحديث عن "تنازلات مؤلمة" في مقابل تحقيق السلام. وكانت مصادر سياسية مطلعة توقعت قبل ايام ان يبادر شارون الى اطلاق افكار سياسية جديدة لتلافي مزيد من الانتقادات الداخلية على انسداد الافق السياسي ولاستباق ضغوط اميركية فعلية قد تضطره الى اتخاذ خطوات يرفضها وحكومته اليمينية. لكن المصادر حرصت على الاشارة الى ان الخطاب المتوقع ان يلقيه شارون في "مؤتمر هرتسليا" الوشيك لن يعدو كونه كلاماً منمقاً من دون ان تكون لديه نية حقيقية لترجمته على ارض الواقع. وكتبت صحيفة "هآرتس" امس ان شارون خطط للاعلان عن "الخطوات الأحادية الجانب" التي تستهدف التسهيل على الفلسطذينيين في الخطاب الذي ألقاه أول من أمس في "مؤتمر التصدير والتعاون الدولي" في تل ابيب، لكنه عدل عن قراءة النص الجاهز وبتر خطابه بعد ان رأى ان التفجيرات في تركيا حرفت انظار الاسرائيليين والعالم عن العملية السلمية في المنطقة "وهو الذي أراد مفاجأة الاسرائيليين ووسائل الاعلام بمبادرة سياسية جديدة". وتابعت الصحيفة ان شارون ومعاونيه يبحثون منذ اسابيع عن افكار تقوم عليها مبادرة سياسية جديدة تشمل اتخاذ خطوات للتسهيل على الفلسطينيين و"لإعادة الاوضاع في المناطق الفلسطينية المحتلة الى ما كانت عليه عشية اندلاع الانتفاضة. ورأى المعلّق السياسي في الصحيفة ألوف بن ان شارون قلق حقاً من المعارضة الاسرائيلية المتنامية لسياسته المتشددة اكثر من قلقه من الانتقادات التي وجهها له الرئيس جورج بوش الاسبوع الجاري في لندن. وزاد ان شارون غدا يتهم وسائل الاعلام العبرية بلعب دور في تصوير الاوضاع الداخلية بسوداوية وانها لم تعد ايجابية في تعاطيها معه وسياسة حكومته، وتعمل على "اضعاف الشعب الاسرائيلي بدلاً من تقويته" وتزعزع ثقته من خلال نشر امور غير صحيحة. وتابع ان شارون "لا يبدو منفعلاً" من انتقادات بوش لادراكه ان الرئيس الاميركي منشغل اكثر في الانتخابات الرئاسية الاميركية ولن يمارس ضغوطاً على تل ابيب. وقالت مصادر سياسية ان رئيس الوزراء الاسرائيلي لا يرى ان حديث بوش تضمن اي جديد يتعلق باسرائيل بل ان اهم ما جاء فيه، دعوته اوروبا عدم التقاء الرئيس ياسر عرفات ووقف ظاهرة العداء للسامية المتفشية في اراضيها: "اما اقواله حول وجوب ان تكف اسرائيل عن اذلال الفلسطينيين وعدم القيام باجراءات تعرقل التوصل الى تسوية دائمة فقد سمعناها مراراً من الاميركيين". ولم تكشف المصادر عن طبيعة "الخطوات الأحادية الجانب" التي عناها شارون في خطابه، لكنها توقعت ان تصبّ اساساً في منح الفلسطينيين تسهيلات في الحركة وتخفيف الحصار العسكري المتواصل على اراضيهم واستئناف ازالة بعض النقاط الاستيطانية "غير القانونية"، لكنها استبعدت ان يتحلى شارون بجرأة اخلاء المستوطنات في قطاع غزة، وهو مطلب يدعمه معظم الاسرائيليين. الى ذلك، ادعت المصادر ان وزارة الخارجية الاسرائيلية تستعد هي الاخرى لادخال تسهيلات للفلسطينيين تمهد ل"مناخ ملائم" لاستئناف الحوار السياسي وتمهيداً للقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي والفلسطيني شارون واحمد قريع ابو علاء الذي قد يتم ارجاؤه الى مطلع الشهر المقبل.