خرجت عمليات التجميل من نطاقها المعتاد لتتجاوز حدود الفتيات وتصل الى الجنس الآخر. والسؤال المطروح: هل يلجأ الشباب الى عمليات التجميل من باب الصرعة والموضة، أم أنها ضرورة ملحة لا سبيل غيرها؟ ن. ن. من عائلة ثرية جداً يعيش معظم ايام السنة خارج البلاد العربية، وأجرى أكثر من عملية تجميلية. عن تجربته يقول: "كنت أعاني مشكلة حقيقية في الأنف، فقد كان حجم أنفي كبيراً جداً حتى اصبح مصدر سخرية من زملائي في أيام الدراسة الأمر الذي أثر في نفسياً وجعلني أقرر متابعة دراستي الثانوية والجامعية خارج السعودية. وهناك قررت اجراء جراحة تجميل لأنفي لتتوالى بعدها العمليات وآخرها تطويل القامة 4 سم، وذلك بإضافة بعض الفقرات تحت الركبة. إلا ان هذه العملية كان سببها التحاقي بالعمل في المجال التلفزيوني كعارض ازياء". ويضيف: "بالنسبة لي لم يكن هناك أي مشكلة، فلم أكن أعاني من الأمراض المزمنة كالسكري، أو الضغط أو ما شابه لأخاف من الجراحة، وإذا نظرنا من حولنا نجد الكثير من النجوم، وحتى من الناس العاديين، يلجأون اليها ولا يستغربها المجتمع، وان كان معظمها من قبيل التجميل والموضة ليس إلا". فادي 20 عاماً يرى ان التغيير من أجل التغيير فقط شيء جميل. ويعتقد ان العديد من الشباب، خصوصاً ممن هم دون العشرين، يحبذون تغيير أشكالهم بين الحين والآخر، "فهم يتفننون مثلاً بتغيير لون شعر بإضافة الصبغات التي تستعملها الفتيات، أو من خلال استحداث اشكال غريبة في حلاقة الشعر أو الذقن". ويتحفظ فادي ان "الجراحة لأنها مخيفة ومكلفة في الوقت نفسه، والأسهل هو التغيير المتاح، ولا أجد أن مثل هذه الأشياء تنتقص من الرجولة، فكلها تدخل لإضفاء لمسة جمال يحتاجها الإنسان بين وقت وآخر". وعن العمليات الجراحية التي بدأت بالانتشار في المجتمع السعودي يقول: "اعتقد ان النساء لا زلن في الطليعة على هذا الصعيد". فيصل اسلام لجأ الى العملية التجميلية بعد حادث مروري أثر على الفك والفم في شكل ملحوظ ما دفع به الى طرق أبواب عيادات أطباء التجميل. ويوضح ان عمليات التجميل تكون أحياناً ضرورة ملحة. ويضيف: "عند تعرضي للحادث أجريت أكثر من عملية لتصحيح الفك، إلا أن العمليات تركت أثراً واضحاً وجعلتني خجلاً من شكلي فطرقت هذا الباب بعد النصائح الطبية البحتة التي أشارت علي بمراجعة عيادات أطباء التجميل". أجرى فيصل ما يقارب الخمس عمليات لتصحيح الفك نتج عنها تشوه واضح في الفم وخصوصاً في الشفة العليا، وكان لا بد من اجراء عملية تجميل. وفيما يرى بعض الشباب ان "الرجل لا يعيبه الا جيبه" كما أقنعتهم المورثات الثقافية للمجتمعات العربية، يجد ناجي ان السمنة المفرطة التي عانى منها حتى سن الثلاثين والتي جعلت الكثير من الفتيات يرفضنه كعريس، ان عملية شفط الدهون، أو أي من العمليات التي تؤدي في النهاية الى انقاص الوزن هي من باب الضرورة وليس من قبيل الرفاهية. ويضيف انها في مثل حالته كانت الحل الوحيد لتصحيح وضعه الخارجي وزيادة ثقته في نفسه. ويرى الدكتور عبدالعزيز أبو زرارة، استشاري الصحة النفسية في جدة، اللجوء الى العمليات التجميلية بين الشباب، "أساسها السعي والرغبة في الحصول على صورة أجمل. ولا تقتصر هذه العمليات على اصلاح عيب أو تشوه خلقي، بل تعدته الى ما يسمى بالعمليات الكمالية، وهي تتركز على فئتين عمريتين، الأولى وهي مرحلة المراهقة التي تتأثر بالأجواء العصرية والصور التي تنقلها الفضائيات، ما يغير من منظورها الى الجمال، الذي صار في نظرها أساساً للتفوق والاحترام والقبول. أما الفئة الثانية، فمرتبطة بسن الاقتراب من الكهولة، فيقوم الشخص بعمليات شد الوجه، وتركيب اسنان اصطناعية وغيرها من الأمور. وبما أننا نعيش في عالم صار فيه عدم التقبل الاجتماعي من المخاطر التي تهدد الفرد، وانتشار معتقد ان الأكثر جمالاً هو الأكثر قبولاً وشعبية في المجتمع، اصبح كل من لديه القدرة على اصلاح العيوب الخلقية يهرع الى العمليات التجميلية".