استحوذ تراجع الشيخ علي الخضير، أحد مراجع الفكر الاسلامي المتطرف في السعودية عن فتاويه السابقة التي تكفر بعض الشخصيات السعودية وتدافع عن الأعمال الارهابية وتحرم الابلاغ عن مرتكبيها، خلال لقاء مع التلفزيون السعودي، على اهتمام الاوساط السعودية كافة. وأصبح المجالس وشكل مادة خصبة للمنتديات السياسية الحوارية على شبكة الانترنت حيث طالب بعض روادها بالافراج عن الخضير بعد تراجعه عن مواقفه السابقة وفتح المجال امامه لدعوة المتطرفين من الشباب الاسلامي كونه من أقرب المشايخ اليهم. كما تتوقع الاوساط السعودية ان تشهد الأيام المقبلة عودة للشيخين ناصر الفهد وأحمد الخالدي عن مواقف مماثلة في حوارات قد يجريها التلفزيون السعودي معهما على غرار الحوار الذي اجراه الشيخ عايض القرني أحد رموز التيار الاصلاحي في السعودية مع الخضير. وفي اتصال اجرته "الحياة" مع عدد من المفكرين والكتّاب السعوديين، اعتبر الدكتور تركي الحمد الكاتب السعودي المعروف الذي كان الخضير كفره واثنين من زملائه، التراجع عن الفتاوى السباقة "تغييراً في لغة الخطاب الديني". وأثنى على "الشجاعة التي أبداها الشيخ الخضير في تراجعه عن مواقفه السابقة، الأمر الذي يؤكد ان المسألة لا تعدو كونها قضية اجتهادية قد يخطئ فيها المجتهد وقد يصيب". وتمنى ان "تتأتى هذه الشجاعة لآخرين". وأضاف الحمد: "ان الايمان لا يمكن لأحد ان يقرره عن الآخرين أو يوزعه عليهم، ولا يصح ان يتهم غيره بعدم الايمان". ودعا الى "ضرورة ان نسمو بالدين بحيث لا يكون ورقة من أوراق اللعب السياسي"، كما حذر من "التساهل في مسألة التكفير نظراً لتأثيرها على مصائر الناس ومستقبلهم". لكن المحامي الدكتور عبدالعزيز القاسم، أحد رموز التيار الاصلاحي في السعودية، أبدى مأخذاً على الطريقة التي تم فيها الحوار مع الشيخ الخضير. ورأى انها "لم تكن تتسم بالصدقية الكافية. وكان في الامكان الاستفادة من القناعة الجديدة لدى الخضير عن طريق اظهارها بطريقة أكثر اقناعاً وأكثر رصانة". لكن القاسم توقع ان يكون لعودة الخضير عن مواقفه السابقة "تأثير على طائفة من شريحة المتشددين وليس على الحلقة الصلبة منهم"، مشيراً الى ردود تشكيكية اطلقها بعضهم على مواقع على الانترنت. ودعا ازاء ذلك الى "استثمار الحوار على الصعيد الاجتماعي". كما توقع "ان يكون ظهور ناصر الفهد وأحمد الخالدي اللذين اعتقلا مع الخضير في المدينةالمنورة في حزيران يونيو الماضي، بشكل مختلف، وان يعلنا تراجعاً عن تكفير الغير وان يدينا العمليات الارهابية من دون التراجع عن اصول الفكرة". ومن جانبه، أبدى الدكتور توفيق القصير الكاتب والاكاديمي السعودي والرئيس السابق للندوة العالمية للشباب الاسلامي سعادته بهذا التراجع، وأعرب عن الأمل بأن "ينعكس ايجاباً على اليافعين من الشباب الاسلامي مثل ما اثرت فيهم الاجتهادات السابقة للشيخ الخضير". ودعا غيره من المشايخ الذين يحملون مثل هذه الافكار الى العودة عنها وان "لا يعطوا عن الاسلام الصورة التي تصمه بالعنف والتساهل في استئصال أرواح الآخرين". وقال إن "الاسلام رسالة عالمية ينبغي ان يصلح لكل زمان ومكان ويفتح آفاقاً واسعة لحياة الانسان ولمستقبله، فلا يعقل ان يكون بهذه الحدة والتعامل بالسيف مع الآخرين".