قال تقرير رسمي يمني ان تنفيذ سياسات الاصلاح الاقتصادي ساهم في خلق آثار سلبية على فرص التشغيل وأدى الى تراجع مستوى المعيشة. وأوضح التقرير الذي أعدته لجنة الاصلاح الاداري والتأمينات والتنمية في مجلس الشورى أن الاصلاح الاقتصادي أسفر عن وقف التوظيف في الجهاز الحكومي والعام الى جانب تخصيص بعض المؤسسات والركود الاقتصادي وارتفاع أسعار الخدمات ومحدودية الطلب على اليد العاملة مما رفع نسبة البطالة الجامعية. ذكر تقرير رسمي في اليمن امس أن من بين النتائج السلبية للاصلاحات الاقتصادية تراجع مستوى المعيشة لقطاع واسع من السكان وزيادة سوء عدالة توزيع الدخل وتراجع مستوى الخدمات الأساسية على رغم التوسع الكمي مما أثر في نوعية هذه الخدمات. غير أن التقرير لفت الى بعض النتائج الايجابية التي تحققت في اطار الاصلاحات ومنها تحسين معدل نمو الاقتصاد القومي والحد من اختلال توازن الاقتصاد الكلي وتحسين كفاءة تخصيص الموارد الاقتصادية وتحسن وضع الحساب الجاري وميزان المدفوعات. وقال ان مديونية الحكومة من الجهاز المصرفي المحلي والبالغة العام 9419 نحو 376 في المئة من اجمالي الايرادات العامة تحولت الى فائض لدى الجهاز المصرفي بما نسبته 9 في المئة العام 2001، وتراجع المديونية العامة الخارجية وارتفاع الاحتياطات الخارجية بدرجة كبيرة. ورأى التقرير أنه يلزم لحل مشكلة البطالة اتخاذ تدابير تحد من النمو في عرض الأيدي العاملة وتزيد من الطلب عليها، وذلك يقتضي التنفيذ الجاد لسياسات واجراءات الخطة الخمسية الثانية الرامية الى تخفيض معدل النمو السكاني والحد من تسرب الطلاب في المدارس، وتعزيز خدمات تنظيم الأسرة وتحسين الخدمات التعليمية. وتشير توقعات الخطة الخمسية الثانية 2001 2005 الى زيادة اجمالي قوة العمل بحوالى 876 ألف فرد بنمو سنوي مقداره 3.8 في المئة مقابل زيادة أعداد المشتغلين من 3.7 مليون الى 4.6 مليون عامل. واستعرض التقرير الأبعاد المختلفة للقوى العاملة ودور القطاع الخاص والصناعي وقطاع الاستثمار وجهود الحكومة والسياسات المالية والنقدية وقطاع الزراعة والأسماك وقطاع البيئة والسياحة. ويساهم القطاع الخاص بحوالى 99 في المئة من اجمالي الناتج الزراعي ويستوعب معظم قوة العمل وحوالى 60 في المئة من اجمالي القوى العاملة، ووصلت مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي الى حوالى 16.66 في المئة. وفي القطاع الصناعي تتركز النسبة العظمى من المنشآت الصناعية في القطاع الخاص اليمني، اذ بلغت حوالى 95 في المئة من اجمالي المنشآت. واذا ما تم استبعاد منشآت المياه والكهرباء فان التوزيع النسبي لمنشآت القطاع الخاص ستزداد الى 97- 98 في المئة، وعند اضافة القطاع الخاص الأجنبي فان النسبة ستصل الى99 في المئة. وأوضح التقرير الذي نشرت ملخصاً له صحيفة "26 سبتمبر" الحكومية أن القطاع الخاص يهيمن على النشاط التجاري وبالأخص بعد اعتماد الدولة سياسة تحرير التجارة وازالة القيود الكمية، وبالتالي احلال قوى السوق وحرية المنافسة وتقليص تدخل الدولة في النشاط التجاري. وأشار الى ان المرحلة المقبلة ستشهد تحديات غير مسبوقة للقطاع الخاص خصوصاً وأن اليمن يسعى الى الانضمام لمنظمة التجارة العالمية. ولاحظ التقرير أن القطاع الخاص يحتل الريادة في باقي القطاعات الاقتصادية الأخرى، مثل قطاع النقل والمواصلات، كما يسهم في تنمية القطاع السياحي ويقوم بدور مكمل لدور الدولة في توفير مشروعات البنية التحتية في الريف وبالأخص في مجال الكهرباء والمياه، كما يشارك في النهوض بالمستوى التعليمي والصحي. ومع كل هذا يرى مجلس الشورى أن دور القطاع الخاص أقل بكثير من امكاناته وطاقاته الانتاجية المتاحة، ومن المهم اطلاق هذه الطاقات بسياسات اقتصادية محفزة ومساندة ليتمكن القطاع من خلق فرص عمل منتجة، وبالذات الأنشطة الكثيفة العمالة كالزراعة والانشاءات والصناعات الصغيرة والصناعات الاستراتيجية والسياحية. ورصد التقرير العديد من التحديات والصعوبات التي تواجه القطاع الخاص والتي تعيق نمو طاقاته الانتاجية والاستثمارية وترفع من تكاليفه وتضعف من قدراته التنافسية في الأسواق المحلية والخارجية. وقال ان القطاع الخاص اليمني على المستوى الداخلي يواجه صعوبات جمة منها الادارية والقانونية والأمنية، وتلك المتعلقة بقصور البنية الأساسية والأنشطة المضادة كالتهريب والغش التجاري وتزييف العلامات التجارية، كما أنه من ناحية أخرى يواجه تحديات خارجية أبرزها تحديات العولمة والمنافسة المفتوحة وتكنولوجيا الانتاج وأساليب التسويق والنفاذ الى الأسواق الخارجية. وحول القوى العاملة في القطاع الصناعي يقول تقرير مجلس الشورى أن اجمالي عدد هذه القوى زاد في الفترة 9619-2001 من نحو 107 ألاف عامل الى ما يقارب 124 ألفاً بزيادة قدرها 17 ألفاً وبمعدل نمو سنوي 3.04 في المئة كمتوسط سنوي. وتشكل القوى العاملة في القطاع الصناعي نسبة 3.4 في المئة من الاجمالي الكلي لعدد القوى العاملة في البلاد. وأشار التقرير الى أن القوى العاملة في القطاع الصناعي متمركزة في فروع الأنشطة الصناعية حيث تستحوذ الصناعات الغذائية والمشروبات على نسبة 33.3 في المئة، ثم الصناعات اللافلزية ومنتجات المعادن المشكلة وجمع وتنقية وتوزيع المياه وعدادات الكهرباء وصنع الملابس ودبغ الفراء ومنتجات الخشب باستثناء الأثاث وصنع المنسوجات ومشتقات النفط المكررة والمنتجات البلاستيكية والكيماوية ومنتجات التبغ والحقائب والأحذية والورق ومشتقاته ومعدات النقل الأخرى. وخلص الى أن المنشآت الصناعية الصغيرة تحتل المرتبة الأولى في نسبة متوسط عدد المشتغلين من أصحاب المنشآت وافراد أسرهم اذ تصل الى نحو 96.3 في المئة تليها الصناعات المتوسطة بنسبة 36.2 في المئة، وتأتي المنشآت الصناعية الكبيرة في المرتبة الثالثة بنسبة 1.2 في المئة من اجمالي متوسط عدد العاملين. لكن المنشآت الكبيرة تستحوذ على 86.2 في المئة من اجمالي متوسط عدد العاملين تليها المنشآت المتوسطة بنسبة 59.2 في المئة ثم المنشآت الصغيرة بنسبة 28.8 في المئة. وقال التقرير أن عدد المشروعات الاستثمارية التي رخصت لها الهيئة العامة للاستثمار بلغ 4507 مشاريع بكلفة استثمارية مقدارها اكثر من 837 بليون ريال، ومن المتوقع في حال تنفيذها أن توفر 145 ألف فرصة عمل. غير أن الاحصاءات أظهرت أنه تم تنفيذ 53 في المئة مما جرى الترخيص أو التسجيل له وهي نسبة متواضعة قياساً بالطموحات والآمال المعقودة على المشروعات الاستثمارية. وشدد التقرير على أهمية التركيز على اصلاح المناخ الاستثماري بغية تشجيع المزيد من الاستثمارات المحلية والعربية والاجنبية، وكذلك على أهمية قيام مشروعات عملاقة يحتاج تنفيذها الى تشغيل الآلاف من العمالة الفائضة، واستيعاب اكبر عدد من العمال مثل بناء طرق سريعة بين المدن بمواصفات دولية تربط جنوب اليمن بشماله وغربه بشرقه. وقال في توصياته لمحور الصناعة ان الرؤية الواسعة والشاملة للمشكلة يجب أن تعالج بصورة صحيحة في ظل الاصلاحات الادارية التي يجب أن تقوم بها الدولة من خلال ايجاد مصادر حيوية للانتاج والدخل وزيادة التوظيف. واقترح مجموعة من الاجراءات لتعزيز هذه الأهداف منها رفع مستوى التعليم والتأهيل والتدريب للقوى العاملة في القطاع الصناعي وتنمية وتطوير المنشآت الصناعية. وأكدت لجنة الاصلاح الاداري والتأمينات والتنمية في تقريرها على ضرورة الاهتمام بأن يقوم القطاع الصناعي بدور كبير في معالجة ظاهرة البطالة، فهو بشقيه التحويلي والاستخراجي لا يستوعب سوى أقل من 5 في المئة من اجمالي العاملين في كافة قطاعات الاقتصاد الوطني، ولم يستوعب سوى 3.8 في المئة من اجمالي العاملين في الاقتصاد الكلي. وقال التقرير أن فترة الخطة الخمسية الاولى 9619 2000 شهدت زيادة صافية في أعداد المشتغلين بحوالي 639 ألف عامل، استوعب قطاع الزراعة منهم 60.2 في المئة ثم قطاع التجارة 19.1 في المئة وقطاع الخدمات الحكومية 12.4 في المئة. وفي حين استحوذت قطاعات الزراعة والتجارة والخدمات الحكومية على 95 في المئة من صافي النمو في أعداد المشتغلين ومعها الصناعات الاستخراجية والتحويلية والبناء والتشييد، فان قطاعات الكهرباء والمياه والنقل والاتصالات والتمويل والعقارات والخدمات الاجتماعية والشخصية شهدت استقراراً أو تراجعاً في اعداد العاملين فيها. وأوضح التقرير ان الخطة الخمسية الثانية 2001-2005 استهدفت الحد من ظاهرة الفقر وتخفيف وطأته عن طريق خلق فرص عمل بحيث يتم تخفيف نسبة الفقر المطلق فقر الغذاء الى 21.7 في المئة في نهاية الخطة، وأيضاً زيادة معدلات التشغيل لاستيعاب الزيادة السنوية في قوة العمل وتخفيف البطالة بمفهومها الشامل الى 22 في المئة.