لاحت بوادر أزمة سياسية هي الأسوأ في روسيا منذ عشر سنوات، بعدما أسفر اعتقال البليونير ميخائيل خودوركوفسكي رئيس مجموعة "يوكوس" النفطية العملاقة عن انقسام حاد في الأوساط السياسية والاقتصادية، وحذّر خبراء من عواقب ما وصف بأنه انقلاب في سياسة الكرملين تجاه "الحرس القديم" في روسيا. وكان الثري اليهودي الذي يعد أغنى أغنياء روسيا وتصل قيمة ثروته الى نحو ثمانية بلايين دولار اعتقل الجمعة الماضي ووجهت اليه النيابة العامة قائمة اتهامات شملت التورط في قضايا فساد واختلاس أموال عامة تصل قيمتها الى مئات الملايين من الدولارات اضافة الى التهرّب من الضرائب. وفجر اعتقال خودوركوفسكي جدلاً ساخناً بين السياسيين ورجال الأعمال الروس وأحدث انقساماً هو الأسوأ منذ عام 1993 عندما أمر الرئيس السابق بوريس يلتسن بقصف مبنى البرلمان الروسي الذي تحصّن في داخله معارضوه. وتأتي الأزمة الجديدة قبل أسابيع من انتخابات برلمانية مقررة في بداية كانون الأول ديسمبر المقبل ما أسفر عن دفع المواجهة الجارية بين الكرملين وحيتان المال في روسيا والتي اعتبر اعتقال خودوركوفسكي تتويجاً لها الى رأس قائمة اهتمامات الاحزاب السياسية ووسائل الاعلام. وكانت جهات سياسية واقتصادية اتهمت الكرملين بتصعيد الموقف، وحذّرت من "عواقب وخيمة" على الصعيد الاقتصادي قد يسببها تسرب واسع للرساميل من روسيا بعد تزايد المخاوف من "اجراءات بوليسية" تمارسها السلطات ضد رجال المال. وشكّل ممثلو عدد من كبريات المجموعات الصناعية والاقتصادية الروسية "مجموعة طوارئ" تحسباً لتدهور محتمل، وطالبوا الرئيس فلاديمير بوتين بتدخل عاجل لمنع تفاقم الأزمة. لكن مصادر قريبة من الكرملين اعتبرت امس ان التلويح بأزمة سياسية هو عملية مفتعلة تهدف الى عرقلة التحقيق في ملفات الفساد في روسيا. وخطا بوتين خطوة اضافية امس في المواجهة القائمة عندما أعلن رفضه الاجتماع مع سياسيين وممثلين عن أوساط الاعمال لبحث تداعيات قضية مجموعة "يوكوس" النفطية، وشدد على انه "لن تكون هناك اي مساومة حول عمل أجهزة القضاء". الى ذلك، اعتبر محللون روس ان التطورات الجارية شكلت بداية انقلاب في سياسة الكرملين تجاه ما يوصف بأنه "الحرس القديم" وهي مجموعات الضغط التي حافظت على نفوذ سياسي واسع منذ عهد يلتسن.